موازاة مع تخليد اليوم العالمي ضد عقوبة الإعدام، الذي يصادف العاشر أكتوبر من كل سنة، شرع الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في الضغط على حكومة سعد الدين العثماني، من أجل دفعها إلى التصويت على مشروع القرار المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان. ودعا الائتلاف حكومةَ العثماني إلى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وعلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ وهو البروتوكول الذي لازالت الحكومات المغربية المتعاقبة تمتنع عن المصادقة عليه. وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة أوصتْ في تقريرها الختامي بإلغاء عقوبة الإعدام، لكنَّ هذه التوصية لم تجد طريقها إلى التفعيل بعد، إذ لازالت الحكومة تنظر بتحفظ كبير إلى مسألة إلغاء عقوبة الإعدام، التي لم تعُد تُنفّذ في المغرب منذ سنة 1993، لكنّ مناهضيها يطالبون بالمصادقة على القرار الأممي القاضي بإلغائها، وبالتالي يدعون إلى إلغائها من فصول القانون الجنائي. وواجهت الحكومة السابقة في عهد وزير العدل السابق، المصطفى الرميد، مناهضي عقوبة الإعدام بكونها خفّضت عدد المواد التي تعاقب بالإعدام في القانون الجنائي الحالي؛ بينما صرّح وزير العدل الحالي، محمد أوجار، أمام المؤتمر الدولي لوزراء العدل بروما، السنة الماضية، بأن المغرب يسير في اتجاه الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام. وانتعشت آمال مناهضي عقوبة الإعدام في المغرب باحتمال مُضي المملكة في درب إلغاء هذه العقوبة بعد الإشارة التي بعثها الملك محمد السادس عبر الرسالة التي وجهها إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش سنة 2014، حيث أشاد بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، معتبرا أنه "سيُمكّن من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية". ولاحقا، بعث الملك إشارة أخرى، تصبّ في هذا الاتجاه، حين أصدر عفوا عن عدد من المحكومين بالإعدام، مع تحويل العقوبة إلى عقوبة بالسجن المؤبد أو المحدد؛ وهو ما عدَّه الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام "مؤشرا إيجابيا يجب أن يستمر ليشمل باقي المحكومين والمحكومات بالإعدام حتى تغلق نهائيا "عنابر الموت" بكل السجون". ودعا الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات إلى "جعل قضية إلغاء عقوبة الإعدام وحماية الحق في الحياة ضمن انشغالاتها، والعمل على حث الحكومة على اتخاذ الخطوات اللازمة للسير ببلادنا نحو الإلغاء". ويَعتبر الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام أنّ هذه العقوبة تشكل انتهاكا سافرا للحق المقدس في الحياة، وتتعارض مع مقتضيات الدستور، مستندا إلى الفصل 20 من دستور المملكة، الذي نصَّ على أنّ "الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق". وتُواجَه مطالب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب بأصوات كثيرة محافظة داخل المجتمع تؤيّد بقاءها، بداعي ردْع مرتكبي الجرائم وصيانة حقوق الضحايا؛ لكن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام يرى أنّ إلغاءها "ليس فيه ضرر على حقوق الضحايا، ولا على استقرار وأمن المجتمع"، معتبرا إياها "عقوبة مطلقة تتنافى ومبادئ العدالة، وتعدم إمكانية التأهيل والإدماج وإصلاح الجناة".