انتقائيَّة أكبرُ يقبلُ الاتحادُ الأورُوبِي على انتهاجهَا، العام المقبل، إزاء المهاجرين المغاربَة، ومجمل المغاربيِّين الذِين يشكلُون في بلدانه الجالية الأكبر عددًا، وإنْ كان سيحتاجُ أكثر فأكثر إلى اليد العاملة، بسبب الشيخوخة التي تزحفُ على هرمه السكانِي. وينكبُّ الاتحاد الأوروبي، بدءً من مطلع العام المقبل، على دراسة قرار يبحثُ في كيفيَّة تدارك النقص على مستوى أطر ذات كفاءة في الموارد البشريَّة والمختصَّة منها في الجانب التقني على وجه الخصوص. وبحسب مصادر إعلاميَّة، فإنَّ استقطابَ الاتحاد الأوروبِي للكفاءات سيجرِي على مستويينْ اثنين؛ أولُّهمَا، يقوم على تشجيع الكفاءات المغاربية المكونة في الجامعات الأوروبيَّة على البقاء في القارة العجُوز والعمل بها عوض العودة إلى البلدان الأمُّ، كيْ تستفيد البلدان الأوروبيَّة من الأطر التي تكونتْ عندهَا. أمَّا المُسْتوَى الثَّانِي، من سياسة الاتحاد الأوروبيِّ مع المهاجرِين المغاربيِّين، فينصبُّ على الاستفادة أيضًا من الأطر المكونة في البلدان المغاربيَّة، واستقدامها للعمل في أوروبا، من خلال إغرائها بجملة من الحوافز. سيما أنَّ ثمَّة منافسة محمُومة محتدمة بين دول كبرى كأمريكا تتسابقُ نحو الظفر ب'الأدمغة'. وبحسب الخبير المختص في قضايا الهجرة لدى المنظمة الدولية للتعاون والتنمية، جون كريستُوفْ ديمُون، فإنَّ أوروبَا لا محِيد لها عن استقدام المهاجرين من الخارج، خلال السنوات القادمة، بسبب ما تعرفهُ من شيخوخة، وإذَا لمْ تقم بذلك حرصًا على رضَا الشارع الذِي ينفرُ من المهاجرين وينزعُ إلى رفضهم، فإنَّ اقتصاديَّات أوروبَا، ستدفعُ الثمنَ عندئذٍ". وتحذرُ أرقام المعهد الأورُوبِي للإحصاء منْ أنَّ ساكنة ألمانيا، على سبيل المثال، ستتراجعُ جرَّاء انخفاض معدلات الخصوبة، منْ 82 مليُون نسمة إلى 74.7 مليُون نسمة، فِي أفق 2050، كمَا أنَّها قدْ تأفل لتنزل عندَ 65 مليُونًا، عند حلُول 2060. فِي غضُون ذلك، كانت فرنسا قدْ عدلتْ عن تطبيق مرسُوم يقضِي بعدم السماح للخريجين الأجانب بالاشتغال على أراضيها وتمديد تجاربهم المهنية في مؤسساتها. وذلك من خلال تراجع الاشتراكيين لدى وصولهم إلى الحكم، عن المرسوم الصَّادر على عهد وزير الداخليَّة الأسبق، كلُود كيُّون، في مارس 2011. وفي مقابل الحاجة التي تبرزُ على مستوى الاقتصاد الأوروبي إلى موارد بشريَّة، مستقبلًا، يتغذَّى النفُور بصورة متزايدة من المهاجرين والأجانب، لدى دول أوروبيَّة، نزعتْ خلال انتخاباتها البلديَّة الأخيرة إلى تأييد أحزاب يمينيَّة، حتى أنَّ دراسة أجراها معهدُ "أودُوكسَا" في فرنسا كشفَتْ عن رفضِ 60 بالمائة من الفرنسيِّين لإعطاء المهاجرين حق التصويت في الانتخابات البلديَّة، ما يظهرُ أنَّ ثمَّة حاجةً إلى سواعد المهاجرين وأدمغتهم، لكنَّ المجتمع لا يبدِي ترحابًا بهم، كيْ يعيشُوا وسطه.