قبل آذان المغرب بساعات قليلة، تبدأ حركة غير اعتيادية تدب داخل خيمة نصبت بأحد الأحياء الشعبية بالرباط لاستقبال ضيوف الرحمان، كما يفضل أصحاب هذه المبادرة الإنسانية أن يسمونهم، ترى شبابا وشابات يتنقلون كالنحل يحملون الكراسي ويصفون الموائد بنشاط وهمة لإعداد إفطار جماعي للفئات المعوزة. دقائق قليلة، ويبدأ المكان يكتظ بالوافدين، شبابا وشيوخا، نساء وأطفالا، وعلى محياهم ابتسامة رضا وامتنان لشباب لم يتوانوا في توفير مكان لمشاركتهم أجواء رمضان العائلية. "كانت مجرد فكرة نتداولها نحن شباب الحي المنضوي في إطار جمعيات الأحياء، تحولت إلى مبادرة"، يقول محمد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "قبل حلول شهر رمضان بأشهر كنا أربعة شباب نفكر في مبادرة نقوم بها خلال شهر رمضان الكريم لفائدة الفئات المعوزة من جهة، ولإشراك شباب الحي في العمل التطوعي باعتباره أحد أسس بناء الذات". وقال "إن تنفيذ هذه الفكرة على أرض الواقع ليس بالأمر الهين أمام غياب إمكانات مادية، كنا متخوفين من ألا تجد مثل هذه المبادرة صدى طيبا، غير أن عزيمتنا وتشجيعنا بعضنا البعض، لم يزدنا إلا إصرارا على دخول معترك هذه التجربة الإنسانية، بحيث طرقنا أبواب المحسنين الذين استجابوا ورحبوا بهذه المبادرة الإنسانية وثمنوها، وبدأنا في الإعداد لهذا الإفطار الجماعي". خلال الأيام الأولى لشهر رمضان كان عدد الوافدين على موائد الإفطار الجماعي قليل، يضيف محمد، رئيس إحدى جمعيات الحي بيعقوب المنصور، "ومع توالي الأيام أصبح المكان لا يتسع لعدد ضيوف الرحمان، ما جعلنا نضيف موائد أخرى خارج الخيمة المعدة لذلك". "إحساس رائع، يخالجك وأنت تقدم يد العون لهؤلاء الوافدين، الذين يتحينون الفرصة ليلقوا عليك التحية ويقدمون لك الشكر على هذه المبادرة"، تقول سعاد، متطوعة ضمن شباب الحي، "لم أكن أعلم أن مثل هذا العمل الإنساني البسيط جدا يدخل الفرح والبهجة إلى قلوب الناس". هم شباب قلائل تمكنوا، من خلال مبادرة إنسانية، وبإمكانيات محدودة، من إدخال السعادة إلى قلوب مجموعة من الأشخاص، وأكدوا، بالملموس، ألا شيء مستحيل أمام قوة الإرادة. *و.م.ع