غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جمعية المحامين ترحب بالوساطة للحوار‬    حموشي يخاطب مجتمع "أنتربول" بالعربية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    النصيري يزور شباك ألكمار الهولندي    المدير العام لإدارة السجون يلوح بالاستقالة بعد "إهانته" في اجتماع بالبرلمان    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    المنصوري تكشف عن برنامج خماسي جديد للقضاء على السكن الصفيحي وتحسين ظروف آلاف الأسر    مجلس الجالية يشيد بقرار الملك إحداث تحول جديد في تدبير شؤون الجالية    الموقف العقلاني والعدمي لطلبة الطب    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    حموشي يترأس وفد المغرب في الجمعية العامة للأنتربول بغلاسكو    هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد        المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرمضاني: الجسم الصحافي يعيش وضعا شاذا
نشر في هسبريس يوم 06 - 10 - 2010

الرمضاني يروي قصته مع "الصباح" و"نيشان" و"الصباحية"
في حوار تنشره "هسبريس" على ثلاث حلقات، يتحدث الصحافي رضوان الرمضاني الذي يشغل حاليا منصب مدير الأخبار بإذاعة "ميد راديو"، عن تجربته الأولى بجريدة "الصباح" وعلاقته بخالد الحري رئيس التحرير الحالي للصحيفة الذي قال الرمضاني عنه أن "وضعه" حينها في "الصباح" عجل باتخاذه قرار المغادرة، وتقديم استقالته.
كما تحدث الرمضاني عن شعوره بالغبن لأن البعض يحاول أن يمحو مرحلة العطافي من تاريخ "الصباح". كما أكد الرمضاني في حواره مع "هسبريس" أن البعض داخل "الصباح" كان يقوم بدور أعوان السلطة في "توصال الهضرة".
وعن تجربته في مجلة "نيشان" التي أعلنت إفلاسها قبل أيام، تحدث الرمضاني عن ملف النكت الذي تسببت في مصادرة عدد المجلة وإتلافه من طرف السلطات.
وقال الرمضاني الذي شغل رئاسة تحرير "نيشان" قبل أن يُقال بسبب رفضه التوقيع على "نداء الحريات"، أنه شعر في وقت ما أن بنشمسي قد غدر به، لكنه ومع توالي الأيام اندمل الجرح.
وعن تجربته في جريدة "الصباحية" التي توقفت عن الصدور حيث عمل بها صحافيا ثم رئيس تحرير قال الرمضاني ان "الصباحية" لغز كبير.
وتحدث الرمضاني بإسهاب عن الخبر الذي نشر في الصفحة الأولى والمتعلق ب"الفضيحة" الجنسية داخل قناة "الرياضية"، حيث قال أنه وبعد كل هذا الوقت أؤكد أن نشر الخبر لم يكن خاطئا.
كما تحدث الرمضاني عن خلافه مع أحمد نشاطي مدير المطبوعات الصادرة باللغة العربية بماروك سوار، وعن الإشارات التي وصلتهم داخل "الصباحية" من اجل تفادي الكتابة عن فؤاد عالي الهمّة إلا وفق ما تنشره وكالة المغرب العربي للأنباء.
لنبدأ حوارنا هذا بما يحدث اليوم في الساحة الإعلامية المغربية من تراشق واتهامات متبادلة بين العديد من الإعلاميين فيما بينهم، إلى الحد الذي جعل البعض يتحدث أن من كان عليهم أن يؤطروا المجتمع هم أنفسهم يحتاجون للتأطير؟
نعترف بأننا نعيش وضعا شاذا. الأمر مؤسف للغاية، وحقيقة الجسم الصحافي في مرحلة حرجة جدا، الأهم ليس أن نقول إن فلان هو السبب أو فلان هو الذي يتحمل المسؤولية، إنما أن نعترف بأننا نعيش وضعا شاذا. ليس سهلا أن نحلل الوضع، وليس سهلا أن نختصر الأمر في مجرد شخص أو اثنين، أو حتى ألف، الأمر أعمق من هذا كله، فما بني على باطل يظل باطلا. الجسم الصحافي مفكك، فيه كثير من الدخلاء، فيه كثير من المتطفلين، فيه كثير من الدكتاتوريين، وفيه الكثير ممن لا يرون في الصحافة إلا وسيلة استرزاق وابتزاز، والأفظع أن النقاش الذي ظلت الصحافة تطالب به سقطت في مطب تحريمه.
