عشرُون عامًا بالتمام مضتْ على إيصادِ المغرب والجزائر حدودهَما البريَّة، دونَ أن يصيرَ الزمنُ عاملًا في الدفع بالعلاقات الثنائيَّة بين البلدين الجارين، نحو الانفراج، والخروج بها من المسالك الضيقة للتصعِيد إلى رحابةِ التعاون. في شهر غشت، من عامِ 1994، تحديدًا، قررت الجزائر أنْ تغلق حدودها البريَّة مع المملكة، بعد اتهاماتٍ مغربيَّة لمخابراتهَا بالضلوع في هجوم إرهابي على فندق "أطلس أسني" بمراكش، أسفر عنْ مقتل سائحين إسبانيين، وجرح سائحة فرنسيَة. على يدِ ثلاثة إرهابيِّين فرنسيِّين من أصول جزائرية. ردُّ الفعل المغربي، على الهجوم الذِي استهدفَ سياحًا مدنيين في عقر داره، وبأحد أهم موارده السياحيَّة، دفعت إلى فرض وزارة الداخلية المغربيَّة تأشيرةً على الجزائريِّين، يمكنُ استصدارُهَا لدى المصالح القنصليَّة؛ بوهران كمَا في الجزائر العاصمَة. الجزائرُ ستردُّ من جانبها، بالمثل على القرار المغربي، عبر فرض تأشيرةٍ على المغاربة الراغبِين في الدخُول إلى أراضيها، فضْلًا عن إجراءٍ موازٍ، لا يزَالُ ساريًا حتَّى اليوم، يقضِي بغلق الحدُود البريَّة مع المغرب، من باب التصعيد، وردِّ الصاعِ صاعين إلى الجارة الغربيَّة. التأشيرة التِي جرى فرضُهَا، من الجزائر والمغرب، معًا، ستقلصُ إلى حدٍّ كبير من تنقلِ الأفراد والسلع بن البلدين، لتنخفضَ الرحلات الجويَّة بصورةٍ كبرى قبل أنْ يتم إيقافها واستئنافها في وقتٍ لاحق، كمَا أنَّ تنقل السلع بين البلدين، باتَ يستلزمُ المرور عبر ميناءَيْ برشلونة أوْ مرسيليا، بعد سوء العلاقة بين الجارين. ووفقًا للأرقام المسجلة، فإنَّ 900 ألف جزائرِي، كانُوا قدْ زارُوا المغرب، صيفَ 1994، الذِي شهد تدهورا في العلاقات المغربيَّة الجزائريَّة، لا زالُ يكبدُ البلدين خسارةً بنحو نقطتين، في معدل نموهمَا الاقتصادِي، حسب تقديراتٍ، علمًا أنَّ كلَّ نقطةِ نمو تخلقُ نحو ثلاثين ألف فرصة شغل. كونُ المغرب والجزائر أكبر البلدان وزنًا في الاتحاد المغاربي، المعلن عنهُ في مراكش، عامَ 1994، عقب اجتماعٍ تاريخِي، بين كلٍّ من العاهل المغربي، الحسن الثاني، والرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، والعقيد الليبي، معمر القذافي، والرئيس الموريتاني، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، والرئيس التونسي، زين العابدِين بنعلِي، جعلَ التكتلَ الإقليمِي في ثلاجةٍ من الجُمُود وحال دونَ تحقيقه تكاملًا اقتصاديًّا. وفيمَا يستمرُّ كل طرفٍ في الإنحاء باللائمة على الآخر، بقول الجزائر إنَّها ظلمتْ من المغرب، في وقتٍ كانت تجتازُ لحظاتٍ عصيبة، ومدِّ المغرب يدهُ أكثر من مرَّة لأجل فتحِ صفحةٍ جديدة، كان العاهل المغربيُّ، محمدٌ السادس، قدْ دعَا في خطابهِ بمناسبة عيد العرش، في 2011، إلى إعادة فتح الحدُود مع الجزائر. دونَ حصول تجاوب جزائرِي. الجزائرُ سوغتْ، إبقاءهَا على الحدود مغلقةً مع المغرب، وإنْ كانت قدْ ألغت التأشيرة المفروضة على المغاربة، بوجود ملفاتٍ عالقة ينبغي تسويتها، قبل المرور إلى فتح معبر "زوج بغَال"، الذِي لمْ يكن إغلاقه، ليوقفَ حركة تهريب السلع والوقود بين البلدين بصورةٍ كاملة. مع إقفال غلق الحدود البريَّة بين المغرب والجزائر عامهُ العشرين، لا تزالُ العلاقاتُ تنحدرُ نحو الأسوأ، حسب مراقبين، حتَّى أنَّ الجزائر لمْ تتوان قبل أسبوعين، من اتهامِ المغرب بالسعي إلى النيل من صحَّة أبنائها، عبر تشجيع تهريب المخدرات نحو أراضيها، وهو الاتهام الذِي رفضهُ المغرب مذكرًا جارته بأنَّ أقراصًا مهلوسة تدخلُ منها إلى المملكة، وبأنَّ شبابهَا ليسُوا "الضحايا" الوحيدين، وأنَّ ثمَّة ضحايا آخرين "للهلوسة" الجزائريَّة.