قررت المحكمة الابتدائية في القنيطرة، عشية أول أمس، الحكم بعدم الاختصاص في الملف الذي يتابَع فيه نجل قاض من أجل «ارتكاب جرائم السرقة والتزوير وحيازة سلاح أبيض بدون مبرر شرعيّ والسكر العلني البيّن». وأحالت هيئة الحكم ملف هذه القضية على استئنافية القنيطرة بعدما استمعت إلى مرافعات هيئة دفاع ابن القاضي، التي اتهمت الضابطة القضائية بنصب مكيدة لموكلها وإنجاز محضر في ظروف مشبوهة يتضمن وقائع مفبركة، مستدلين على ذلك بإشهاد مصادَق عليه يطعن فيه الحارس الليلي «ع. ش.» في التصريحات المنسوبة إليه في محضر الشرطة وينفي أن يكون قد عايَن واقعة سرقة المتهم. وأعرب الدفاع عن استغرابه الشديد متابعة ابن القاضي بالسرقة، رغم عدم وجود شكاية في الموضوع وفي غياب الضحية المفترض، وأشار إلى أنه «هذا الملف تحيط به الشكوك من جميع الجوانب»، واعتبر أن «اعتقال المتهم مقصود ومتعمد، يستهدف القاضي الأب، لكونه رفض في وقت سابق الخضوع للضغوطات التي مورست عليه في ملف توبع فيه عميد شرطة».. ودافع محامو نجل القاضي بشدة عن براءة موكلهم، وأضافوا أن الملف يفتقر إلى القرائن والأدلة الثبوتية، وطالبوا بإطلاق سراحه، ملتمسين في الوقت نفسه الاستماع إلى الشاهد، الذي تقدم بتصريح ينفي فيه الأقوال المنسوبة إليه في محضر الضابطة. وبعد المداولة، قضت قاضية الجلسة ب»عدم الاختصاص»، وأحالت الملف على الجنايات، «لطبيعة الأفعال المرتكَبة»، في انتظار أن يستأنف دفاع المتهم، الذي يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي في السجن المدني للقنيطرة، هذا الحكم. ويشار إلى أن المتهم نفسه متابَع أيضا في حالة سراح في قضية أخرى معروضة على أنظار استئنافية القنيطرة بتهم تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة تحت التهديد بالسلاح الأبيض.. ورغم أن قاضي التحقيق في المحكمة نفسها، الذي يتحرى في القضية، قرر إبقاءَه رهن الاعتقال الاحتياطي، فإن الغرفة الجنحية لدى المحكمة ذاتها منحته السراح المؤقت بعد استئناف المتهم. وقد أثار هذا القرار استغراب العديد من الجهات الحقوقية، وطرح سؤالا عريضا في أوساطهم حول مدى مساواة المواطنين أمام القانون واستقلال القضاء، إذ لا يعقل -وفق ناشط حقوقيّ- أن يتابَع في حالة اعتقال مواطن لا يملك علاقات أو نفوذا من أجل سرقة عادية أو شيك لا تتعدى قيمته 5000 درهم، في حين يتم تمتيع المتهم المتابَع بالسرقات الموصوفة تحت التهديد بالسراح المؤقت.. وقال المتحدث نفسه إن ما يؤكد مجانبة القرار سالف الذكر الصواب هو أن المتهم بمجرد منحه السراح، وفي زمن لم يتعد ال15 يوما، تم تقديمه مجددا للاشتباه في اقترافه الأفعال نفسها، حيث قُدّم في حالة اعتقال أمام وكيل الملك لدى ابتدائية القنيطرة، وهو ما يثبت، في نظره، أن السراح الذي منح له لم يكن يستحقه لخطورة الأفعال التي يُتابَع من أجلها.