انطلاقاً من أهمية الحوار بين أتباع الأديان السماوية و الحضارات و الثقافات التي كانت المملكة المغربية على مرالعصور واعية بأهميته؛ بحيث كان المرحوم الملك الحسن الثاني (9 يوليو 1929 - 23 يوليو 1999) لايؤمن بنظرية صراع الحضارات والأديان ، مدافعا رحمه الله في المحافل الدولية وفي عدة كتبه عن واجب التعايش والحواربين أبناء وأتباع الديانات السماوية ؛ مما جعل الأسقف الأرجنتيني "كارلوس مالفا" -رئيس اللجنة المسكونية والحوار بين الديانات- يصرح في الذكرى ال 25 لزايارة البابا جون بول الثاني للمغرب سنة1985 ، والتي نظمت من طرف المركزالإسلامي الأرجنتيني بالعاصمة "بوينس آيريس" في السنة الماضية قائلا: "أن هذه الزيارة التاريخية طبعت مرحلة جديدة في علاقات الأخوة والصداقة الإسلامية المسيحية، وأن خطاب "البابا جون" أمام آلاف المسلمين المغاربة بالملعب الشرفي محمد الخامس بالدار البيضاء شكل مرحلة جديدة للحوار بين المسلمين والمسيحيين.." ، تبعه في هذا النهج إبنه الملك محمد السادس الذي رفع شعار"الإسلام الأخضر" مما دفعه إلى القيام بتجديد الحقل الديني بالمغرب ؛ لمواكبة تغيرات الزمان والمكان ومسايرة أقضية الناس ومستحدثات الأمورالتي لم تعرف في سالف الأزمان ، وهذا من صميم مقاصد الدين الإسلامي الحنيف الذي حمل بين جوانحه قيم ومقاصد وأهداف وقوانين عدة مهمة ، عملت على نشره في بلاد العالم أجمع شرقه وغربه ، ولعل من أشهرهذه القيم والقوانين ؛ قيم الحوار والتسامح واللين واللاعنف..وهناك العشرات من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة تزكي هذا السبيل منها قوله تعالى :" "خذ العفو وأمربالعرف وأعرض عن الجاهلين..." وقوله تعالى :"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هوأعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.." وقوله :"ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغيرعلم". فرسالة الإسلام تدعو إلى التعايش الإيجابي بين الشعوب والبشرجميعا بغض النظرعن ألوانهم ومعتقداتهم وأوطانهم، فجميعهم ينحدرون من نفس واحدة ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب ، فديننا الإسلامي يعترف بوجود الاختلاف بين المجتمعات والأفراد والمعتقدات ، كمايقربشرعية ما للغيرمن وجهة نظرذاتية قد تكون مخالفة للحق والصواب والمنطق والدين وذلك ماهو واضح في سورة الكافرون بقوله: "لكم دينكم ولي دين" ،فمجتمعاتنا البشرية اليوم بحاجة إلى أن تتحاور؛ لأن الحوارفي فلسفة الإسلام له أهمية فائقة ؛ بل هوأول وآخرشئ في الدعوة إلى طريق الخيروالفلاح والهداية ؛ سيما إذاكان الهدف منه هوإيصال الحق إلى القلوب وتفكيك جيوب الخلاف والصراع والتقاتل والتنافر..؛ لذلك يبقى الحوارهوالسلاح الوحيد الذي يمكن من خلاله أن نصل إلى شاطئ الأمان والاستقراروالسلام ، ومن يدعي غيرذلك فهوكذاب أشر..! إن المتمعن في خريطة العالم المعاصراليوم ، وما تعرفه الساحة العربية والإسلامية من تصدعات وصراعات ظاهرة وباطنهة؛ من جراء انعكاسات أحداث 11 سبتمبرالأليمة والتي ندينها بشدة، وندين غيرها في العراق وفي مصروسوريا وغزة وليبيا وفي كل مكان ، وسواء غلفت بغلاف ديني أوسياسي أوثقافي ..