أؤكد مرة أخرى أن الأمر أعمق من شخص أو أكثر، البيئة الصحافية فقدت مناعتها على مر السنوات، إلى درجة أنها سقطت بسهولة في الفخ، وأترك للحكماء أن يفسروا أكثر. باختصار: ولينا كنشفيو العديان، والمسؤولية نتحملها نحن أهل المهنة، للأسف ما زالت تنقصنا الكثير من الجرأة لنشخص الأزمة، هي أزمة ذاتية قبل أن تكون من إنتاج "الآخر". الوضع مؤسف للغاية.
هل يعني هذا أن الجسم الإعلامي في المغرب مازال يعيش فترة المراهقة الإعلامية ولم يصل إلى مرحلة النضج؟
ليس للأمر علاقة لا بالمراهقة ولا بالرشد ولا بالشيخوخة، الحكاية وما فيها أن الجسم الصحافي فقد مناعته، وهنا مكمن الخلل. الصحافة المكتوبة تطورت بسرعة أكبر من الطبيعة، فجأة تكسرت الخطوط الحمراء، فجأة ظهرت عشرات الأقلام المتميزة، فجأت ظهرت أسماء متميزة، فجأة ظهرت تسميات جديدة وتصنيفات جديدة، هذا صحافي ضد المخزن، هذا صحافي مع المخزن، هذا صحافي مع الأجهزة، هذا صحافي أخضر، هذا صحافي أحمر، وزد في التصنيفات، ووسط هذا الحراك كان لا بد أن تتسرب الطفيليات من الصنف الذي "سقط سهوا"، والعبارة للزميل عبد الكريم الأمراني.
الجسم الصحافي صار "خيلوطة"، علينا أن ننتظر سنوات كثيرة "باش نتصفاو"، والأكيد أنه لا يصح إلا الصحيح، ولن يصح إلا الصحيح. للأسف أخلاق الزمالة تمنعني من الخوض في كثير من الشوائب، وأنا صراحة أتألم عن بعد، وقد قررت أن أطلق الصحافة المكتوبة، مؤقتا، وأجرب عشيقة جديدة هي الإذاعة.
أنت شخصيا عملت في ثلاث منابر إعلامية مهمة في المغرب، وهي "الصباح" و "نيشان" و "الصباحية" التي كانت تصدرها مجموعة "ماروك سوار" قبل تنتقل حاليا كمدير للأخبار ب"ميد راديو". ما الفرق الذي لمسته في هذه المنابر الثلاثة، واقصد هنا المهنية في الممارسة الصحفية؟
"الصباح" كانت حقيقة مدرستي الثانية، كانت أول منبر أشتغل فيه بعدما غادرت المعهد العالي للإعلام والاتصال، ولا أفوت الفرصة حتى أشكر من وثقوا بي ومنحوني فرصة الاشتغال إلى جانبهم في "الصباح".
بدأت متعاونا في صفحة الشباب ثم جاء ادريس العيساوي لأبدأ العمل رسميا في "الصباح"، ثم ستأتي فيما بعد مرحلة الزميل حسن العطافي وكان عضدي الصحافي قد اشتد قليلا، فوجدت مساحة اشتغال اكبر.
ست سنوات اذن من الاشتغال في "الصباح" ولها أنا مازلت ممتنا، لولاها ما كُنت، لا أقول هذا من باب العاطفة فحسب، أو الحنين، أو أذكروا "الصباح" بخير، وانما هذا واقع.
