لا يمكن الحديث عن قضية الخادمة التي تفجرت بالقنيطرة دون الحديث عن إعطاب العدالة بالمغرب، تلك الأعطاب التي أثارتها وسائل الإعلام بشكل غير مباشر من خلال تفاصيل نازلة الخادمة المعروضة على أنظار المحكمة المختصة على اثر شكاية والي القنيطرة التي نتوفر على معطياتها عبر المنابر الإعلامية فقط التي عليها أن تتحمل مسؤوليتها بشان مصداقية الوقائع التي نشرتها. فهذه القضية بغض النظر عن الوقائع كما هي مفصلة بالملف المعروض على المحكمة والدي لا يوجد بالطبع إلا بين يدي القضاة المختصين للبث فيها والتي تحمل على كل حال دلالات قوية وتوجه رسائل عميقة بخصوص مجموعة من المشاكل التي لا يمكن أن ندير لها ظهورنا بقدر ما ينبغي أن نواجهها ونطرحها بشكل بسيط لكي يتسنى لنل الوصول إلى حل بغية تحقيق التنمية البشرية المستدامة التي يحلم بها كل مواطن مغربي غيور على بلده. فإن كان من باب التأكيد أن القضاء في خدمة المواطن، فانه من باب التوضيح أن قضية الخادمة تسلط الضوء على مجموعة من النقط من ضمنها ترشيد الاعتقال التي تعمل مديرية الشؤون الجنائية والعفو على منحه حسب أهوائها مدلولا نسبيا يتغير بتغير مواقع المتقاضين تكريسا لظاهرة الإفلات من العقاب التي تقوم على تحويل في بعض الأحيان الجناية إلى جنحة والجنحة إلى جناية دون مبررات مما يفرغ ترشيد الاعتقال من محتواه. وفي نفس الإطار والاتجاه فإن قضية الخادمة تفسر بجلاء ظاهرة اكتضاض السجون خاصة وأن اغلب حالات الأشخاص الدين يوجدون وراء القضبان شبيهة بحالة الخادمة المعنية على المستوى الثقافي والمادي والاجتماعي وغيرها من المستويات لا داعي لذكرها . وما يزكي هذا الطرح هو أن بعض السجناء اختاروا عن غير وعي أو بوعي ارتكاب جرائم محددة عوض ارتكاب جريمة أخرى تتساهل معها الجهات المختصة في الوقت الراهن، ويتعلق الأمر بجريمة التسول بزمن ارتفعت فيه حدة البطالة، فإما التسول وإما السجن حتى يتسنى للمسببين الرئيسين وليس الوحيدين في هده الإحداث بالإنعام بالإفلات من العقاب التي تقوم بالأساس على جرائم التمييز. وختاما فإن قضية الخادمة ستظل تكتسي أهمية بالغة سيما بعدما تم التنويه بمجهودات المغرب على الصعيد الدولي في محاربة الإرهاب، ولحسن الحظ تم تدارك الوضع بخصوص قضية الخادمة دون أن نننسى أن هذه الأخيرة ومثلها من الحالات والتي يمكن أن تساهم في خلق تربة مواتية لكي لا يبقى الإرهاب حكرا على الذكور إنما سيشمل أيضا الإناث. طوبى للمساواة و المناصفة، فهل تم التفكير إن كان باستطاعة الخادمة اقتناء خروف عيد الأضحى ونحن على أبوابه طالما أن كيلوغراما واحدا من اللحم هو السبب في تورطها في الجريمة المذكورة أعلاه والضجة الإعلامية التي أعقبتها... طوبى للمساواة والمناصفة. *نائب وكيل الملك بمحكمة تازة