كشفت حصيلة موسم 2008/2007 حول محاربة الأمية أعدته وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي محو أمية ما يفوق 3 ملايين مواطن ومواطنة طيلة السنوات الست الأخيرة ، واستفادة أكثر من 330.000 طفل وطفلة من برامج الفرصة الثانية وما يزيد عن 450 ألف تلميذ وتلميذة من الدعم التربوي ضمن منظومة التربية غير النظامية، منذ الشروع في تنفيذ مقاربة وقائية جريئة للحد من الانقطاع المدرسي مرتكزة على اليقظة التربوية بالمؤسسات التعليمية. وذكر التقرير أنه رغم هذه المجهودات المبذولة فإن التحدي لا يزال كبيرا بالنظر إلى نسبة الأمية المرتفعة ببلادنا والتي تقدر حاليا بحوالي% 34 من المغاربة الذين يبلغون 10 سنوات فما فوق. وقالت لطيفة العابدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي في كلمة ألقاها بالنيابة عنها عبد الحفيظ الدباغ الكاتب العام لقطاع التعليم المدرسي بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي في ندوة نظمت يوم الاثنين بالرباط بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الأمية أن الأمية لا زالت تشكل عائقا أساسيا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية, ملاحظة أن هذه الظاهرة تمس وبشكل كبير الفئات الاجتماعية الأكثر انخراطا في عملية الانتاج.»». وأكد فيليب كيومدير مكتب اليونسكو بالرباط أن ارتفاع نسبة الأمية بالمغرب تشكل عائقا كبيرا أمام التنمية المحلية, معتبرا أنه يتعين في إطار الاستراتيجيات المتبعة في مجال محاربة الأمية دراسة الروابط بين ظاهرة الهدر المدرسي وجودة التعلم بالسلكين الابتدائي والإعدادي بغية تمكين الاطفال والشباب من مهارات تعليمية مستدامة. وسجل ممثل اليونسكو أن الرؤية المندمجة لمحو الأمية والتنمية والتقليص من الفقر قد تعززت بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية, مما يعكس الانخراط السياسي للسلطات المغربية في مجال المقاربة المندمجة للتنمية البشرية. ولاحظ أنه على الرغم من أن محاربة الأمية تعد حلقة أساسية في مسلسل التنمية, إلا أن مستوى التمويل المخصص لمحاربة هذه الظاهرة يبقى «»ضعيفا»» في أوساط الشباب. ويستفاد من نتائج البحث الوطني للأمية وعدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة الذي أنجزه قطاع محاربة الأمية والتربية غير النظامية أواخر سنة 2006، أن هذه النسبة بلغت 38.5% (46.8% عند النساء مقابل 31.4% عند الرجال و 27.2% بالوسط الحضري مقابل 54.4% بالوسط القروي). فيما سجل الإحصاء العام للسكان لسنة 2004 نسبة 43%. وإذا كان عدد المستفيدين من برامج محو الأمية قد عرف ارتفاعا من سنة إلى أخرى، حيث انتقل من 180 ألف سنة 1998 1999 الى 286 ألف سنة 2002 2003 ليصل إلى أكثر من650 ألف مستفيدة ومستفيد سنة 2007 2008 ورغم النتائج المشجعة والتي نالت اعتراف المجتمع الدولي (إحراز المغرب على جائزة اليونسكو للقرائية CONFUCIUS برسم 2006)، إلا أن الوتيرة الحالية تبقى غير كافية من أجل القضاء شبه التام على الأمية سنة 2015، نظرا لحجم الظاهرة ولإشكالية الهدر المدرسي الذي يغدي باستمرار صفوف الأمين. وتمثل النساء أكثر من 80% من مجموع المستفيدين من برامج محو الأمية التي تستهدف الساكنة الأمية البالغة 15 سنة فما فوق، مع إعطاء الأولوية لنساء والفئة العمرية 15 45 سنة والوسط القروي. 50% من المستفيدين هم من الوسط القروي. وتتصدر المؤسسات التعليمية الابتدائية قائمة المؤسسات التي يغادرها الأطفال دون أن يتمكنوا من فك ألغاز الكلمات أو كتابتها، ففي الموسم الدراسي 2005-2006 ترك مقاعد الدرس حوالي 216176 طفل، ويمثل هذا العدد 6% من عدد الأطفال المسجلين خلال 2006. ومقارنة مع دول المغرب العربي الأخرى يوجد المغرب في ترتيب متأخر من حيث الحرص على إبقاء الأطفال في المؤسسات التعليمية، فنسبة المغادرة لدى الجزائروتونس تتراوح بين 2 و3% في المستوى الخامس من الفترة الابتدائية. وتعد الفتيات أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب بنسبة 58.4% وأطفال البادية بنسبة 80%، و40% من الأطفال المغادرين يحترفون الآن مهنا مختلفة. وحسب دراسة أنجزتها كتابة الدولة المكلفة بمحو الأمية سابقا بتعاون مع اليونيسيف حول «الانقطاع عن الدراسة بالمغرب»، أحصت فيها الأرباح التي كان من الممكن أن يجنيها المغرب لو لم تكن أمية أبنائه مرتفعة، ظهر أن كل سنة يقضيها الطفل بالمدرسة الابتدائية كفيلة بتحقيق 12.7% من رفع مستوى الدخل مقابل 10.4% بالمدرسة الثانوية. ويزداد الربح بنقطة عند الفتيات إلى أن يصل مجموع الخسائر بالنسبة للمجتمع نصف نسبة الدخل السنوي لسنة 2004، أي ما يقارب 2.8 مليار درهم. ومن أهم أسباب الهدر المدرسي حسب التقرير ارتفاع تكاليف الأدوات المدرسية بالنسبة للأسر المغربية التي تعاني من ارتفاع الأسعار، ونوعية التجهيز المدرسي الذي يتطلبه الطفل اليوم. كما حذرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أليكسو من أن الإحصاءات تشير إلى ارتفاع مخيف لعدد الأميين في البلدان العربية ومنها المغرب انتقال العدد الإجمالي من 50 مليونا عام 1990 إلى 70 مليونا عام 2005. وقد نبهت المنظمة خلال مؤتمرها المنعقد في تونس إلى أن الجهود الحالية فى مجال محو الأمية تنصب فى أغلبيتها على الجانب الابجدى، وقالت إن الحكومات العربية تكتفي ب»محاربة الجهل» عبر التركيز على أساسيات القراءة والكتابة وبعض عمليات الحساب دون الاهتمام بمحو الأمية الوظيفي والثقافي والحضاري ورفع الكفاءة المهنية لموااطنيها. وقد أعربت المنظمة عن استعدادها للتعاون مع الدول العربية والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدنى، نحو بذل كل الجهود ووضع المخططات والسياسات التى تسهم فى مساعدة المؤسسات المعنية على تنفيذ برامجها التى تستهدف القضاء على الامية. وإذا كانت الإحصاءات في المغرب تشير إلى وجود 11 مليون أمي، فإن من بين الصعوبات التي تواجهها المجهودات المبذولة للقضاء على هذه الآفة، من بينها ظروف الحياة في العالم القروي وتعذر متابعة تعليم الصغار والهدر المدرسي، تفشي الفقر...