بات عبد الله باها، وزير الدولة الحالي، العين الأكثر إبصارا التي يرى بها رفيق دربه ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، داخل حركة التوحيد والإصلاح، خاصة بعد مغادرة وزراء وقياديين من حزب العدالة والتنمية للمكتب التنفيذي للحركة، حيث احتفظ باها بمقعده في لائحة أعضاء المكتب الجديد، فيما خرج مصطفى الخلفي وزير الاتصال، ومدير دويانه سعد لوديي، وآخرون. وصار باها، بعد نتائج المؤتمر الخامس لحركة التوحيد والإصلاح، الوزير الوحيد في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ضمن تركيبة المكتب التنفيذي للحركة، والذي يعتبر قيادة التنظيم ويعمل على تنزيل مخططاته، ما يضمن له موطئ قدم بارز في الحركة كما في الحكومة أيضا، دون أن يثير كثير ضجيج إعلامي حوله. ويرى مراقبون أن ما أسفرت عنه نتائج المؤتمر الأخير لحركة التوحيد والإصلاح صبت في مجملها لصالح رئيس الحكومة بشكل أو بآخر، فانتخاب مستشاره وظله عبد الرحيم شيخي رئيسا للحركة أزاح عنه مسمارا كان سيطرق رأسه لو ترأس أحمد الريسوني التنظيم، كما أن بقاء رجله الوفي، باها، في قيادة الحركة سيجعله أكثر اطمئنانا وراحة. وذهب البعض إلى أن بنكيران لم يعد محاطا ب"علبته السوداء" فقط في الحكومة، يضبط إيقاعاته ومزاجه السياسي ويخيط بالأبيض في ما يطرأ من خلافات داخلية، بل أيضا داخل حركة التوحيد والإصلاح، ما يجعل باها الشخصية القوية "الخفية" داخل الحكومة، وداخل الحزب، كما في أتون الحركة التي يصفها البضع بالذراع الدعوي لحزب "المصباح". ويتذكر صحفي كان يشتغل في جريدة التجديد، قبل تسع سنوات خلت، لما كان يشرف عليها بنكيران، كيف كانت الأعناق تشرئب إلى عبد الله باها ليحسم في العديد من نقاط الخلاف التي نشأت بين الجسم الصحفي للجريدة مع مديرها حينئذ بنكيران، لما عُرف عنه من "أناة وطول بال"، وهي خصال غير متوفرة في "أخيه بنكيران". ويقول الصحفي ذاته إن هدوء باها مقابل عصبية بنكيران، وتريث باها مقابل تسرع بنكيران، وغموض باها مقابل وضوح بنيكران، وكثير من السلوكيات المتناقضة بين الطرفين، جعلتهما أشبه بالماء والنار، باها هو الماء، وبنكيران هو النار، وكثيرا ما كان باها يُطفئ غضب بنكيران، ولعل ذلك ما أطال عشرتهما ومسيرتهما. ولإدراكه الشخصي بأهمية باها في حياته، فإن بنكيران لم يتوان في حياكة منصب حكومي رفيع "لم ينص عليه الدستور"، يتعلق بزجه في ثوب وزير بدون حقيبة، بأهمية بروتوكولية تفوق باقي الوزراء، كما سار مؤتمرو الحركة على نفس المنوال، ليحافظوا على مقعد الرجل داخل قيادة التنظيم، فيما يشبه اتفاقا على أن باها بالنسبة لبنكيران مسألة "حياة أو موت" يقول أحد الظرفاء.