وحقيقة ما كنت أتصور أنني قد أغادر "الصباح" يوما، إنما أحيانا لا بد من الحسم، وقد اخترت المغادرة، بحثا عن جو أفضل للعمل، وبحثا حتى عن مقابل مادي أحسن، رغم أنني ما أحسست يوما أنني كنت مظلوما ماديا في "الصباح"، فأجري كان من بين أعلى أجور الصحافيين آنذاك، وأعتقد أن السيد خالد بليزيد، المدير العام "لإيكو ميديا"، يتذكر جيدا ما قلته له حين توصل برسالة استقالتي، وقد أثرت في كثيرا شهادة طيبة جدا قالها في حقي، أحسست حينها بحرج كبير وأنا أغادر، إنما "الله يجازي اللي كان السبب"، وأكتفي بهذا القدر من الجواب.
ستأتي فيما بعد مرحلة "نيشان" هنا لا بد أن أقول خيرا في رجل وثق بي، الأخ إدريس كسيكس اتصل بي، وفاتحني في موضوع الالتحاق بمشروع جديد ستصدره مؤسسة "تيل كيل"، وجدت العرض مغريا جدا، ليس من الناحية المادية بالتأكيد، إنما على مستوى التصور. لم أتردد كثيرا في قبول العرض، خصوصا أنه "كانت واصلة فيّ للعظم" حينها، فقررت الرحيل، وخوض المغامرة. كان التغيير مرعبا، الانتقال من مؤسسة بخط تحريري معين إلى أخرى بخط تحريري تقريبا مناقض. إنما قبلت أن أخوض المغامرة، وقد كانت كذلك بالنظر إلى الانتقال من مؤسسة بدون مشاكل مادية، إلى أخرى في بداية المشوار، وأي هفوة قد تعدمها.
لا يفوتني التذكير بأنني غادرت "الصباح" ومبيعاتها في القمة، بعدما بدأت العمل فيها وهي مهددة بالإغلاق، كان الأمر مفخرة بالنسبة إلى فريق عمل بكامله.
في "نيشان" بدأنا المغامرة وكثيرا ما كنت أتساءل: هل قررت القرار الصحيح؟ مع مرور الوقت وجدتني في الخضم، نشتغل على ملفات مثيرة، نصدم القراء أحيانا، والزملاء أحيانا أخرى، نبحث لأنفسنا عن هوية، نجادل، ندافع، إلى أن سارت السفينة، فجاء أول قرار للمنع، كانت الصدمة.
أولا: الكثير كان سيتشفى، ها هو غادر إلى منبر أغلق بعد أسابيع قليلة، إنما التضامن الذي كان بيننا أذاب كل شيء، والواقع أنه حتى الزميل أحمد رضا بنشمسي حاول أن يهدئ من روع الجميع، لا أعتقد أنه من السهل على صاحب مشروع أن يتحمل أجور الصحافيين مدة ثلاثة أشهر، بل ويسعى إلى يطمئن الجميع بأنه لا خوف من كل ما هو مادي. في هذه النقطة بنشمسي يستحق التنويه.
الحقيقة أن فترة المحاكمة الأولى كانت قاسية جدا علينا، كان يجب أن ندافع عن أنفسنا ونقول إننا لم نخطئ، وفي الوقت نفسه كنت أتساءل: ألم نخطئ؟ ألم نبالغ؟ على كل حال كانت تجربة جيدة لها ما لها، وعليها ما عليها..
سنأتي على مرحلة "نيشان بالتفصيل. لنتحدث الآن عن تجربتك في "الصباح" والتي اشتغلت بها لمدة تقارب الست سنوات، هل هي فعلا مؤسسة تسير بمنطق "دكتاتوري"؟
أبدا، هو منطق خاص في التسيير له إيجابياته وله سلبياته. "الصباح" مؤسسة تشعر الصحافي بالاطمئنان، لا تجعل الصحافي يتساءل نهاية كل شهر إن كان سيتوصل بالراتب أم لا. لا تجعله يتخوف من عدم تسديد مستحقاته الاجتماعية إلى صناديق التأمين والضمان الاجتماعي، ومهما بلغ الاختلاف، "الصباح" تجربة رائدة، وأنا متأكد، مثلما الكثيرون متأكدون، "الناس ديالها عارفين آش باغيين"، ولا أدل على ذلك من أن المؤسسة بدأت بمشروع بسيط وهي الآن على ما هي عليه، من أكبر المؤسسات الإعلامية في المغرب، ولا أعتقد أن تطورها سيتوقف.
