قصبة "أكادير أوفلا" تداعت أسوارها وحولها المهمشون إلى مزبلة لرمي النفايات جمعية بييزاج تدق ناقوس الخطر الذي يتهدد المعلمة التاريخية بعد أن تداعت أسوارها قامت جمعية "بييزاج للبيئة والثقافة"، بزيارة تفقدية إلى آخر المعاقل والحصون التاريخية المتواجدة بمدينة الانبعاث، وهي معلمة أمست تتعرض للإهمال بعد أن أسقطها مسؤولو هذه المدينة من ذاكرتهم. فقد تكالب التجاهل "الممنهج" الذي لا يقيم وزنا للتراث المعماري للمدينة، والسلوك غير المسؤول لبعض الأفراد من الطبقة المسحوقة،على هذه المعلمة، لتتحول بفعل ذلك إلى مزبلة يلقى فيها بمختلف أنواع القنينات الفارغة سواء الزجاجية أوالبلاستيكية التي تستعمل في تعبئة الخمور، ونفايات "الشيشا"، إضافة إلى الرماد وبقايا والسمك التي ترمى في أطراف هذه "المقبرة الجماعية لضحايا الزلزال". وقد استنكر أعضاء الجمعية هذا الوضع الذي لا يليق بمدينة سياحية عالمية ولا بمنتوج سياحي تاريخي ثقافي، تكون فيها هذا المعلمة منارة للانبعاث والتحدي والاستمرار وفضاء تاريخيا ترفيهيا وثقافيا، ومنتوج سياحي بمواصفات عالمية الذي يقل نظيره. فعوض أن تكون،المعلمة، رمزا ثقافيا وفنيا وحضاريا، أصبحت مدعاة، للأسف، على تاريخ وذاكرة سائرة بخطى نحو الانهيار على كافة المستويات، وأمام هذا الوضع الشاذ الذي هو عنوان كبير للإهمال بقلب سوس، فإن الجمعية تدق ناقوس الخطر الذي يتهدد هذه المعلمة التي أخذت أسوارها تتداعى . انتهى التقديم *قلعة"اكادير أوفلا"تاريخ وأمجاد أكادير"أوفلا" أوقصبة البيكو (EL bico) كما سماها البرتغاليون قديما، تعتبر محجاً للسياح الأجانب والزوار المغاربة على حد سواء، ولم تلق بعد الرعاية الكافية، رغم التاريخ العريق الذي تجره خلفها، منذ أواخر عهد الوطاسيين وأوائل العهد السعدي، حسب العديد من المؤرخين، من أبناء المنطقة. القصبة التي اشتهرت بواقعة انتصار المغاربة بقيادة السلطان محمد الشيخ السعدي على الوجود البرتغالي سنة 1541م، أعاد بناءها عبد الله الملقب (بالغالب بالله) سنة1572، فلم تشهد هذه القصبة أي تغيير في معالمها رغم أن الزلزال دمّر حيها العتيق سنة 1960، هي اليوم، عبارة عن أطلال منسيّة ومهجورة رغم تاريخها العريق، تعرضت للإهمال من جهة ولعوامل التعرية من جهة أخرى. القصبة تحظى بقيمة تاريخية ورمزية كبيرة عند ساكنة سوس والمغاربة بشكل عام، وكان بالإمكان ترميمها على غرار قصبات أخرى بالمملكة كقصبة الأوداية بالرباط، وقصبة أزمور بالجديدة لتلعب دورها الثقافي والتاريخي والسياحي، غير أن هذا الثقل التاريخي لم يوازيه اهتمام من طرف المسؤولين بالمدينة، وهو ما جعل القصبة تدخل في غياهب النسيان.، و تفتقر هذه المعلمة الى الحد الأدنى من المرافق الجاذبة للسياح المغاربة والأجانب، وهناك تهاونا وفشلا ذريعا في تسويق هذه المعلمة التاريخية التي تمنح للزائر إليها صورة بانورامية عن شاطئ ومدينة أكادير السفلى وخليجها. أ- القصبة أو القلعة هي مشهورة حاليا ب "أكادير اوفلا"، هي عبارة عن معلمة تاريخية سوسية حية تجسد تاريخ المدينة. تقع القصبة على قمة جبل يعلو ب 236 متر عن سطح البحر وذلك بشمال أكادير . أسست سنة 1540 م على يد السلطان محمد الشيخ السعدي لهدف التحكم في ضرب البرتغاليين الذين استقروا عند