إذا كنت طالبا في الكلية المتعددة التخصصات بالناظور، فلاشك أنك تمنيت أن تركب عربة تجرها دابة ،على أن تستقل حافلات النقل الحضري للمدينة الطوبيس . إن مشاكل النقل التي يعاني منها الطلبة لا تعد و لا تحصى، فبمجرد أن تسأ ل طالبا عن حال و أحوال الحافلات، سيجيبك ساخطا و غاضبا عن المشاكل و الوضع المزري الذي لا يرضى به أحد سواء كان طالبا أو موظف أو مواطن عادي. ازدحام و تحرش و نشل و رداءة للخدمات بالمطلق… كلمات من بحر الكلمات التي ترثي لحال حافلات النقل في المدينة ، مأساة يومية على الطالب أن يتحمل كل فصولها من ازدحام مفرط يفوق الطاقة الاستيعابية للحافلات بأضعاف، مما يسهل مأمورية النشالين في قضاء أغراضهم الإجرامية بكل سلاسة وأريحية من سرقة للهواتف ومحفظات النقود على وجه الخصوص ، و حتى مرفقات الناس العاديين ومقتنياتهم تكون موضوعا للسرقة و لا تسلم في حالات كثيرة أمام شدة الإكتظاظ …غير أن مستوى القرف لا يقف عند هذ الحد فحسب بل إن مدار الخط الذي يمر على الكلية أصبح يقدم خدمة جليلة للشمكارا والسكارية من زبناء رواق الخمور في مرجان مادام يمر أيضا أمام هذا السوق ، وكثيرا ماتنتشر رائحتها المعروفة في كل أرجاء الحافلة وأحيانا أخرى يصبح المشهد أكثر إثارة للتقزز حين يتقيؤ أحد المعربدين على أرضيتها أو حتى على راكب من الركاب المساكين الذين لا حول لهم و لا قوة سوى تقبل الوضع بأسى وعجز.. وإذا تحدّثنا عن نظافة الطوبيسات و الكراسي و النوافذ ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فأغلبية الكراسي مكسورة أو منعدمة، أما النوافذ ، فإما معكّسة أو مكسّرة ، ففي الصّيف عليك أن تتحمّل الروائح الكريهة و الحرارة المرتفعة لأن بعض النوافذ لا تفتح ، أما في الشتاء فعليك تحمل البرد وضربات الرياح القاسية لأن الجزء الآخر من النوافذ لا ينغلق أو مكسر. أما أرضية الحافلات فهي متّسخة ولا تختلف أبدا عن أرضية الأزقة و الشوارع المتّسخة ، و يمكن للمرء من خلال الثقب الكبيرة المتواجدة في بعض أرضيات الحافلات مشاهدة الطريق وحتى عجلات الحافلة وهي تدور . . إن حافلات النقل الحضري بالناظور تشبه ملامح وكر متعفن للدعارة ، فهي لا تناسب اطلاقا طلاب العلم ولا المثقفين و لا تليق حتى بأي انسان يحترم نفسه وانسانيته.. لقد سئمت الطالبات صراحةوالنساء بشكل عام، تحمل الاستفزازات و التحرشات و العبارات البديئة التي تسمع من هنا وهناك ، كأن الأمر يتعلق بحانة ليلية وليس خدمة نقل، كان من المفترض أن تؤدى في كامل ظروف الراحة والإطمئنان . والملاحظ أن بعض العاملين، دون أن نعمم طبعا ، يشكلون هم أيضا مشكلا في حد ذاته لا يمكن تجاوزه أو تجاهله ..