بين أشجار كثيفة تحجب الكثير من المعالم والبقايا الأثرية، مازالت قصبة المهدية، الواقعة على الضفة اليسر لنهر سبو، على بعد 8 كيلومترات من القنيطرة، تحتاج إلى الصيانة ورد الاعتبار لقيمتها التاريخية والأثرية. محب وأغربي يكشفان عن فجوات في سور القصبة (خاص) وحسب معاينة "المغربية" داخل الأرجاء الشاسعة للقصبة، فرغم ترميم "دار المخزن" بها، من قبل جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث سنتي 2010 و2011، فإن هذه المعلمة، الممتدة على حوالي 40 هكتارا، تحتاج إلى ترميم كلي وشامل لكل مكوناتها المعمارية، كما تحتاج إلى استخراج العديد من البقايا الأثرية المطمورة في فضائها المكسو بالأشجار والطفيليات، كما يستدعي موقعها الاستراتيجي، التعريف بها بشكل يعكس ما تمثله القصبة كمعطى تاريخي وأثري، من خلال وضع لوحات إرشادية بالمحاور الطرقية القريبة من القصبة، وخلق مسار سياحي داخل الموقع، وإعداد اللوحات التوضيحية والإشارات المتعلقة بالمعالم الأثرية، وبناء مرافق لاستقبال الزوار، ثم تشييد مرافق إدارية، وتجهيز مستودعات أثرية تتوفر على شروط السلامة والصيانة الوقائية قابلة لاستيعاب المواد الأثرية المستخرجة خلال الحفريات القديمة والمستقبلية بالقصبة. وقال عبد الرحيم محب ورشيد أغربي، باحثان في علم الآثار، خلال اصطحابهما ل"المغربية" إلى القصبة، إن "هناك تطلعات كبيرة لجعل القصبة قطبا يدعم السياحة الثقافية والقروية بمنطقة الغرب، خاصة أن القصبة تحتل مساحة وموقعا مهمين ضمن المنطقة، مع احتفاظها بمعظم معطياتها المعمارية، مثل السور والأبواب الرئيسية والبرجين الرئيسين ودار المخزن ودار القايد". وأوضوح الباحثان أن الحسن الوزان (ليون الإفريقي) تحدث في كتابه "وصف إفريقيا" عن مدينة صغيرة تسمى المعمورة شيدها الموحدون عند مصب نهر سبو، وتوفرت المدينة في عهد عبد المومن الموحدي في القرن 12م، على دار لصناعة السفن. وفي سنة 1614 استولى الإسبان على الموقع، إلى أن تحرر في عهد السلطان المولى إسماعيل، سنة 1681، وأطلق عليها اسم "المهدية". وأكد محب وأغربي ضرورة إنقاذ القصبة من التهالك والاندثار، والتعجيل بإجراءات تحميها وتحتفظ بها كموروث تاريخي أثري، يخلد لحقب مختلفة من تاريخ المغرب، بدءا من حماية موقعها، بتسييجه على مستوى المناطق المحيطة بأسواره الدفاعية، وتنظيف الموقع ومبانيه التاريخية من الأزبال المتراكمة ومن النباتات الطفيلية، وإنقاذ أسوار القصبة، بترميمها وسد الفجوات الموجودة فيها، إضافة إلى ترميم مباني القصبة الرئيسية، ويمكن أن تخص بعض المباني النموذجية، كدار المخزن، بالأولوية في إعادة الترميم والتأهيل.