عبّرَ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكّرة صدرتْ عنه حديثا، حول العقوبات البديلة، عنْ قلقله بشأن تزايد أعداد "ساكنة" السجون المغربية، والتي عرفتْ تزايدا كبيرا، بأكثرَ من 26 في المائة، بين سنتيْ 2009 و 2013، بناءً على المعطيات الواردة في مشروع ميزانية المندوبية العامّة لإدارة السجون وَإعادة الادماج للسنة الجارية، حيثُ انتقل عدد المساجين من 57763، إلى 72816. تزايدُ أعداد الساكنة السجنية، أدّى، حسب مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى "شروط اعتقال مثيرة للقلق ومُضرّة بجهود إعادة الادماج وضمان أمان جميع الساكنة السجنية"، ومن ذلك أنّ الحصّة الغذائية لكلّ سجين نزلت من 14 درهما إلى 11 درهما في اليوم، فيما لا يتعدّى معدّل التأطيرِ عوْنا واحدا لكل سبعة نزلاء في أحسن الأحوال، وقد يَصل العددُ، في حالاتٍ أسْوَأَ، إلى 22 سَجينا. وفيما تنصّ المعايير الدولية على تخصيص عوْنٍ واحدٍ لكلّ ثلاثة مساجين، أرجع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضُعف التأطير في المؤسسات السجنية المغربية إلى الخصاص في 800 منصب مالي كان مبرمجا ما بين 2011 و 2013، مشيرا إلى أنّ الوضع قد يتفاقم أكثر خلال سنة 2014؛ وفيما يتعلق بالمساحة المخصصة للسجناء فلا تتجاوزُ داخل السجون المغربية مترين مربّعين للسجين، بينما تنصّ المعايير الدولية على ما بين 9 إلى 10 أمتار مربّعة. ومن بين أسباب ارتفاع أعداد الساكنة السجينة في المغرب، حسب تقرير سابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، اللجوءُ إلى الاعتقال الاحتياطي، وبُطءُ المحاكمات، والتطبيقُ شبهُ المنعدمِ للمقتضيات القانونية المتعلقة بالإفراج المقيّد بشروط، والإعمال المحدود لمسطرة الصُّلح، وعدم وجود وكلاء ملكٍ مختصين في عدالة الأحداث، وعدم تطبيق التدبير القانوني الخاصّ بالأشخاص المُصابين بأمراض عقلية. ولتَخفيض أعداد الساكنة السّجنية في المغرب، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى اعتماد العقوبات البديلة، والتي يرى، أنّه، على الرغم من صعوبة أجْرأتها، إلّا أنّ لها ميزتان أساسيتان، على الأقلّ، هُما مكافحة حالات العَود، وتقليصُ أعداد المساجين؛ وتشير إحصائيات سابقة لوزارة العدل والحريات إلى أنّ 20 في المائة من المساجين كان من الممكن أن يكونوا خارج المؤسسات السجنية، لو تمّ تطبيق تدابير بديلة، كالصُّلح، وهو ما يمثل 18 ألف سجين يقبعون داخل المؤسسات السجينة المغربية. المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوْصى، في مذكّرته، الحكومة والبرلمان، في إطار إعمال ميثاق إصلاح منظومة العدالة، بصياغة استراتيجية شمولية ومنسجمة لإدارة العقوبات البديلة، واتخاذ تدابير للسياسات العمومية، لتوسيع عَرْض مراكز التكفّل وإعادة تأهيل المجموعات الأكثر هشاشة التي قد تخضع للعقوبات البديلة، كما أوصى بإعداد مخطّط لدعم قدرات مهنيي العدالة، في مجال تحديد العقوبات البديلة وتنفيذها.