وكما قلت، في مرحلة "الصباح" كنا، كفريق متكامل، نسعى إلى كسب الرهان أكثر من أي شيء آخر، وكم كنا نشعر بالفخر كلما علمنا بأننا قريبون من "إزاحة" الأحداث المغربية من الرتبة الأولى.
من باب الصدف، التي لا تتكرر كثيرا، أن "الصباح"، في المرحلة التي أتحدث عنها، اجتمع فيها فريق قلما يجتمع، كان التحدي كبيرا، واستطعنا ربحه، وإدارة الجريدة بدورها ما كانت تبخل، كانت توفر شروط العمل، من هاتف، ومقابل التنقل، وتحفيزات أخرى. ما زلت أتذكر أن الإدارة كانت تنظم شهريا، مسابقة داخلية لأحسن مقال.
هذا لا يعني أننا لم نكن نعيش على وقع بعض الخلافات، إنما خلافات عادية، بين طاقم متحمس طموح وبين إدارة لها حسابتها.
ويحضرني الآن أن السيد خالد بليزيد لم يرقه أن أستعمل عبارة "شركاء لا أجراء"، فشرحت له أن الأمر لا يتعلق بشراكة في رأس المال المادي وإنما المعنوي، يبدو أن " ناقل" الخبر أمي قليلا، فهو لا يفرق بين مستويات استعمال اللغة، ليته نقل الخبر بأمانة، وعلى كل حال فهو أسدى لنا، من حيث لا يدري، معروفا كبيرا.
لكن البعض يتحدث عن أن رضوان الرمضاني كان يتضايق كثيرا من الطريقة "الفضة" التي كان يتعامل بها خالد الحري مع الصحافيين، كما أن عبد الله نهاري كان يستعمل "السب والشتم" في حق الصحافيين عندما لا تعجبه أي مادة تطرح عليه؟ ما حقيقة هذا الأمر؟
فيما يتعلق بخالد الحري أنا لم أشتغل "تحت سلطته"، فقد غادرت، لحسن الحظ، قبل أن يصبح رئيسا للتحرير، وقد كان واحدا من الزملاء الملتحقين حديثا بالصحيفة، وكثيرا ما كان يلجأ إلي، وإلى غيري من الزملاء، من أجل الاطلاع على بعض مواده الإخبارية، وإعطاء رأيي فيها، أو حتى تدقيقها على مستوى الأسلوب طبعا وليس المضمون، للتاريخ كان أسلوبه غير دقيق البتة، وحاليا أفرح حين أقرأ له افتتاحيات مصاغة بأسلوب أنيق، وأفكار واضحة، وتركيز غير معهود، بل إنني أحسده على أنه يستطيع الكتابة بأكثر من أسلوب، فحين يكتب في المجال السياسي يكتب بأسلوب، وحين يكتب عن الأمن يكتب بأسلوب آخر، وحين يكتب عن قطاع اجتماعي معين يكتب بقلم آخر، حقيقة إنه نموذج للتطور السريع في ظرف قياسي، على العموم، لم يكن خافيا أنني اختلفت مع الرجل كثيرا، فهو، من جهة، شخص طيب، لا يتواني عن "مساعدة" الزملاء، وبشوش لا يكف عن السخرية، إلا أنه على مستوى العمل الصحافي نقف على طرفي نقي، ولا أخفيك أن "وضعه" في "الصباح" عجل باتخاذي قرار المغادرة، وقد كنت صريحا مع السيد خالد بليزيد في هذا الأمر، إنما إنسانيا لا أجده إلا شخصا بشوشا خدوما لطيفا. كان بالإمكان أن أنافقه وأظل صديقه، إنما للأسف صراحتي، و"منطقي البركاني" يخلق لي عداوات كثيرة، و"راسي القاصح" يخلق لي مشاكل أكثر.