قدم الجبل منذ 1470 م، في إطار بحثهم عن طريق الهند، وقد أنشئوا عند الساحل قرب عين فونتي حصناً وأقاموا على سفح الجبل برجا آخر لمراقبته، مما دفع السعديين إلى بناء القصبة على قمة نفس الجبل. لقد مكن هذا الموقع الاستراتيجي من قصف المنشآت البرتغالية بالمدافع في سنة 1541 م، ثم تحرير الحصن البرتغالي المسمى "سانتاكروز" وبالتالي تناقصت أهمية القصبة إلى أن أعاد الغالب بالله السعدي بناءها. ب- أهم مكونات القصبة قبل الزلزال كانت القصبة قبل الزلزال تتكون من سور خارجي مدعم بأبراج وله باب مصمم بشكل دائري وذلك لأغراض دفاعية. وتضم القصبة مسجد كبيرا ومستشفى،ومبنى الخزينة والبريد،إضافة إلى منازل وأزقة وساحات صغرى، وملاح وهو حي خاص باليهود وبه معبد، هذا زيادة على ضريح للايامنة وساحة لإقامة الحفلات والأهازيج الشعبية والأفراح *المحطات التاريخية المهمة التي وقعت بأكادير كان يطلق اسم مسكينة على أكادير منذ القرن 12 الميلادي، إلا أن ليون الإفريقي سمى قلعتها بأكادير غوارغيسيم أي إيكسيمن. 1- في سنة 1325 – 1339: ورد ذكر اسم - أكادير إيغير- في خرائط هذه الفترة حينما نزلت مجموعة من سفن الاكتشافات البرتغالية بسواحل هذه المنطقة، ووجدوا فيها عينا جيدة وسكان مع إبلهم وكان هناك مالكون لهذه الثروة أمازيغ ويسمونهم- أهامس العربا - أي إيمغارن العربا أو إينفلوسن العربا. 2- في سنة 1480: ظهر اسم- أغوا دو ناربا-ويطلق على أكادير وقبله كان يطلق عليه اسم بورطو مسكينا أي مرسى مسكينة. 3- في سنة 1505: أسس القائد البرتغالي جواو لوبيز دوساكيرا في الأشهر الستة الثانية من سنة 1505 القلعة المعروفة باسمهم في ساحل أكادير والواقعة أسفل تل القصبة العليا أو اكادير أوفلا وقد كانت في مكانها قصبة قديمة بناها سكان أهل سوس قبل مجيئ البرتغال. 4- في سنة 1510: بعث أهل ماسة رسالة الى ملك البرتغال إيمانويل الأول. 5- في سنة 1513: اشترى الملك البرتغالي دون مانويل حصن أكادير الواقع أسفل تل "أكادير أوفلا" من مؤسسه البرتغالي "جواو لوبيز دوساكيرا". 6- تعرضت هذه القلعة سنة 1960 لزلزال عنيف دمرها كليا وأصبحت الآن عبارة عن أطلال تخفي تحت ترابها وأحجارها آثار حضارة عريقة وتاريخ مجيد. *أكاديرأوفلا إتلاف وتخريب للممتلكات العامة استبشرت، الجمعية، خلال السنوات الماضية قيام المؤسسات المنتخبة بتعبيد الطريق، وتقوية الإنارة وشق وترميم الممرات القديمة لممارسة رياضة المشي، وإقامة الحواجز الحجرية، رغم إنها لم تمنع من وقوع حوادث سير قاتلة نظرا لاتخاذ فضاء القلعة في القمة محطة لتناول كافة أنواع الخمور والشيشا وطهي الأسماك في العراء، مما عرض العديد من هذه الحواجز عند إحدى المنعرجات الخطيرة للتدمير نتيجة تعاطي الخمور بهذه المنطقة التي تشكل خطرا، وقد وقف أعضاء الجمعية أثناء الزيارة التفقدية على تساقط أحجار من أسوار القصبة بفعل عدة عوامل أهمها ضعف أشغال الصيانة والترميم وعدم احترافيتها، عبر مقارنة أسوار المدن العتيقة التي صمدت قرون مع أسوار تم ترميمها سنة 2005، وتساقطت مع أول قطرة مطر، وبفعل عوامل بشرية كذلك ناتجة عن لجوء العديد من الشباب الى التخريب والى "حفر" لكتابة عبارات وكلمات مما يعرض السور للهشاشة، كما لاحظت الجمعية وجود كم هائل من الأزبال