لا يمكن تنمية أي بلد أو أي منطقة كيفما كانت في غياب التربية والتكوين إذا علمنا أن إقليمالحسيمة يعرف اكبر نسبة من الأمية التي تصل كنسبة عامة إلى 52 % فيما تتجاوز 70% في صفوف النساء على اعتبار الطبيعة القروية للإقليم. "" هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد ارتفاع نسبة الهدر المدرسي في صفوف الأطفال والشباب خاصة الفتيات فأغلب الفتيات ينقطعن عن الدراسة في مستوى السادس الابتدائي والشبان لا يتجاوزون التاسع الابتدائي وذلك نظرا للطبيعة القروية وصعوبة المسالك وغياب بنيات تحتية تعليمية تضمن استمرارية هؤلاء في التحصيل الدراسي خاصة غياب داخليات مخصصة للفتيات ،غياب ثانويات قريبة من مقر السكنى ونحن نعلم النظرة التي ينظر بها للفتاة التي تتابع دراستها بعيدا عن مقر سكنى العائلة في منطقة الريف، وبالتالي ضروري الحفاظ على خصوصية المنطقة،و يؤثر هذا بصفة عامة على الشباب الذي تسد في وجهه كل الأفاق الدراسية حيث نجد أن 2،9% فقط من إجمالي عدد السكان لهم مستوى تعليم عالي في حين نجد 41،1% هم ذووا تعليم ابتدائي وهذا يظهر بالملموس مدى معاناة سكان إقليمالحسيمة مع الدراسة. كما أنه لا يمكن تنمية أية منطقة في ظل غياب مراكز التكوين والبحث العلمي، فمعروف أن إقليمالحسيمة عانى من التهميش أكثر من 50 سنة إلى أن جاء زلزال 24 فبراير 2004 الذي عرى الواقع الحقيقي للاقليم ، فكيف يمكن تنمية الريف وبالخصوص إقليمالحسيمة في غياب جامعة كأعلى مؤسسة للبحث العلمي وكمؤسسة لتخريج الأطر الكفئة لتسيير وتدبير المنطقة والقيام بالدراسات والبحوث اللازمة لتنمية المنكقة المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ...، فلابد من جامعة في إقليمالحسيمة للمساهمة في المزيد من التحصيل الدراسي والتقليل من أعباء الأسر الفقيرة والتي تقاوم أعباء الحياة من أجل أن يتابع أبناؤها الدراسة وحتى نساهم كذلك في الرقي بالفتاة عامة داخل الإقليم خاصة على مستوى التعليم العالي والتقني، وهذا يقتضي توفير دور للطالبات وداخليات قريبة من المؤسسات التعليمية على اختلاف مراحلها وإعطاء المزيد من الاهتمام للفتاة القروية. على مستوى البنيات التحتية الأساسية لن نذهب بعيدا وسنستحضر معا يوم 28 فبراير 2004 بمدينة ترجيست أي بعد زلزال24 فبراير2004 حيث خرج سكان المنطقة للمطالبة بمطلبين؛ مستشفى متعدد الاختصاصات و الوقاية المدنية ومطلب التنمية المرفوع منذ مدة إلى اليوم. فإقليمالحسيمة يعرف أكبر نسبة وفيات لدى النساء أثناء الولادة وهذا راجع إلى غياب مسالك طرقية ومراكز صحية مجهزة بقاعات الولادة وطبيبة او طبيب اختصاصية في النساء والتوليد ونحن نعلم كذلك كيف هو حال سيارات الإسعاف في المنطقة فهي منعدمة تماما وان كانت لا يمكن استغلالها الا بالزبونية والمحسوبية . ومع وجود مستشفى واحد بالإقليم وهو مستشفى محمد الخامس بالحسيمة بل حتى وإن تم العمل بمستشفى تارجيست في طور البناء ، تصوروا أن امرأة تقطن في جماعة بني بونصار أو بني عمارت أو بني جميل أو بني يشير حان موعد ولادتها وبين هذه الجماعات ومركز تارجيست على الأقل ساعتين من الزمن هذا في الأيام المشمسة وفي عز النهار أما في فصل الشتاء سواء ليلا أو نهار حيث تقطع الطرق فكيف تتصورون إن لم نقل النتيجة فالحالة التي قد تكون عليها هذه الأم؟؟؟. هذا بالإضافة إلى مرض السرطان والذي يفتك بأبناء الإقليم في غياب اختصاصيين حتى داخل المستشفى المركزي بالإقليم مما يجعل كل الحالات تصل إلى الرباط متأخرة وبالتالي الموت المحقق وهنا دون الكلام عن الأمراض النفسية الخطيرة بالإقليم والتي تؤدي بأصحابها في آخر المطاف إلى الانتحار مرورا بالمخدرات والخمر كدواء ضرفي لكل الحالات النفسية . هذا