أما فيما يتعلق بعبد الله نهاري فما رأيت منه إلا خيرا، له طريقته في التعامل، إنما هو أكثر من يستحق صفة "سكرتير التحرير" في الصحافة الوطنية، ماكينة عمل لا تتوقف، وعيناه، رغم أنه يحمل نظارات، تلتقطان في الصفحات ما لا يقوى على التقاطه الآخرون، وإلى حد الآن أحتفظ بعلاقة طيبة معه، ولا بأس أن أذكر بأنه كان السبب الأول في دخولي إلى "الصباح"، وعلاقتنا، للتذكير، تمتد إلى أيام المعهد العالي للإعلام والاتصال، وكثيرا ما رافقته إلى الغرفة التي كان يكتريها في القامرة، وفيها شربنا الشاي وأكلنا الخبز مع زيت الزيتون.
لكنك قلت في تصريحات صحفية معلقا على اسباب استقالتك من "الصباح" على أنك سئمت من بعض ممارسات أفراد لم تحددهم كانوا ضمن هيئة التحرير؟
ما قلته صحيح، ولعمري ما بالغت فيه، أحسست بأن بعض الممارسات لا تروقني، وربما كنت مخطئا في التقدير، وربما بالغت، إنما بعد مرور أربعة سنوات على المغادرة، ما زالت مقتنعا بأنني اتخذت القرار الصائب، وإن كانت مغادرة الصباح آلمتني، وما زلت أكن للصحيفة عطفا لا يوصف.
على كل هذا جزء من الماضي، وما يعيشه الجسم الصحافي حاليا لا يسمح بأن نغوص في بعض التفاصيل. عموما ما جنيت من "الصباح" إلا خيرا، وما أعتقد أنني كنت ضيفا ثقيلا على هذا المنبر، وشهادة خالد بليزيد، كلما تذكرتها، أشعر بأنني أفدت "الصباح" واستفدت منها كثيرا، وحتى لا أكون جاحدا أعترف: لولا "الصباح" ما كنت أنا، إنما أحيانا نشعر بالغبن لأن البعض يحاول أن يمحو مرحلة العطافي من تاريخ "الصباح"، وحين أقول "مرحلة العطافي"، فأنا أقصد أسماء كثيرة لا تتسع المناسبة لذكرها، التاريخ وحده شاهد، ودورنا في "الصباح" لا يمكن أن ينكره إلا أعمى وجاهل وأحمق وحسود.
تحدثت أيضا عن ممارسات غير مهنية في "الصباح" ما طبيعة هذه الممارسات؟
ما كنت أقصه ب"الممارسات غير المهنية" هو أن "البعض"، وأرجو أن أعفى من التسميات، كان يعتمد على أمور أخرى من أجل أن يتموقع في الجريدة.
مثلا؟
بدل سهر الليالي والتنقلات الماراتونية والبحث المضني عن الخبر كان البعض يختصر كل شيء في القول: راه قال لي دلمي، وأنا لا أخفيك أنني لا أطيق مثل هذه التصرفات، "كون صاحب الباطرون اللّول كاع ماشي شغلي، يلا كاين شي حرفة بين عليها". كنا صحافيين نبذل كل ما أوتينا من قوة من أجل "الصباح"، وقد آلمني أن يأتي إليها من يركب على نجاحات الآخرين، يعني: شي دمْر فيها شي لقاها ساهلة، دون أن يجد قليلا من الجرأة ليقول: سبقنا من اجتهد، ويستحق الشكر، غير الله يرحم الواليدين تفي بالغرض.
ولحسن الحظ أن الأمر لا يتعلق إلا بعنصر واحد إلى حدود مغادرتي الصحيفة، ومن باب التاريخ: هذا كلام كنت أقوله في حينه، هذه عادتي: أواجه وليكن ما يكن.
