من بعيدٍ يبْدو سور المدينة العتيقة لسلا، بأبوابه الكبيرة، وزخارفه، شامخاً، غيْر أنّ زائرَ سلا العتيقة كُلّما دَنا من السور التاريخي، الذي يمتدّ طُوله على مسافة 4.3 كيلومترا، بحسَب المعُطيات المُسجّلة على لوحة صغيرة نصّبتها وزارة الثقافة عند إحدى زوايا السور، يكتشتفُ أنّ هذه المعلمة التاريخية ترزحُ تحت وطأة إهمالٍ لا تخْفى على العيِن. وتعودُ أقدمُ أجزاء سور مدينة سلا القديمة إلى العصر المرابطي (1054-1146 ميلادية)، وتقول لوحة وزارة الثقافة المُنصّبة بتاريخ 18 أبريل 2013، إن أغلبَ الأبواب التي تخترقُ السور ما يزال قائما، لكنْ كيف هو حالها؟ وكيْف هو حالُ السور، بشكل عام؟ من خلال إلقاء نظرة أولى على السور، تظهر مساحات منه وقدْ فقدتْ طلاءها الطيني، دون أن يتمّ إعادة ترميم ما فُقد، وعند بعض الزوايا ثمّة أزبال لم تطلْها مكانسُ عمّال النظافة منذ مدّة، بل إنّ السور في أماكن أخرى صارَ "مرحاضا" مفتوحا يقضي فيه المارّة حوائجهم الطبيعية، دونَما اكتراث بقيمته التاريخية. وفي الوقت الذي ينهمكُ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وبنْك المغرب، على احتساب الثروة غير المادّية للمغرب، يعيشُ سور المدينة العتيقة لسلا –كغيره من المآثر التاريخية في المغرب- تحت وطأة الإهمال، ويكفي أن يُلقيَ الزائر نظرةً على باب "دار الصناعة"، الذي بناه السلطان أبو يوسف المريني سنة 658/1261، ليتأكّد من ذلك. تقول المعلومات الواردة في لوحةٍ تعريفية لوزارة الثقافة منصّبة عند "باب دار الصناعة"، الذي أشرف على أشغاله المهندس الأندلسي محمد بن الحاج الإشبيلي، إنّ عشرات السفن صنعت بداخل دار الصناعة، وشاركت في "الحروب الجهادية" بالأندلس. هذا المكان، الذي كانتْ تُصنع فيه السفن الحربيّة في القرون الغابرة، صارَ اليوم "مزبلة حقيقية". أسفل الأدراج الحجريّة المُفضية إلى الباب، ثمّة ساحة من المفروض أن تكون نظيفة، نظرا للقيمة الاعتبارية للمعلمة التاريخية، غيْرَ أنّ وضعها "يُرثى له". الأزبال مُتكوّمة في الأركان، وروائح البول وفضلات البشر تنبعث من كلّ مكان، فيما تظهر أجزاء من السور تتساقط، دون أن يتمّ إعادة ترميمها. ويضمّ سور المدينة العتيقة لسلا عددا من الأبواب، ومنها باب المريسى، الذي بناه السلطان أبو يوسف المريني، 658/1261، ويُعتبر من أعلى أبواب المغرب، ويصل عٌلوّه إلى 30 مترا.