يبْدو أنّ العلاقة بين جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، القائد للتحالف الحكومي الحالي، ما فتِئتْ تزداد سوءً، فبعْد الانتقادات المتبادلة بين الطرفيْن، خلال الآونة الأخيرة، خرجَ رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، عبد الله متوكّل، ليشنّ هجوما قويّا على الحكومة بمختلف مكوّناتها، وعلى رئيسها. وقال متوكّل، في كلمة ألقاها أمام أعضاء الجماعة خلال انعقاد المجلس القُطري لدائرتها السياسية في دورته الثامنة عشرة، حينَ حديثه عن الإصلاحات التي أعلنت الحكومة مباشرتها، خاصّة فيما بتعلق بأنظمة التقاعد وصندوق المقاصة، إنّ هناك خيارات أخرى أمام رئيس الحكومة، يمكن اللجوء إليها، غير استنزاف جيوب المواطنين. واعتبر المتوكّل أنّ الزيادات المتكررة في أثمان الموادّ الغذائية الأساسية، وفواتير الماء والكهرباء والمحروقات، وما يترتّب عن ذلك من ارتفاع في أثمان سلع وخدمات أخرى، "كل ذلك يدخل في إطار برنامج الإصلاح المزعوم، وبدعوى أنها إجراءات كانت ضرورية لتفادي الكارثة"، وأضاف "ليْت الأمر كما يقول رئيس الحكومة". متوكّل شنّ هجوما على عبد الإله بنكيران، وقال إنَّه لو كانت تبريراته للزيادات المتوالية في الأسعار صحيحة "لَهانَ الخَطْب، ولما كان هناك من داع لعتابٍ أو مَلام"، قبل أن يستدرك "ولكنّ الحقيقة التي يعرفها رئيس الحكومة ومن معه، لاسيما وقد أمضوا في مواقع المسؤولية مدّة كافية مكّنتهم من معرفة ما هنالك عن قرب، أنّ هناك خيارات أخرى كان يمكن أن تغني عن اللجوء إلى جيوب المستضعفين من هذا الشعب المسكين". وواصلَ متوكّل هجومه على حكومة بنكيران بالقول "فلماذا لم تتصدَّ حكومتنا الموقرة لبُؤَر الفساد وما أكثرها، ولإصلاح قطاعات تتعرض لنهب رهيب وتفوت على خزينة الدولة الملايير كان يمكن أن توظف في مشاريع تعود على البلد بالخير الوفير؟"، وتابع أنّ هناك شركات كبرى و"رؤوسا غليظة" تتهرّب من أداء الضرائب، متسائلا "فلماذا لا تطالبهم الحكومة بالقضاء؟" واسترسل متوكّل في عرْض المواردِ المالية التي قال إنّ الحكومة بإمكانها أن توفّر منها ما تحتاج إليه الدولة للقيام بعملية الإصلاح، دونما مسّ بجيوب المواطنين، وقال إنّ هناك مؤسسات "تقدّر مداخيلها بالملايير ولا تدفع سنتيما واحدا للدولة"، وأضاف إلى ذلك قطاع المناجم والمقالع والصيد في أعالي البحار وقطاع العقار، قائلا إنّها قطاعات تفوّت بأثمنة رمزية لأشخاص معيّنين يكسبون الملايير ولا يؤدّون ما عليهم من واجبات تجاه الدولة. وفي ردٍّ ضمنيٍّ على دعوة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران جماعة العدل والإحسان إلى المشاركة في العمل السياسي، والقطع مع "الانتظارية"، قال رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، "خلاصة القول، في كلمة، هي أن الرهان على التغيير من داخل هذه الشروط هو تعلق بالسراب وترويج للأوهام ليس إلا. ومن ينتظر من نظام الاستبداد أن يعطيه حرية وعدلا وكرامة كمن ينتظر من العلقم أن يعطيه عسلا".