تحل مناسبة اليوم العالمي للمرأة يوم غد 8 مارس 2008 بحصول النساء المغربيات لأول مرة على سبع مقاعد من أصل 33 وزيرا، ضمن تشكيلة الحكومة الحالية التي تم تعيينها يوم الإثنين 5 أكتوبر 2007 عقب الانتخابات التشريعية لسابع شتنبر 2007. لكن أمام هذا الارتفاع في عدد الوزيرات، تعيش المرأة المغربية أوضاعا تتسم هي الأخرى بالارتفاع لكن في التحديات. فحسب الإحصاء العام للسكان سنة 2004, يلاحظ تفشي ظاهرة الأمية بين النساء حيث تصل إلى نسبة 54,7 وبلوغ نسبة الأمية بين القرويات إلى 74,5 بالمائة وبين النساء الحضريات 39,5 بالمائة. ورغم إعداد استراتيجية لمحو الأمية والتربية غير النظامية على أساس مجموعة من البرامج الحكومية من بينها: مسيرة النور الذي اعتمد سنة 2003 بهدف القضاء بشكل تام على آفة الأمية في أفق 2015, فلم يتراجع معدل الأمية حسب الإحصاءات الرسمية إلا ب 12 نقطة من 67 بالمائة. ومن تجليات ضعف السياسة الصحية يبقى معدل وفيات الأمهات خطيرا في العالم القروي حيث يبلغ 270 حالة وفاة في كل 10000 ولادة. وتعاني المرأة من قلة المراكز المتخصصة للولادة وتباعدها الجغرافي وضعف البنية التحتية والتجهيزات والعلاجات المستعجلة الخاصة بالأم. وتزايد الإصابات بالسيدا والأمراض الجنسية والأمراض المرتبطة بالشيخوخة. أما بخصوص الفقر وعدم ولوج الخدمات الأساسية فتعتبر النساء الأكثر فقرا سواء على المستوى الحضري 12,8 بالمائة أو القروي 28 بالمائة. وإذا كانت الترسانة القانونية عرفت في السنوات الأخيرة بعض التقدم من خلال مدونة الأسرة وتعديل قانون الجنسية وتمكين ربات البيوت من هذه الصفة بدل بدون وبعض التعديلات على قانون الشغل فإن باب انتظارات النساء ما يزال مفتوحا على مصراعيه من أجل حقوقهن بلا تجزيئ ولا تمييز. هذا الملف محاولة لرصد أهم التحديات التي تواجه الأسرة المغربية وليس المرأة لوحدها، وبعض المقاربات المقترحة لتحسين وضعيتها. هناك نساء يعشن يوميا هوياتهن المنفتحة على الأبعاد الأخرى لشخصية المرأة المغربية، وهي تخضع بالمقابل لبنية قانونية بعيدة عن لغتها وعن أحلامها، فالحديث عن وضعية هؤلاء النساء يستمد شرعيته من طبيعة الواقع الخاص والمعاناة اليومية لهن، الذي يتميز بتداخل وتعقد مستوياته. هي حالات للقياس تحتفظ رفوف مكاتب العديد من جمعيات المجتمع المدني، بأرشيف تفاصيل خصوصية وضعها، أشبه برؤية من الداخل لا زالت عصية على خرق ثوابت نضاليات الحركة النسائية. نساء يعملن خارج البيت لقيادة أسرهن، ولم يسع التعليم الكثير منهن، وارتفاع في نسبة الفقر والبطالة بينهن، تسريحات جماعية تطال العاملات فيهن مع تعرضهن للعنف والإهانة. كما حافظت الإحصائيات على النسبة المرتفعة لوفيات العديد منهن أثناء الولادة وتردي الخدمات الصحية في مجال الصحة الإنجابية. وتضاعفت معاناة المرأة القروية وفي جميع المجالات نتيجة التهميش الذي يعانى منه العالم القروي. وتنامي العنف بكل أنواعه الجسدية والرمزية داخل الأسرة. فيما المؤشرات تسير في اتجاه ارتفاع نسبة الفتيات بين أطفال الشوارع وعدم صدور القانون الخاص بخادمات البيوت، مع الاستمرارفى ترويج الصور النمطية المهينة للمرأة عبر وسائل الإعلام... إنها الغابة التي تخفيها شجرة وصول نساء إلى مقاعد وزارية وقيادية في مختلف المجالات. انفتاح على المعاناة معيلات لأسرهن أو لأنفسهن في ظل تحولات عميقة ونوعية في بنية العلاقات الاجتماعية والأسرية، وتدني الدخل الفردي وانتشار البطالة في صفوف من كان يفترض أن يكون المعيل الأول داخل الأسرة التقليدية، وضع تحتضن بعض زوايا الصورة فيه المرأة الأرملة، عندما يغيب الموت معيل أسرتها، فتجد نفسها مضطرة للتعايش مع مشاكل تتشعب بين ما هو اجتماعي واقتصادي وقانوني، فتهن عن المتابعة الأسرية في ظل غياب دخل قار أو هزيل، إلى ذلك أشارت عضو المكتب المسير لجمعية مواساة