فالإرهاب لادين ولاملة له ..! ورغم كتابات ومحاولات الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" و"صامويل هنتغتون" و"فرنسيس فوكوياما" إلساق التهم بدين الإسلام ؛ واعتباره دين الإرهاب والبربرية والوحشية والظلام والفاشية..! كما أن كل من القس الأمريكي "فرانكلين جريهام" رئيس عام جمعية جريهام التبشيرية ، والقسيس "جيري فالويل" والقسيس "بات روبرتسون" مؤسس شبكة الإذاعات المسحية بالولايات المتحدةالأمريكية ، ونائب رئيس موقع "مراقبة الإرهاب" الأستاذ "هيوفيتزجيرالد" الذي قال في إحدى تصريحاته: "عندما أرى الآلاف من المسلمين في المسجد لا أرى في ذلك تجمعا عاديا مثل الذي يحدث في الكنيسة ؛ بل يذكرني بتجمع الحزب النازي". هؤلاء –للأسف- بمواقفهم ومؤلفاتهم وكتاباتهم السلبية تجاه الإسلام والمسلمين يكونون في الحقيقة قد وقعوا للمجموعات المتطرفة من الجماعات الإسلامية الدموية ولليمين المتطرف في أوروبا وللولايات المتحدةالأمريكية على الخصوص شيكا على بياض، يستعمله كل طرف للقضاء على الآخر، واستعملته أمريكا على الخصوص كرصيد استراتيجي للقضاء على المعاندين والمعارضين لسياساتها وتوسعاتها في البلاد العربية والإسلامية؛ بغية السيطرة على العالم أجمع وطبط إيقاعاته ونغماته وأنفاسه ، مع فرض نمط الحياة الغربية عليه ؛ وبالتالي تكريس التبعية الثقافية والحضارية والاقتصادية للمستضعفين في أرض الله الواسعة، وهو ما ينذر بالدخول في دوامة من الصراعات والحروب؛ ربما تمتد لأزمنة بعيدة وقد تشرع الأبواب أمام مسلسل إرهابي طويل المدى قد لاينتهي بتقسيم العالم إلى طائفتين متقاتلتين؛ ولكنه قد ينتهي بتدمير هذا العالم على رؤوس أطرافه المتصارعة؛ وهذا يقودنا إلى التساؤل عن طبيعة الصورة التي رسخت في أذهان الغربيين عن الحضارة الإسلامية والعربية إبان حادث 11سبتمبر، والجواب بسيط تجده في "الإسلاموفوبيا "التي تنتشرفي البلاد الغربية بوتيرة متصاعدة المتمثلة في اليمين المتطرف الذي اصبح يضيق صدره لرؤية محجبة تمرمرورالكرام في شوارع أوروبا وأمريكا..!! أو رؤية فقيرمسلم ملتحي ربما لم يجد ثمن شراء شفرة لحلاقة شعر وجهه تحسبا أن يكون من فصيل الدواعش الذي يتلذذ في قطع الرؤوس..!! . وفي هذه الأجواء المكفرة القاتمة بغيوم العنصرية والكره والبغض والتقاتل والتناحريأتي الحوارالإسلامي المسيحي ليس كشأنا لاهوتيا أوسجالا فكريا أوترفا معرفيا ونظريا بل هوضرورة وحاجة وواجب شرعي في عالم اليوم ، يحتم على العقلاء من المسلمين والمسيحيين واليهود التفكيرجديا في بلورة مشروع إنساني وتاريخي مشترك، يعيش تحت كنفه جميع أبناء الله تعالى ومخلوقاته بغض النظرعن معتقداتهم وألوانهم وجنسياتهم؛ لأنه لم يعد مقبولا أبدا في خضم هذه الصراعات الاكتفاء بشكليات وبروتوكولات بين الدول والزعماء ، أوبعلاقات الفاتيكان بمنظمة التعاون الإسلامي؛ بل يجب أن يرقى هذا الحوارإلى مستوى أفضل بكثير؛ لما للمسلمين والمسيحيين من تاريخ طويل وعريق امتد منذ أربعة عشرقرنا ونيف، التقوا مرارا في ساحات التاريخ ومفترقاته؛ لكنهم وللأسف لم يتعارفوا إلا قليلا ولم يتصافوا إلانادرا وظلوا إخوة غرباء في بيت أبيهم آدم وجدهم إبراهيم عليه السلام ، وكان اللقاء الأول والجميل عندما