وقنينات الزجاجية الفارغة والبلاستيكة للخمور ملقاة في كل الأماكن دون أي اعتبار أو احترام للبيئة ولا للمقبرة الجماعية، لتتحول القصبة إلى مرتع للمنحرفين يقومون بإتلاف وسرقة الأسلاك الكهربائية الخاصة بالإنارة الأرضية لسليط الضوء على الأسوار التي تتراء من منطقة ايت بها، وتكسيرأجهزتها . كما عاينت الجمعية التدهور الحاصل على مستوى الأسوار والجدران التي تتهاوى في مختلف الاتجاهات داخليا وخارجيا، وكذاك مدخل القصبة وبابها الرئيسي الذي لم يخضع قط للترميم أو الإصلاح. الجمعية تستنكر الحالة التي هي عليها قصبة أكادير أوفلا التاريخية، وكذلك الانتشار الكبير للرادارات والهوائيات فوق المقبرة الجماعية بداخل القصبة، وتدعو الجمعية إلى تحويل هذه الأجهزة الى أماكن أخرى غير محيطة بالقصبة احتراما للأموات ومقابر المسلمين الذين قضوا في الزلزال. *"أكادير أوفلا" منتوج سياحي في حاجة إلى الترميم وإعادة التأهيل وترى الجمعية، أن قلعة "أكادير أوفلا"، عانت ما يكفي من الإهمال والنسيان، بين الجدل الديني والإداري والقانوني والقضائي المعقد، وأنه آن الأوان لأن يتم فتح نقاش بين مختلف المؤسسات والفاعلين لتحيين ملف القصبة والقيام بدراسات تقنية وعلمية من لدن مكتب دراسات مختص في مجال الآثار التاريخي وفن الترميم، لإصلاحها بشكل احترافي وعلمي وإعادة إحيائها وإعادة ترميم منازلها المدفونة، بعد جمع وتحويل الرفات الى مقبرة جماعية. وترى الجمعية أن وزارة الثقافة عليها إنصاف ذاكرة سوس وأكادير من خلال هذه المعلمة برد الاعتبار الى أخر معقل تاريخي بمدينة الانبعاث وفتح هذا الملف الشائك وإحكام الرقابة والتتبع على أشغال الترميم والصيانة لتتم وفق الضوابط العلمية، عوض أن تبقى المعلمة "حائطا للمبكى" والركون الى الماضي. وتدعو الجمعية لاستشراف المستقبل لهذه الذاكرة الجماعية والحضارية والثقافية بما يحفظ للمكان ذكراه عبر مختلف الأجيال، وترى أن الحالة التي عليها القصبة في الوقت الراهن هي مدعاة للسخرية ولا علاقة لها بالدعاية السياحية بل معرض مفتوح للأزبال المتنوعة والمصابيح المكسورة والأسوار المنهارة، وغياب تام لأية وسائط إيضاحية أو صور حول طبيعة المكان قبل وأثناء وبعد زلزال أكادير بمختلف اللغات، رغم أن القصبة يمكن تأهيلها بشكل يساهم في تثمين هذا الفضاء التاريخي الوحيد بأكادير عبر إعادة المدافع القديمة الى مكانها دون نسيان القصبة البرتغالية في الأسفل التي تم إقبارها وإهمالها هي الأخرى وفي ذلك إهمال وإقبار للذاكرة والارتباط بالتاريخ والأجداد، هذا إذا كانت هنالك إرادة سياسية وثقافية وجماعية وسياحية وجمعوية حقيقية قوية لتثمين هذا الصرح التاريخي وتوفير شروط وظروف الراحة والتثقيف لقضاء أوقات بهذا الفضاء، عبر فتح المجال في وجه الاستثمار الثقافي والسياحي، عوض أن يبقى مرتعا للعربدة والسكر وفضاء لرمي الأزبال، ومجال مفتوح للسرقة من طرف اللصوص والمنحرفين والمتسكعين. الجمعية بييزاج تعتبر بأنه لا مجال لإلقاء اللوم على طرف أو مؤسسة بعينها لأن المسؤولية، حسبها، يتقاسمها الجميع والكل معن بإحياء هذه المعلمة وانتشالها من براثن الإهمال فهي آخر معقل تاريخي باكادير بعد أن تم هدم ودفن مرفأ السعديين التاريخي بالأسفل بواسطة جرافات المارينا.