إن هؤلاء ،أولا، يفتقدون لأدنى قيم الإحترام والشروط الأخلاقية في المعاملة والتواصل الأنسب مع الناس. والملاحظة الثانية أن غالبية السّائقين إما أنهم على عتبة التقاعد أو شباب في العشرينيات من العمر ، والفئة الأخيرة خاصة تشكل خطرا على سلامة الراكبيين بسبب السرعة المفرطة وعدم احترام الوقت الكافي لصعود ونزول الركاب ، إن جلهم لا ينتظرون حتى يستقر المرء أثناء ولوجه للحافلةويسارعون للإقلاع مما يهدد سلامة الراكبين في كثير من الحالات . أما إذا تحدثنا عن المسافة التي تقطعها الحافلات صوب الجامعة وصعوبة ضبط الزمن بالنسبة للطلبة، فحدث و لا حرج ، إذ عوض أن تمر الحافلة من الناظور صوب الجامعة دون دخول سلوان لاختصار المسافة ، تقوم الحافلة بالمرور بهذه الأخيرة لتحشد عددا أكبر من الراكبين ، دون أن تفكر في مصلحة الطلبة الذين وكأنهم يسافرون إلى مدينة وجدة صباحا و يعودون منها مساءا حيث تستغرق الحافلة ساعة من الوقت للوصول إلى الجامعة ، فكيف للطلبة أن ينضبطوا للزمن وكيف يكونوا مرتاحين و مؤهلين للتحصيل العلمي ، وشروط الراحة لا توجد حتى في المواصلات ! ؟ . إن المرء ليقف مندهشا في فترات الذروة الموسمية لتنقل الطلبة وتحدث أثناء اجتياز الامتحانات، فمن يشاهد حافلات النقل تمر أمامه ليخيل اليه أن الأمر يتعلق بظروف حرب و أن الحافلات تقوم بشحن اللاجئين وتكديسهم لنقلهم بعيدا!! فشركة النقل لا تقوم بزيادة عدد الحافلات لتغطية العدد الكبير للطلبة و لا تخصص حافلات خاصة لهم ، بل كل هم الشركة هو حصد الأموال ومراكمتها مقابل خدمة رديئة و على حساب راحة و مصلحةزبنائها. والمأساة تتفاقم وتشتد كلما تعلق الأمر بالطلبة المنحدرين من زغنغان أو أيت شيكار أو فرخانة أو حتى الزايو و العروي ، فما علي الجميع سوى التحسر على حظهم السيئ مع وسائل النقل ،فهؤلاء الطلبة يعانون أشد المعاناة من أجل الالتحاق كل يوم بالجامعة و من أجل طموحهم ليكونوا أطرا تقود هذا البلد مستقبلا ! في دولة تقول عن نفسها ديمقراطية و تحترم حقوق الإنسان . خلاصة القول ، على الطلبة ، في مدينتي ، أن يتحملوا الكثير و الكثير من اجل التحصيل العلمي وعليهم أن يكافحوا و يناضلوا من أجل الوصول إلى حقوقهم ، فقد تعلمنا نحن الطلبة أن الحقوق لا تعطى ، بل تنتزع ، وأن الديمقراطية و حقوق الإنسان.. ليست سوى شعارات جوفاء تتغطى بها الدولة لتحتال! والشهادة المؤلمة التي نقلها الينا آبائنا وأجدادنا ووقفنا عليها نحن أيضا بشكل مباشر ، هي أن الريف قدره التهميش و سيظل كذلك، والسؤال المحير هو إلى متى سيظل كذلك؟! الله أعلم … إذا كان قطاع المواصلات على بساطته المفترضة في التنظيم والتأهيل ، يتخبط في كل هذه المشاكل ، فما عسانا نقول على القطاعات الحيوية الأخرى !؟ وماعسانا نضيف من قول ، و كل شيء واضح وضوح الشمس في السماء نهار صيف ! ‘إننا كطلبة في الكلية المتعددة التخصّصات في مدينة الناظور، نطالب الجهات المعنية بالتدخل الأسرع ، لحل المشاكل التي يعاني منها الطالب الريفي ، نطالب بحافلات خاصة بالطلبة مع أسعار تناسب الطاقة المادية لهذا الأخير ، و على الجهات المعنية أن تخّصص للقاطنيين بعيدا وسائل نقل تمكّنهم بالإلتحاق بالكلية في ظروف مواتية . وان تجتنب و تكف عن العنصرية و التهميش لذوي الريف .