اشتدت الفتنة والبلاء على محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فلم يجد مانعا في أن يأمرصحابته بالهجرة إلى الحبشة ، فوجدوا لدى النجاشي المسيحي موئلا وموطنا وحماية ، ثم خمدت الفتنة وعادوا إلى مكة ، وهذا الجميل لم ينساه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمجرد ماوصل نبأ وفاة النجاشي إلى مسامعه قام صلى الله عليه وسلم بصلاة الغائب عليه في البقيع معلنا الحداد الإسلامي الأول على نصراني أدركته المنية. ولقد لقي محمد صلى الله عليه وسلم من المسيحيين في مكة ثم في المدينة في بدء هجرته إخلاصا في الولاء وارتباطا بالعهد ، فأحبهم حبا لاغش فيه وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تشهد بهذا، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشرت دعوة الإسلام جهة الشمال ضاربة في البلدان السريانية المسيحية الخاضعة آنذاك لفارس وبيزنطة وكانت القبائل المسيحية تدخل في دين الإسلام أفواجا ، نظرا لظلم قيصرالروم وكسرى فارس، فأصبح المسيحيون في طليعة الجيوش الإسلامية إلى بلاد العراق والشام..وهكذا ساءت أحوالهم مرة وتحسنت مرات ..إلى أن جاءت الحروب الصليبية فمزقت خيوط التفاهم والمحبة التي كانت تجمع المسلمين بالمسيحين في الشرق ؛ مخلفة وراءها أطنانا من التباغض والتنافروالتباعد مازالت آثاره تسري حتى يومنا هذا، وما قامت به داعش أخيرا في طرد المسيحيين من العراق لخير مثال لهذا الاحتقان..فمعضلة البشرية اليوم كما يزعم بعضهم معضلة اقتصادية،وإنما هي في الحقيقة معضلة أخلاقية ناتجة عن ضعف الإيمان بالله والبعد عن المعبود الحق جل جلاله ؛ لهذا قد حان للمؤمنين بالله وبأنبيائه ورسله الكرام من المسلمين والمسيحيين واليهود، أن يتحاوروا ويتعاونوا ويتضامنوا للحد من ضغيان الشرومن فتنة لاتبقي ولاتذر، واليوم ربما قد أدرك الجميع خطورة الدين إذا لم يستخدم في بناء الأوطان وسعادة الإنسان ، يمكن ان يصرف في تخريب البلدان ودمارالإنسان؛ لهذا تنبه المجتمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965) مبكرا لخطورة الأمرفناقش ولأول مرة مشكلة العلاقة بين الكنيسة والديانات غير المسيحية؛ حيث خصص لهذه المسألة المهمة تصريحاَ خاصاَ حول: (علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية) والذي نوقشت بعض جوانبه بصورة أو بأخرى في عدد من الوثائق الصادرة عن المجمع في الدستور العقائدي في الكنيسة، وفي الدستور الرعوي في الكنيسة وفي القراءات المجمعية وفي مهمة الأساقفة الرعوية في الكنيسة وفي نشاط الكنيسة الإرسالي وفي البيانات والإعلانات الصادرة عن المجمع في الحرية الدينية وفي التربية المسيحية، كما أولى هذا المجمع اهتماما خاصاَ للإسلام. فاللمرة الأولى منذ 14 قرنا من وجود المسيحية والإسلام يتحدث مجمع مسكوني كاثوليكي بصورة إيجابية عن المسلمين معترفا بوضعهم الديني المتميز؛ حيث جاء في النص النهائي للتصريح حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية ما نصه: "أن الكنيسة تنظر بعين الاعتبار أيضا إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد الحي القيوم الرحيم القادر على كل شيء خالق السماء والأرض ومكلم البشر الذين (أي