لم تكن الإشادة الصريحة التي عبر عنها الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها للمشاركين في الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، والتي افتتحت أشغالها يوم الخميس المنصرم بمراكش، "بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني والعديد من البرلمانيين ورجال القانون"، لتمر دون أن تخلف ردود فعل من قبل الحقوقيين الذين طالبوا بإلغاء العقوبة من القانون الجنائي المغربي. واعتبرت الجمعيات المغربية المشتغلة على الملف حديث الملك محمد السادس حول النقاش، والذي سيمكن حسب عاهل البلاد "من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية"، رسالة قوية منه حول نقاش يجب أن ينتهي حسبهم بإلغاء عقوبة تعتبر وصمة عار في مسار المغرب الحقوقي. وفي هذا السياق احتضنت قاعة باني العياشي بقرية المنتدى العالمي لحقوق الإنسان يوم الجمعة ورشة حول "عقوبة الإعدام دينامية كونية"، شارك فيها التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بالاضافة لشبكة برلمانيين ضد عقوبة الإعدام والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي. وأكدت "ماريا دوناتيلي" مديرة التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ومسؤولة حملة إلغاء الإعدام دوليا، على ضرورة دفع الدول التي لم تصادق على إلغاء هذه العقوبة على المصادقة وضمنها المغرب، مشددة على ضرورة مواصلة الضغط على الدولة المغربية من أجل ذلك. وسجلت ماريا دوناتيلي أن المغرب بتردده لا يريد أن يقدم النموذج في المنطقة التي ينتمي إليها، في مقابل ذلك اعتبر النقيب عبد الرحيم الجامعي منسق "الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، أن حديث الملك لأول مرة في خطاباته عن عقوبة الإعدام مؤشر إيجابي، مطالبا الحكومة بالتصويت أمميا ضد إلغاء العقوبة. ودعا الجامعي الحكومة إلى تدارك عدم مصادقتها قبل أسبوعين على قرار الإلغاء، وذلك للتعبير عن الإرادة السياسية لحماية الحق في الحياة، وتعزيز الاتجاه العالمي المتنامي صوب إلغاء هذه العقوبة. إلى ذلك عبرت خديجة الرويسي المنتمية لشبكة برلمانيين ضد عقوبة الإعدام عن أملها في أن يذهب ما عبر عنه الملك محمد السادس من اهتمام حول النقاش لإلغاء عقوبة الإعدام إلى النهاية، مبرزة أن دولة الحق لا تستقيم مع عقوبة الإعدام. وقالت الرويسي، "إذا كان الملك يؤكد متابعته للنقاش، فان الحكومة ملزمة بتتبعه هي الأخرى بمسؤولية"، مشددة على أن "الأمر لا يرتبط بترف فكري بل هو قضية جوهرية عليها التعامل معها بشجاعة فكرية". وأبرزت الرويسي في تصريح لهسبريس على هامش الورشة أن "إلغاء الإعدام في المغرب ستكون له تأثيرات إيجابية على فلسفة العدالة بشكل عام وعلى بنية القانون الجنائي"، مشيرة أن الإلغاء ليس له علاقة بحجم ارتفاع الجريمة كما يروج لذلك البعض. وأكدت البرلمانية في الغرفة الأولى، "أن المغرب السباق في المجال الحقوقي في المنطقة لا يجب أن يظل معزولا في هذه القضية بالذات"، موضحة أن الجارة الشرقية للمغرب الجزائر وكذلك تونس ألغوا العقوبة.