المعنية بالأرامل، وتنطلق في تشخيص واقع هذه الفئة انطلاقا من الحالات الواردة على جمعيتها، لكن الأمر يحتاج إلى مواكبة القرب ومتطلباتها، فمن بين 1000 حالة وردت على الجمعية، لم تتمكن من متابعة إلا 360 إلى 400 حسب فاطمة بوعام.. وفي المقابل هناك بعض النساء حكم القدر أن تنتهي حياتهن الزوجية بالطلاق مهما كانت ظروفه، ولكن من دون أن يشكل ذلك البطولة ولا الإنصاف المنشود الذي تسعى لتحقيقه الحركات النسائية، لأن الوضع بشكل عام يحكم على المرأة المطلقة بالموت المعنوي والدعائي، بصورة يخلق من دون أدنى شك صورة معنوية هزيلة للمطلقة. في ظل قوانين لم تلب حاجيات هذه الفئة من النساء قانونيا ولا اجتماعيا. فما تعانيه المرأة المغربية بصفة عامة في وضعية المطلقة حسب سعاد زخنيني محامية وناشطة بمركز الوئام للإرشاد الأسري يعود بالأساس إلى نقص في الموارد المالية، إذ ليس مورد عيش قار أو مرتقب، هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية الاجتماعية فلأنها تجد نفسها هي المعيل الوحيد للأسرة، فتكون في وضع اجتماعي طارىء في حياتها، يتفاقم إذا لم يكن لها حظ من التعليم . تؤكد المحامية زخنيني من واقع الممارسة أن المرأة المطلقة يطوق وضعها حبل النفقة كزوجة متخلى عنها، فيكون عليها للتوافق مع واقع جديد تنخرط في دوامة البحث عن حكم بالنفقة قد يأتي وقد لا يأتي داخل ردهات المحاكم، وحتى إن طالته بقدرة قادر لا تفي قيمته بغرض إعالة سليمة من الأعطاب الاجتماعية داخل أسرتها. لتخلص بأن وضع المرأة المطلقة يسائل الترسانة القانونية حول مدى كفايتها لحماية المرأة، وإعادة تأهيل مؤسسة الأسرة يدخل فيه تأهيل المرأة المطلقة أو المتخلى عنها، خاصة في ظل وضعيتها مع الأمية وغياب الدخل، وتبعيات الوضعية على الأسرة والأطفال والانحرافات الأخلقية. فالوضع يتطلب حماية قانونية نصية وإجرائية. هو ذات الوضع مع اختلاف في التفاصيل يحرك صورة المرأة العاملة، التي يشكل واقعها نقطة حرجة وشائكة للباحثين والباحثات في مجال النهوض بأوضاع المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف والتمييز، إذ لا تأخد حقها من الدراسة والبحث بالقدر الذي تناله الباحثاث عن لقمة العيش في الأحياء الصناعية أو غيرها من المعامل. فهناك شريحة مهمة من النساء يؤتثن المشهد الاقتصادي، لكنهن في هامش يقف بهن خارج التغطية لا تشملهن الحماية نقابية وتغيب عن واقعهن وسائط أخرى في الاحتفاء بقضاياهن، لقد اعتادت هذه المرأة أن تحيا داخل حدودها الضيقة، وأن تكتم تحت جلد الخوف غيظ الانتفاض في ظل غياب قوانين تنظم القطاعات التي تعمل بها. المرأة المهاجرة خارج التغطية واقع المرأة المهاجرة لا يخلو من مشاكل، فالهجرة النسوية تعرف أبشع أنواع الاستغلال حيث أن الغالبية منهن أميات أو تعرف أسرهن أوضاعا هشة. وغالبا ما يتم انتقاؤهن عبر شبكات وسطاء، على أساس عقود عمل بالخارج فيجدن أنفسهن محاصرات بشبكة للدعارة. لطيفة ويرزكان عضو مركز الترشيد الأسري لمنظمة تجديد الوعي النسائي، تقف مع ملفات تستقبل فيها المرأة المهاجرة بشكل دائم، خبرت المعاناة وتلامس بعضا من الحلول لها، تقول إن الهجرة أيضا تضع هوية الأبناء في الواجهة أمام اختلاط في القيم بدول المهجر، وتؤكد أن نساء اضطررن إلى الرجوع الى المغرب خوفا على أبنائهن، بل إن حالات سجلت تم تهديد أمهات للتخلي عن أبنائهن، مثل حالة وردت على المركز كانت متزوجة وتقيم بإيطاليا، فنزعت السلطات الإيطالية منها طفلتيها التوأم، وسلمتهما لأسرة مسيحية لتتكفل بهما، بدعوى أنها لن تستطيع إعالتهما بعدما طردت من عملها. المشاكل أيضا تأتي في خضم الخلافات الزوجية للمهاجرين، إذ غالبا ما يلجأ الزوج إلى نزع أوراق الإقامة من زوجته، فتعود إلى المغرب بدون نفقة، وتعيش على إيقاع مشاكل لا حصر لها. كما هناك حالات الزواج المختلط وما يسبب فيه