"حشومة وعار" "قمة الاحتقار" "هذه حكرة" "منتهى التنكر لآدمية المواطن المغربي" "منتهى الاستهتار بأرواح المغاربة". كانت هذه انطباعات معظم الركاب الذين كانوا على متن هذه الحافلة التي توحي لك هيأتها من الخارج على أنها حافلة للنقل الحضري رغم تقادمها، إلا أنك وبمجرد أن تطأ رجلك مصعد هذه الحافلة تظن نفسك وكأنك في مكان خاص بالمهملات، أو بالأحرى بسوق الخردة "لافيراي": غالبية كراسي الحافلة مقتلعة "صحة" من مكانها و الكراسي التي تبقت مدمرة عن آخرها بشكل همجي، نوافذ متسخة ومغبرة، الباب المخصص للصعود مكسر ومرمم بأجزاء من البلاستيك، حاله حال الباب المخصص للنزول، أرضية وجدران الحافلة متهالكة و"مصدية وراشية" من أثر التقادم والرطوبة والله أعلى وأعلم بالحالة الميكانيكية لمحرك الحافلة وباقي المعدات الغير الظاهرة للعيان والتي كانت سببا بلا شك في توقف الحافلة فجأة ليتم إخبار الركاب أنها قد تعطلت وطلب منهم النزول لانتظار حافلة أخرى. معاناة حقيقية عاشها صبيحة يوم خميس من هذا الشهر، ركاب هذه الحافلة التي كانت متوجهة من حي الفتح صوب حي التقدم. معاناة الركاب هذه ستضاف بالطبع إلى معاناة أخرى سيعيشونها في الحافلة "المنقذة" جراء اكتظاظها هي الأخرى بالركاب الذي فاق طاقتها الاستيعابية. أمام هذا الوضع المزري والمخزي والمؤسف واللامشرف للمواطنين القاطنين بالعاصمة الإدارية الرباط، نتسائل: هل نحن فعلا بمدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية التي نأمل أن ترقى في أفق 2018 إلى مصاف كبريات الحواضر العالمية؟ هل هذا الوضع يرقى إلى مستوى المبادرات التي اتخذها صاحب الجلالة نصره الله وكذا الانجازات التي حققها المغرب في جميع الميادين، خصوصا على المستوى التنموي والحقوقي، والتي جعلته يحتل الريادة والصدارة على المستوى الإفريقي والعربي؟ هل هذا وضع يليق ببلد تم اختياره لاحتضان العديد من الملتقيات والمحافل الدولية والتي كان آخرها المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي أقيم بالمدينة الحمراء مراكش. وبالمناسبة دعونا نسائل القائمين على تنظيم هذا المنتدى: أين هو حق هؤلاء الركاب وغيرهم في ولوج حافلة تتوفر فيها شروط ومعايير المرفق العام وتضمن كرامتهم التي هي في كثير من الأحيان تداس في واضحة النهار دون حسيب ولا رقيب؟؟ من هو المسؤول عن هذه الحالة الكارثية و المهترئة لأسطول حافلات النقل الحضري بمدينة الأنوار؟ هل هي الممارسات اللامسؤولة لبعض ركاب الحافلات وعدوانيتهم اتجاه هذا المرفق العام والتي تنم عن انعدام روح المواطنة والإحساس بالانتماء إلى هذا البلد أم هو تعنت إدارة الشركة المشغلة في استجابتها للملف المطلبي للعمال والمستخدمين الذين يعملون في ظروف مأساوية والتي تدفع بهم في العديد من المناسبات إلى تنظيم وقفات واضرابات يدفع ثمنها ويتحمل عبءها في الغالب المواطن المغربي البسيط كما كان عليه الحال في الإضراب الأخير؟ هل هو تقصير من السلطات المعنية، من خلال مصالحها بوزارة النقل والتجهيز، في القيام بواجبها في المراقبة اليومية؟ أم هو تقصير من بعض التنظيمات السياسية والحقوقية في الانكباب على الهموم والانشغالات الحقيقية للمواطنين و توفير حقهم المشروع في ولوج حافلات تتوفر فيها شروط ومعايير المرفق العام وتضمن كرامة المواطن المغربي؟ في انتظار الإجابة على كل هذه التساؤلات، إليكم هذا المشهد!!