المسلمين) يجتهدون في أن يخضعوا بكليتهم حتى لأوامر الله الخفية كما خضع له إبراهيم الذي يسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي وأنهم يجلون يسوع كنبي وإن لم يعترفوا به كإله ويكرمون أمه مريم العذراء .." لقد أصبح اليوم من الضروري إدراج الحوارالإسلامي المسيحي في المناهج التعليمية والتربوية ، وعبرجميع مراحل التعليم من الإبتدائي حتى الثانوي مرورا بالتعليم الجامعي وتحويله إلى مادة علمية لها موقعها المميزفي مشاريع الدول والمنظمات والأحزاب ، وبدل وضع نظرية صدام الحضارات وتقاتل الديانات كان من المفروض وخاصة من المؤمنين والمخلصين والعقلاء إلى وضع دراسة علمية تؤسس من خلالها نظرية "حواروتعايش الحضارات". وفي هذا السياق وتماشيا مع تعاليم القرآن الكريم الذي أعلن في آيات تتلى إلى قيام الساعة أن أصل العلاقات بين الأمم والشعوب والحضارات التعايش لا التصادم في قوله تعالى : "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقواكم" وقوله تعالى : "وتعاونوا على البروالتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان" جاءت مبادرة (كلمة سواء بيننا وبينكم) للحواربين الأديان السماوية في أواخرعام 2010 بمشاركة ومباركة عدد هائل من علماء الإسلام في مختلف ارجاء المعمور ، واستجاب لهذه المبادرة مايزيد عن 300 عالم دين مسيحي من مذاهب مختلفة بصياغة خطاب طويل تحت عنوان : (حب الله والآخر) ؛ لكن الظاهرهذا الورقة البحثية لعلماء المسيح أقلقت زميلهم في الميدان وهوعالم اللاهوت الأمريكي "ألبرت موللر" رئيس المعهد الجنوبي للاهوت التعميدي معترضا عن هذا الحوارالإسلامي المسيحي في حديث إذاعي ألقاه الصيف الماضي مبينا سبب اعتراضه من منطلق أن هناك خلطا بين المفهومين الإسلامي والمسيحي عن الله، لم يتنبه إليه الطرف المسيحي، إذ بحسبه فإن المبادرة الإسلامية قد أشارت إلى الإيمان بإله واحد مشترك بين الديانتين كأساس للحوار، وهو ما يعارضه "موللر" مبينا أن المسلمين يؤمنون بعيسى كنبي ولايؤمنون به كإله ؛ وهذا مالم ينتبه إليه الطرف المسيحي، معاتبا إياهم عن عدم توضيحهم للفهم المسيحي للرب وفقا لعقيدة التثليث المسيحية المبنية على "الأب والإبن والروح القدس"، كما هاجم زملاءه من رجال الدين المسيحي لاعتذارهم للمسلمين عن الحروب الصليبية والعنف الممارس ضدهم خلال الحرب على الإرهاب موضحا بقوله: "إنه خلال الحروب الصليبية قد ارتكب الطرفان أخطاء على نفس الدرجة من الفداحة.. وأنه لولا تلك الحروب الصليبية لكانت أوروبا الآن قارة مسلمة ولأ لقيت عليكم هذا الخطاب بالعربية ". أما الحرب على الإرهاب فيعتبرها ليست حربا دينية وإنما أمريكا هي االمسؤولة عليها ولاينبغي للمسيحيين أن يعتذروا للمسلمين بسببها ..!!. هذه التصريحات المتشنجة التي ادلى بها "ألبرت مللر" أستقبلت بالرفض من طرف الكثيرمن علماء الدين المسيحي وفي مقدمتهم عالم اللاهوت الأمريكي البروتستانتي "بول نيتر" في ورقة بحثية قام بعرضها بمؤتمر الإسلام والغرب الذي عقد بالقاهرة سنة 2012؛ بحيث يعتبر" نيتر" أن اللاهوت يمكن أن يكون مدخلا مباشرا لحوار الأديان، فيقول: "إنني أريد أن أستكشف كيف أن اللاهوت ، والذي كان دائما سببا للتوتر بين