الجهل بقوانين البلدان الأخرى. وللوقوف على عمق مشاكل المرأة المهاجرة المغربية التي لا تطالها النقاشات العامة، تدعو لطيفة ويرزكان إلى فتح أبواب المجتمع المدني خلال شهر ماي ويونيو ويوليوز وغشت، لتحديد الحاجة إلى إجراءات مستعجلة في جانب التأطير، ووضع استراتيجية للانفتاح على جمعيات ببلاد المهجر. فالمرأة الموجودة بأرض الوطن قد نستطيع أن نجد لها حلولا قانونية وموقعية أيضا، لكن خصوصيات المرأة المهاجرة لا ينبغي أن يطالها تعميم الغطاء القانوني. تضيف ويرزكان. من جهة أخرى تطرح مسألة الدعارة أحد أشكال العنف الممارس على النساء، ووضع المرأة في هذا الجانب يقاس انطلاقا من امتدادات الظاهرة وانعكاساتها المتعددة.. عندما يتعلق الأمر بشبكات متداخلة تستهدف امتهان كرامة النساء ولعل أهمها في هذا السياق تقاطعها مع الهجرة وملابساتها، سواء منها المقننة أو السرية. وإن كانت بعض إرهاصاتها تؤشر بأن نسبة الضحايا المغربيات تدل على طابع الهشاشة وتقلص مستوى الحصانة الأخلاقية والمؤسساتية. ومع الاستمرار فى ترويج الصور النمطية المهينة للمرأة سواء عبر وسائل الإعلام أيضا، فإن المسألة في نظر الناشطات الجمعويات تقيس قيما وسلوكات جديدة تعمل على إقامة نوع من التطبيع مع أشكال متعددة من المنزلقات السلوكية كانت بالأمس القريب تثير بعض أشكال المقاومة المجتمعية، وهذاالمعطى يمكن أن يعمل على إضعاف مستوى الحصانة الفردية أو الجماعية وتقويض المؤسسة الأسرية. خصوصية الانتماء الثقافي الحديث عن وضعية المرأة القروية يستمد شرعيته من طبيعة المعاناة اليومية التي ترزح تحت ثقلها المرأة المغربية في جل المناطق القروية، التي تتميز بخصوصية تقوم على خصوصية الانتماء الثقافي والهوياتي في كثير من الأحيان. على اعتبار أن مستويات التنظيم الاجتماعي القبلي في العالم القروي هي متعددة، وبذلك فما هو أكيد هو أن وضعية المرأة في المدن والحواضر ليست هي وضعيتها في البوادي والمدن الصغرى المهمشة والمناطق الجبلية. وتؤكد زهراء إدعلي رئيسة جمعية إفولكين بمراكش، أن المرأة في ظل عدم مراعاة هذه الخصوصية تعيش التهميش من الإشراك للاندماج، ومشاكل التعليم والصحة خاصة في أعالي الجبال، جراء البعد عن الخدمات الأساسية. فيما التنمية المحلية في نظر زهراء إدعلي هي معايشة الواقع القروي عن قرب، والذي لا يمكن أن تتكلم عنه التقارير، وتضيف أن مصير المرأة القروية بيدها ولا تحتاج إلى من يتكلم عنها لأنها هي محرك التنمية. ملامسة الواقع الحقيقي للمرأة القروية تنطلق من وضعيتها كبنت أولا تقول عائشة الحذيفي عضو المجلس العلمي بأكادير، فانعدام ظروف التمدرس غير الملائمة، توقفها عند القسم السادس في أحسن الأحوال، كما لازالت القرويات لا تنعمن بحقهن في الإرث، وتؤكد الحذيفي أن أكبر المشاكل هي انعدام مؤسسات للتكوين، حيث أن الأمر ينحصر في الجمعيات التنموية، باستثناء بعض الجمعيات لكنها لا تكفي لتغطية حاجيات المرأة القروية في اقليم اشتوكة أيت باها نموذجا. وإن تحدت ظروفها واستطاعت أن تكمل دراستها فإنها لا تجد آفاقا في سبيل أن تكون وسيلة فعالة للتغيير ونشر الوعي. المرأة القروية كأم بالإضافة إلى الجهل والفقر، تضيف الحذيفي تجهل كامل الجهل وظيفتها ومسؤوليتها التربوية، كما انعدام المرافق الصحية يجعل صحتها مهددة أكثر من غيرها، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة وفيات الولادة بالمنطقة، أما وهي عاملة تقول الحذيفي فهي تعيش ظروف عمل مزرية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ظروف لا تليق بكرامة الانسان في تصبير السلع الفلاحية. كما لا يعترف بأمومتها حاملا ومرضعا، ويتعامل معها على أساس أنها رقم وآلة في ظل الجهل التام بمدونة الشغل، لكن مع ذلك تعترف عائشة الحذيفي أنها امرأة منتجة تساهم في التنمية الفلاحية للبلد وفي التنمية الاجتماعية.