يستدعي وضع أطباء نفسانيين داخل المراكز الطبية بالإقليم لمتابعة الحلات النفسية عن قرب ، دون أن ننسى حالة الطرق داخل الإقليم ووجوب أعادة هيكلتها، خاصة الطريق الرابطة بين تارجيست و الحسيمة ، شأنها في ذلك شأن الطرق الأخرى التي تمت إعادة هيكلتها، من قبيل مقطع أجدير الحسيمة الذي تمت تثنيته ،و إساكن تاونات كذلك ، وكذلك إعادة هيكلة الطرق القروية لفك العزلة عنها مع التفكير في إنشاء خط للسكك الحديدية يربط بين فاس و الحسيمة عبر تارجيست. وإذا كانت الدولة قد ذهبت بعيدا في مجال الكهربة القروية والتي وصلت إلى 61,3% فإنه بالنسبة للماء الصالح للشرب لا تصل إلا إلى33,7% مع العلم أن الإقليم يتوفر على سدين ومنابع مائية مهمة ومن هذا المنطلق يجب تكثيف الجهود بين جميع الأطراف من أجل استغلال جيد للماء وتوزيعه و الاستفادة منه بشكل عادل بين جميع سكان إقليمالحسيمة إذ لا يعقل أن تستفيد من مياه سد جماعات بعيدة جدا عنه في حين أن جماعات بالقرب منه لا تستفيد منه كسد الجمعة بتارجيست الذي تستفيد منه جماعة بني عبد الله وبني حذيفة البعيدة عن مدينة تارجيست ب اكثر من 30 كلم في حين ولا تستفيد منه جماعة زرقت مثلا وبني جميل القريبة من السد ببعض الكيلومترات كما يجب الخفض من تكلفته واستغلال الجيد للمنابع المائية المتوفرة بكثرة خاصة في منطقة كتامة ومناطق اخرى بالجماعات التابعة للاقليم والتفكير في بناء سدود اخرى اضافة الى سد الجمعة بتارجيست وعبد الكريم الخطابي بالحسيمة. يعتبر إقليمالحسيمة ذو طابع فلاحي صرف ويعتمد اقتصاده على الفلاحة خاصة حوض النكور والمناطق التابعة لدائرة بني بوفراح و تارجيست. وإذا كانت المنطقة تعتمد على الفلاحة كمورد لغالبية سكان المنطقة فإنها تفتقر لمراكز التكوين الفلاحي وثانويات ومعاهد فلاحية ومراكز للإرشاد والتوجيه الفلاحي ورغم انه قد وجه للمنطقة ما يعرف بمخطط ديرو DIRO وغيره إلا أنه لم يستطع النهوض بالقطاع الفلاحي بالإقليم مما جعل زراعة الكيف تستفحل بالمنطقة، وهذا يحتم وضع إستراتيجية تشاركية بين الفلاحين والجمعيات المحلية والدولة وكل الفاعلين من أجل إعطاء بدائل حقيقية في هذا المجال وذلك لن يكون إلا بتحفيز الفلاحين على الإنتاج الفلاحي المذر للدخل من خضروات و فواكه للتسويق وتربية للمواشي بمختلف أنواعها وكذا الدواجن. سياحيا إقليمالحسيمة جد غني بشواطئه وجباله بل هناك شواطئ ذات ميزة مزدوجة فهي تتوفر إلى جانب الشاطئ على جبال أي تتوفر في نفس الآن على عنصرين سياحيين الجبل والشاطئ كما هو الحال بالنسبة لشاطئ كلا يريس هذا الأخير لا يبعد عن جبل تيزي يفري الجميل المناظر والذي يكسى بالثلوج في فصل الشتاء إلا بحوالي 40 كلم إذا ما عرف استثمارا لمؤهلاته وثروته الطبيعية فإنه سيساهم في السياحة الجبلية بالمنطقة. أما فيما يخص الصيد البحري فمن المعلوم أن إقليمالحسيمة كان يتوفر على وحدات إنتاجية لتصبير السمك ووحدات لإنتاج الآجور، فيما يخص وحدات التصبير لم يبقى لها وجود ونفس الشيء بالنسبة لمعمل الآجور بتارجيست المقفل والمشرد عماله منذ مدة دون ان يتم الحسم مع المشاكل الاجتماعية لعماله او اعادة تشغيله ، كما أن الإقليم يتوفر على منائين للصيد لا بد من تجهيزهما تجهيزا عصريا يستجيب لحاجيات المنطقة ودعم الاستثمار بهما والحفاظ على المجال البيئي حفاظا على الثروة السمكية الغنية بالمنطقة والضرب على ايدي المتلاعبين بتجارة السمك المصطاد محليا والذين يفكون بالمجال البيئي خاصة البحري منه. هذا ويجب كذلك التفكير في خلق مناطق صناعية في كل من المراكز الحضرية الكبرى خاصة لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة مع تيسير مساطر الاستثمار بالمنطقة . حسن الخمليشي: فاعل جمعوي