الساعة تشير للثانية عشر والربع زوال السبت الماضي.. أفواج من تلاميذ المدارس القاطنين بدواوير لمحاميد، يرابطون أمام واد درعة الذي فصل مركز دراستهم عن محلات إقامتهم في القرى، بسبب ارتفاع منسوب مياهه، ينتظرون شاحنات الجيش التي دأبت على نقلهم يوميا ذهابا وإيابا إلى مدارسهم. مشهد شاحنات الجيش، التي تعد الوسيلة الوحيدة لنقل الساكنة، وفي مقدمتهم التلاميذ بسبب صعوبة تجاوز الوادي، أصبح مألوفا، حيث إنها تقل يوميا المئات من التلاميذ المنتمين لدواوير الطلحة، آيت عيسى وإبراهيم، قصر المحاميد الزوية، وغيرها. هذه المشاهد اليومية ليست سوى جزء من الحصار اليومي الذي أصبح مفروضا على العديد من دواوير لمحاميد الغزلان، التابعة لإقليم زاكورة، بعد التساقطات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، الأمر الذي ضاعف من معاناة الساكنة القروية في جزء من "المغرب غير النافع". "بعد ثلاثة أسابيع من الغياب عن حجرات الدراسة فُتح أخيرا المجال أمام التلاميذ للعودة لحجراتهم، ووسيلتهم اليومية للتنقل شاحنات الجيش الكبيرة"، يورد العربي بلا، الناشط الجمعوي الذي رافق هسبريس في رحلتها لقرى أقصى نقطة من تراب المملكة، والتي لا تفصلها سوى أقل من 40 كيلومتر مع الجزائر. وفي تواصلهم مع هسبريس من مكان عبورهم بواد درعة، أجمع تلاميذ المؤسسات التعليمية على ما يكابدونه من معاناة يومية قبل الوصول لحجراتهم، "هناك رحالات لقطع الوادي في أوقات محددة، وأي تأخير سيجعلك تفوت الحصة"، تقول سعاد تلميذة في الثالثة إعدادي. وتابعت التلميذة قائلة "الأساتذة لا يعوضون حصصهم التي ضاعت منهم، بسبب عدم تمكنهم من الحضور، بل يعمدون إلى إجراء التقييمات التي تعتمد في نقط آخر الدورة حتى دون أن يتلقوا الدروس". مطالب التلاميذ ومعهم أوليائهم تتمثل في تهيئ قنطرة تفك عنهم العزلة التي يعانون منها، كلما ارتفع منسوب مياه واد درعة، حيث استغرب العديد منهم كيف تقدم السلطات المحلية على هدم قنطرة كانت تحل جزء من الإشكال دون بناء أخرى جديدة. "الأمطار كشفت جزء من معاناة الساكنة، وعرت المشاكل التي كانت مؤجلة"، يقول عبد الرحمان الوحيدي، أحد ساكنة لمحاميد الغزلان، ومنسق مجموعة المعطلين بالمنطقة، مسجلا "التجاوب الضعيف للسلطات مع ما طرحته الأمطار من إشكالات في وجه القرويين". وإذا كان القطاع السياحي، كأحد ركائز اقتصاد واحة لمحاميد الغزلان، قد تضرر بشكل لافت بسبب العزلة التي عرفتها المنطقة، فإن لمحاميد الغزلان، حسب الوحيدي، "تبقى منطقة معزولة ومشاكلها ليست بالجديدة، لكنها تطفو للسطح مع التساقطات المطرية". ولا يقتصر دور القوات المسلحة الملكية على نقل التلاميذ فقط، حيث صرح العديد من السكان لهسبريس أن "شاحنات الجيش تتكلف بنقل المواد الأساسية التي يحتاجونها لمعيشهم اليومي". وأفاد السكان بأنه "لولا تدخلات عناصر الجيش لعاشت المنطقة أزمة تموين خطيرة، خصوصا أن ارتفاع منسوب الوادي قارب الشهر في غياب قنطرة تربط بين ضفتي المركز والدواوير المجاورة".