طلحة جبريل في السلسلة التي نشرتها "المساء" قال أن عبد المنعم دلمي قال له بالحرف "أنه غير مستعد لاستثمار أمواله من أجل تأطير المجتمع" وأنه يبحث عن المكسب المادي أولا واخيرا، أنت بحكم عملك لمدة ليست بالقصيرة في "الصباح"، إلى أي حد لمست هذا الأمر؟
يا سيدي هل من مستثمر في العالم يبحث عن شيء آخر غير المال؟ هذا حقه المشروع، واللي ما عجبوش الحال أرض الله واسعة..
في مجال الصحافة اللأمر يختلف إلى حد ما؟
على كل حال وضعي في "الصباح"، صحافيا، لم يكن يسمح لي بأن أعرف ما يدور في أدمغة أصحابها، إنما أقسم أنه ما من يوم منعت من الكتابة في موضوع، أو تعرض مقال لي للرقابة، باستثناء مرة واحدة كانت في ظروف خاصة جدا.
وهي ؟
كان ذلك بعد أحداث 16 ماي 2003، لا أتذكر التفاصيل، إنما أرجح أن يكون للأمر علاقة بالاعتقالات التي تلت الأحداث. لم يرقني الأمر حينها، إنما التزمت به، بما أنه لم يكن " شي سكوب"، بل مجرد بيان.
هل كان ممنوعا على الصحافيين ب"الصباح" أن يكتبوا عن أحداث 16 ماي حسب المعطيات التي يتوصلون إليها؟
أبدا، إنما الظرفية كانت حساسة ومشحونة، كان لا بد من قليل من الحذر. على العموم لم يكن من تخصصي أن أكتب في الإرهاب أو القضاء أو الأمن، وبالتالي لم أكن معنيا بالموضوع كثيرا، إلا في الواقعة التي ذكرت.
بعد تقديم استقالتك من "الصباح" قلت أن من يشرفون على التحرير يقومون بدور أعوان السلطة، وزدت في القول: "أن هناك من يلوث الجو إلى الحد الذي أصبحت قيمة الصحافي مرتبطة بعدد الجلسات التي يعقدها مع الرئيس المدير العام والمدير العام، وليس بقيمة إنتاجه الصحافي ومهنية مقالاته"، إلى أي حد هذه المعطيات دقيقة؟
هذا صحيح، وشرح الواضحات من المفضحات، كان الأمر يتعلق بعنصر واحد، وكما أسلفت هذا كلام قلته لخالد بليزيد بكل وضوح، وحاول أن يقنعني بأن من أتحدث عنه لا علاقة له بي، وبالتالي لا داعي للاستقالة، ربما تعاملت مع هذا "العنصر" بحساسية كبيرة، إنما هذه هي عادتي إن لم يعجبني أمر أبادر إلى الانسحاب، قد أكون متهورا إنما لا بأس.
ماذا كنت تقصد بأن البعض كان يقوم بدور أعوان سلطة؟
وما دور عون السلطة غير "توصال الهضرة"؟ أرجو أن نمر سريعا على هذا الموضوع، على كل حال "الصباح" صفحة طويت، إنما الحب الأول لا ينسى، مرة أخرى أشكر كل من أتاح لي الفرصة لأكون من ضمن "الصباح"، وخالد بليزيد رغم ما يقال عنه استفدت منه الكثير، عبد المنعم دلمي بلطافته ودماثة خلقه، وزملاء كثر.
هل استقالك من "الصباح" كانت بفعل العرض المغري الذي وضعه أمامك أحمد بن بنشمسي للانضمام إلى طاقم تحرير "نيشان" أم أنك كنت عازما على الاستقالة حتى في عدم وجود عرض "نيشان"؟
الاثنان معا، إنما العرض لم يكن مغربيا بالشكل الذي تتصور، الفرق المادي كان ألفي درهم لا أكثر، كنت أشعر بأنني "شخت" في "الصباح"، وبالتالي ساهمت الأمور الأخرى في أن أقبل عرض الانضمام إلى الطاقم المؤسس لنيشان، سأكتشف فيما بعد بأنني "زير صحف"، لا أقوى على الاستمرار في منبر ما الوقت الكثير، يعني عشاق ملال، تثيرني التجارب والمغامرات، والله يسمح لينا.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.