انخرطت الحكومة في تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق أو محاولة الالتحاق بمعسكرات تدريبية بالخارج التي تعد من بين أخطر الممارسات وأهم الوسائل المؤدية إلى انتشار الإرهاب و ذلك بفعل دورها في نشر الفكر الإرهابي و الإيديولوجية المتطرفة الداعية إلى العنف والكراهية، فضلا عن إخضاع الملتحقين بها لتداريب شبه عسكرية، حسب مذكرة رسمية . ويبدو أن خطر "الدواعش" يؤرق الحكومة، مما جعل وزارة العدل والحريات تعد مشروع قانون في الموضوع، حيث أضحى الالتحاق، أو محاولة الالتحاق بكيانات، أو جماعات إرهابية معاقبا عليه من خمس سنوات حبسا إلى خمس عشرة سنة سجنا، وغرامة تتراوح بين 50 ألف و500 ألف درهم، مهما كان شكل هذه التنظيمات الإرهابية وأهدافها، أو مكان تواجدها، حتى لو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمغرب أو مصالحه .
كما يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة هذه الكيانات الإرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية، طبقا لما جاء في الفقرة الثانية المعدلة من الفصل 218.2 .
وتطبق أيضا نفس العقوبة السجنية والغرامة في مواجهة كل من قام بأية وسيلة بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب، أو دفعه للقيام بها، أو تحريضه على ذلك، حسب الفصل 218.5 من مشروع هذا القانون الذي تقدمت به وزارة العدل والحريات، التي تقدمت في وقت سابق بتعديلات لتوسيع مفهوم مكافحة الإرهاب في مشروع قانون المسطرة الجنائية، مما يطرح أسئلة جوهرية حول مدى مساسها بالحريات .
واعتبرت المادة الأولى من مشروع القانون رقم 86.14 المغير لمجموعة القانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية المتعلق بمكافحة الإرهاب أن الأفعال الإرهابية، حسب مدلول الفصل218.1.1 هو:
1- الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي، أو جماعي في إطار منظم، أو غير منظم بكيانات، أو تنظيمات، أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها وأهدافها، أو مكان تواجدها ولو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها .
2- تلقي تدريب، أو تكوين كيفما كان شكله، أو نوعه، أو مدته داخل أو خارج أراضي المملكة، سواء وقع الفعل المذكور، أو لم يقع .
3- تجنيد، أو تدريب، أو تكوين شخص، أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات، أو عصابات، أو جماعات داخل أراضي المملكة المغربية أو خارجها، أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال .
وورد في الفقرة الأخيرة من هذا الفصل أنه إذا كان الفاعل معنويا فالعقوبة "تتراوح بين250.000 درهم و2.500.000 درهم، مع الحكم بحله وبالتدابير الوقائية المنصوص عليها في الفصل 62 من هذا القانون، دون المساس بحقوق الغير ودون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها في حق مسيري الشخص المعنوي أو مستخدميه المرتكبين للجريمة أو المحاولة" .
وقد حاول واضعو مشروع هذا القانون مراعاة مبدأ تناسب العقوبة مع الفعل الجرمي المرتكب من خلال إعادة النظر في العقوبة المقررة بخصوص فعل التحريض على ارتكاب الجريمة الإرهابية المنصوص عليها في الفصل 218.5 من القانون الجنائي والتي كانت عقوبتها تصل إلى الإعدام، أو السجن المؤبد، أو 30 سنة .
ولتجاوز الصعوبات المرتبطة بتطبيق القواعد العامة بشأن الاختصاص القضائي المتعلق بالجرائم المرتكبة خارج التراب الوطني المغربي فقد أضيف التعديل التالي للمادة 711.1 من قانون المسطرة الجنائية وذلك على النحو التالي:
"بالرغم من أي مقتضى قانوني مخالف يتابع ويحاكم أمام المحاكم المغربية المختصة كل مغربي، أو أجنبي ارتكب خارج أرض المملكة بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا جريمة إرهابية سواء كانت تستهدف أو لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها" .
ولا يمكن متابعة أو محاكمة الأجنبي بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا إلا إذا وجد فوق التراب الوطني إذا كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمغرب أو مصالحها .
وأكدت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه لا يمكن متابعة متهم، أو الحكم عليه إذا أثبت أنه حُكم بالخارج من أجل نفس الفعل الحائز لقوة الشيء المقضي به، أو أن العقوبة تقادمت .