بعد 51 يوما من الدمار والقتل بغزة، جاءت المقاومة الفلسطينية لتزف إلينا خبر نصرها الكبير والعظيم على أعتى آلة قتل ودمار في العالم. طيلة 51 يوما لم تهدأ نيران العدو الغاشم، وانطلقت الصواريخ في كل مكان وحلق الرصاص في كل شبر من غزة. استشهد الأطفال والنساء والشيوخ، وسالت دموع طاهرة من عيون أرامل ثكالى، رغم كل هذا بقيت العزيمة حاضرة وأصبح الإيمان أقوى بالقضية الفلسطينية. لقد صدق الناطق الرسمي باسم حركة حماس، د. سامي أبو زهري، لما قال "أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تنجز ما عجزت عنه الجيوش العربية مجتمعة وحققت معظم مطالبها من المعركة مع إسرائيل". ولكن لا يجب أن ننسى، في هذه المرحلة، أن هذه المقاومة استطاعت أيضا أن تكشف عمق خيانة بعض الدول العربية التي لا غبار عليها، وعلى رأسها مصر التي بادرت بإغلاق معبر "رفح" الحدودي بعد يوم واحد من فتحه أمام الجرحى إلى قطاع غزة المحاصر من كل مكان، في حين تَوَاصل العدوان الصهيوني على القطاع وواصل سفكه لدماء الأبرياء. استطاعت المقاومة كذلك من كشف جبن مصر السيسي من إخوانها المضطهدين في قطاع غزة، ووقوفها وقفة رجل واحد مع الكيان الصهيوني، ودعم جميع عملياتها العدوانية سواء الجوية أو البرية، حيث بادرت بتقديم مبادرة مسمومة تصب أساسا في مصلحة العدو الصهيوني ولا تلبي الطموح الفلسطيني ولا تضمن لا من قريب أو بعيد مصلحة الشعب الفلسطيني المقاوم، فدورها كان دورا مشبوها في محادثات وقف إطلاق الناربين حماس وإسرائيل. من المؤسف حقا أن تسوق بعض المنابر الإعلامية المصرية صورة المقاومة "حماس" كجماعة إرهابية يجب القضاء عليها. التفسير الوحيد لهذا الموقف العدائي للحكومة المصرية وتواطؤها مع الكيان الصهيوني يكمن أساسا في إبرام اتفاقات "تحت الطاولة " لمساعدة بعضهم البعض من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية في المنطقة . رغم رائحة الموت المنتشرة في كل مكان في قطاع غزة، ورغم تخاذل وخيانة بعض الأنظمة العربية انتصرت غزة، واستطاعت المقاومة أن تكبد الكيان الصهيوني خسائر لن ينساها مدى الحياة، مئات القتلى والجرحى وأكثر من ألف جريح منهم خارج الخدمة نتيجة الإعاقة الدائمة، ناهيك عن حجم الخوف والرعب الذي زُرع في قلوبهم. إن فوز حماس في معركة غزة يؤكد أن المقاومة برهنت على قوتها وبينت للعالم أنها أقوى من أي جيش في الشرق الأوسط. ومن المرتقب أن يعاني نتنياهو من عواقب وخيمة في الداخل الإسرائيلي، فهذا الفشل الذريع يحكم بنهاية مشواره السياسي، نعم لقد فشل نتنياهو وفشلت معه كل المنظومة الحاكمة لتل أبيب... فوداعا نتنياهو ولتذهب إلى مزبلة التاريخ... رغم شلال الدماء ورغم إبادة عائلات من السجل المدني، ورغم القضاء على أحياء كاملة، ورغم هدم الآلاف من الوحدات السكنية ومن مرافق البنى التحتية، كان الشعب يصرخ كلنا مع المقاومة، فخرجت المقاومة منتصرة بفضل الله ثم بفضل إرادة وصلابة شبابها ونساءها وأطفالها وشيوخها، قدموا الغالي والنفيس من أجل نصرة غزةوفلسطين، فنصرهم الله... واعتبرأبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، أن هذا النصر هو "نصر الشهداء والجرحى وكل فئات الشعب الذي التحم بالمقاومة وكسر أسطورة العدو"... نعم، إن هذا الانتصار هو انتصار كبير وعظيم ونقطة تحول مهمة في الصراع، وإذا كان انتصار غزة هو البداية فغايتنا تبقى دائما وأبدا هي نصرة فلسطين الحبيبة وتحرير الأقصى...شكرا للمقاومة وشكرا للشعب الذي صنع العزة...