بعد بضعة أسابيع من وقوع فيضانات جارفة بالمغرب، حسم مجلس النواب أخيرا في تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الخسائر التي عرفتها عدد من المناطق الجنوبية، جرّاء الفيضانات التي تسببت فيها الأمطار الاستثنائية خلال شهر دجنبر من السنة الماضية. وقال مصدر برلماني إن رؤساء الفرق النيابية اتفقوا، بعد عدد من الاجتماعات والاتصالات، على تشكيل لجنة للتقصي في "الخسائر الكارثية للفيضانات"، مشيرا إلى أن اتخاذ القرار لم يكن سهلا، واحتاج إلى ساعات من التداول بين الأغلبية فيما بينها، والمعارضة فيما بينها، ثم بين المعارضة والأغلبية. وأكد المصدر أن جميع رؤساء الفرق النيابية اتفقوا على أن الخسائر كانت كبيرة، وأنها لا يجب أن تكون محط مزايدات أو استغلال من أي طرف سياسي، موضحا أن هدف لجنة تقصي الحقائق هو الوقوف على الأسباب الحقيقة وراء حجم الخسائر، على مستوى البنية التحتية، وعلى مستوى تدخل المسؤولين قبل وأثناء الفيضانات. وأبرز مصدر هسبريس أن اللجنة ستتشكل من 14 نائبا، ثلاثة منهم من فريق العدالة والتنمية، واثنان لكل من الفريق الاستقلالي، والفريق الاشتراكي، وفريق الأصالة والمعاصرة، والأحرار، ونائب عن كل من الفريق الحركي و"الدستوري" و"التقدم الديمقراطي". وأضاف المتحدث، الراغب في عدم الكشف عن هويته، أن إسناد رئاسة اللجنة ما يزال يثير نقاشا داخل مجلس النواب، مردفا أن الفريق الاشتراكي طالب بالرئاسة، مستندا إلى ما اعتبره أحقية للمعارضة في ترؤس المبادرات الرقابية، في وقت كان فيه الاتفاق أن تُسند رئاسة اللجنة لفريق العدالة والتنمية، الذي سيكون مقررا للجنة في حالة إسناد رئاستها للمعارضة. وكان رئيس فريق العدالة والتنمية، عبد الله بووانو، قد طالب بعيد الفيضانات في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لتحديد الأسباب التي كانت وراء ارتفاع حجم الخسائر، وهو ما وافقه عليه ادريس لشكر، رئيس الفريق الاشتراكي في الجلسة ذاتها، معلنا دعم فريقه لهذا المطلب. وجدير بالذكر أن دستور 2011، ينص في الفصل 67 على أنه "تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة"، وهو ما اعتبر تيسيرا في مساطر تشكيل هذه اللجان، بعد أن كان الدستور السابق يفرض توفر الأغلبية لتقديم طلبات تشكيل لجان تقصي الحقائق.