خرجت الحكومة المغربية بمشروع قانون تتابع فيه كل من تورط في الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وذلك تزامنا مع إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية لتشكيل حلف دولي لمواجهة تنظيم "داعش"، وتأكيد ذلك في مؤتمر باريس الأخير ل"الأمن والسلام"، بإعلان 20 دولة غربية وعربية على محاربة "التنظيم المتطرف" في العراق. ويعاقب مشروع القانون الجديد، الذي أعدته وزارة العدل والحريات، كل من التحق، أو حاول الالتحاق بكيانات أو جماعات إرهابية مهما كان شكلها وأهدافها، أو مكان تواجدها، من خمس سنوات حبسا إلى 15 سنة سجنا، وغرامة تتراوح بين 50 ألف و500 ألف درهم، مشيرا أنه "حتى لو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمغرب أو مصالحه". ويأتي القانون المقترح في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة لهسبريس، عن قيام مفاوضات بين مقاتلين داعشيّين مغاربة، عالقين في تركيا، والأجهزة الأمنية للعودة إلى المغرب، بشأن تجنيبهم المتابعة القضائية والسجن بتهم تتعلق بالإرهاب في حالة اعتقالهم. وأكدت الحكومة، في المذكرة التقديمية للمشروع الذي يرتقب أن تصادق عليه قريبا، "انخراطها في تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق أو محاولة الالتحاق بمعسكرات تدريبية بالخارج"، مبرزة أنها تعد من بين أخطر الممارسات المؤدية إلى انتشار الإرهاب بفعل دورها في الفكر الإرهابي، ونشر الإيديولوجية المتطرفة الداعية إلى العنف والكراهية". ولم يقف المشروع عند معاقبة الملتحقين بل أكد على "معاقبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة هذه الكيانات الإرهابية"، مشيرا أن العقوبات تنطبق على "كل من قام بأية وسيلة بإقناع الغير بارتكاب أي جريمة من الجرائم أو دفعه للقيام بها، أو تحريضه على ذلك". وعرف مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب، الأفعال الإرهابية، بأنها "الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي، أو جماعي في إطار منظم، أو غير منظم بكيانات، أو تنظيمات، أو جماعات إرهابية". وحذر المصدر من تلقي تدريب، أو تكوين كيفما كان شكله، أو نوعه، أو مدته داخل أو خارج أراضي المملكة، سواء وقع الفعل المذكور، أو لم يقع، وكذا تجنيد، أو تدريب، أو تكوين شخص، أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات، أو عصابات، أو جماعات داخل أراضي المملكة المغربية أو خارجها، أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال". الإدريسي: القانون يؤكد انخراط المغرب في تحالف أمريكا الناشط الحقوقي، خليل الإدريسي، اعتبر المشروع الجديد، الذي يأتي معدلا لقانون مكافحة الإرهاب الصادر منذ 2003، تأكيدا من المغرب على انخراطه في التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب، الذي أعلنت عنه الولاياتالمتحدةالأمريكية مباشرة بعد أحداث 11 شتنبر 2001، منتقدا في الوقت ذاته اعتماد الحكومة لهذه الآلية التشريعية "بشكل منفرد" في معالجة ظاهرة الإرهاب. وأشار الإدريسي، في تصريح أدلى به لهسبريس، إلى أن قانون مكافحة الإرهاب، الذي كان محط انتقاد من طرف منظمات حقوقية وطنية ودولية "لم يحقق الأهداف التي سطرتها الدولة من أجله"، مشددا على أنه سبب أزمة ذات أبعاد متعددة "لدينا آلاف الأشخاص تم اعتقالهم وتمت معاملتهم بشكل لا قانوني وغير إنساني وتعرضوا لمحاكمات غير عادلة"، كما "قضوا عقوبات قاسية، وغادروا السجن دون الاستفادة من أي برنامج في التأهيل التربوي والديني والفكري". واعتبر الناشط المهتم بملفات قضايا الإرهاب، أن ما فرضه قانون مكافحة الإرهاب على المعتقلين في إطاره "كان عاملا في تعميق أسباب لتطرف لدى السجناء"، مشيرا إلى أن دليل ذلك توجه عدد من المفرج عنهم إلى بؤر التوتر في سورياوالعراق، "لم يستطع أن يجعلهم يبتعدون عن الفكر المتطرف بل الأخطر أن مجموعة من الأبرياء تمت محاكمتهم بالقانون بشكل ظالم، وهذا كان عاملا مباشرا في تحولهم فكرهم إلى متطرف". وخلص الإدريسي إلى أن مقترح القانون الجديد يبرهن على مقاربة قانونية "ضيقة بخلفية أمنية" و"انخراط أعمى في توجه دولي غير مضبوط من الناحية القانونية والإنسانية"، مشيرا إلى أن هذا الانخراط سيجعل المغرب أمام أزمة مستقبلية "بدأت بوادرها منذ خروج قانون الإرهاب قبل 11 سنة". وحذر الإدريسي من انخراط المغرب في معادلات ومخططات دولية بشكل دون النظر إلى تحديات الواقع، مردفا "هناك دول تستثمر في الإرهاب وتدعو إلى مكافحته بعد أن شجعته في الأول، على رأسها الولاياتالمتحدة المتورطة في نزاعات وعلاقات بجماعات متطرفة سعت إلى تمويلها في البداية"، مشددا على ضرورة البحث في أسباب التطرف من أجل معالجته "وليس مسايرة ما تخطط له التحالفات الدولية".