الأديان، يمكن أن يكون سببا أعظم للوفاق ومصدرا أرحب للتصالح بينها.. إننا إذا ماواتتنا الشجاعة للتعرف على الكيفية التي صار بها اللاهوت والمعتقدات سببا للإشكال، فسوف تواتينا القدرة على التأكيد مجددا على إمكانية أن تكون هي الحل.." ومن خلال بحثه هذا يحاول "نيتر" أن يثبت بأن الإسلام والمسيحية هما دياناتان شقيقتان تاريخيا ولاهوتيا، مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" ولهذا يصل "نيتر" إلى أن الإسلام والمسيحية لهما مصدرواحد كما ينتهيان لأب واحد هو إبراهيم عليه السلام ، ويعتبرأن اليهودية هي الأب الروحي للإسلام والمسيحية والذي تجسدت فيه نظرية " شعب الله المختار" التي يعتقد اليهود بموجبها أن الله قد اختارهم وفضلهم على العالمين، كما هومبين في القرآن- للنهوض برسالة محددة، ولما انحسر الدور التاريخي لليهودية كديانة وانكمشت على ذاتها فقد آل إرث "شعب الله المختار" إلى الأخين الشقيقين: الإسلام والمسيحية وأصبح التنافس بينهما سجالا يدور حول من سيؤول إليه إرث اليهودية، أي من سيصبح شعب الله المختار؟ ، هنا في رأي "نيتر" تكمن المشكله ؛ بحيث أن أصحاب هاتين الديانتين لا يعتقدون أن الله قد أناط معتنقي كل ديانة برسالة مختلفة عن تلك التي أسندها إلى أصحاب الديانة الأخرى، أما عقيدة التثليث عنده لاتتنافى مع عقيدة التوحيد الإسلامية ؛حيث إنها لاتعني وجود ثلاثة آلهة ولكن تجلي الله في صور ثلاثة، على عكس ماتمسك به "موللر". وهو يرى أن ذلك يقترب من تعدد صفات الله في الإسلام؛ حيث لله تسعة وتسعون إسما وكلها تشير إلى إله واحد. وهكذا فإن الوحدانية لاتنفي التنوع في كلتا الديانتين. ويرى "نيتر" حسب رأيه الخاص أن الخطاب القرآني أكثر وضوحا في هذا الصدد من العهد الجديد حيث يشير القرآن بوضوح إلى اعتبار التنوع سنة من سنن الله وذلك في مواضع عدة يذكر منها: ".. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولوشاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ..". وخلاصة القول فالحوارالإسلامي المسيحي يحتاج إلى المزيد من الجهد والاجتهاد لإقناع بعضنا بعضا بأهميته وفوائده وضرورته الدينية والدنيوية على حد سواء، دون التغضي عن دورالغرب المسيحي في تسهيل مهمة هذا الحوارودفع عجلته إلى شاطئ الأمان، نظرا لما ترزخ به النزعة التبشيرية الغربية من عدائية وتعال تجاه كل ماهو إسلامي؛ أدى من وراء هذا غزو معظم البلاد الإسلامية والعربية في العصرالحديث..! وفي المقابل ينبغي أن يقوم العالم الإسلامي بتنقية شيوخه ودعاته وغربلة بعض تراثه الذي يحمل في طياته الكثير من وقود الفتنة تجاه الآخر..!! بماذا نفسر وإلى حد اليوم شيوخنا الأفاضل وخطباء الجمعة الكرام وأمام السلطات الرسمية في البلاد العربية والإسلامية يسبون ويلعنون اليهود والنصارى ويطلبون من الله تعالى أن يدمرهم ويرمل نساءهم وييتم أطفالهم ويحرق ديارهم، ويجمد الدماء في عروقهم، وأن يكونوا غنيمة للمسلمين..!!! . فإن لم يكونوا هلاء حمقى ومجانين، فمن هو الأحمق والمجنون ؟!!. فا لأمرجد خطيرفإذا لم نتحاور ونتعايش ونتعاون فيما بيننا على الخيروالصلاح في إعمارأرض الله بما ينفع خلقه وعياله، فستصبح البشرية في خطر عظيم . - باحث إسلامي