يتطلب شهر رمضان الكريم تغييرات مهمة في نمط حياة الصائمين تطال نظام الأكل و الشرب و أيضا النوم، لهذا يجب إتباع مجموعة من الإرشادات للصائمين عموما و للمرضى خاصة، من أجل تفادي الوقوع في مضاعفات صحية و من أجل الاستفادة الكاملة من روحانية الشهر الفضيل دون منغصات. بالنسبة للمرضى الذين يعانون من النقرس و هو حالة مرضية تتصف عادةً بتكرار حدوث الإصابة بالتهاب المفاصل الحاد و من أعراضه مفصل متورم يتصف بالإحمرار والمضض وارتفاع الحرارة، (بالنسبة لهؤلاء) فالصيام في شهر رمضان أشبه بعيادة مفتوحة للعلاج لأن الصيام ينشط دورة الإستقلاب، التي تعني مجموع العمليات الحيوية الكيميائية التي تحدث داخل الجسم لضمان نموه وأدائه الوظيفي السليم بما فيها عمليات البناء و الهدم داخل الخلايا للبروتين و السكريات و الدهنيات، كما ان الصيام مفيد للوقاية من الالتهابات. من فوائد الصيام، بشكل عام، أنه يقوي و يريح الجهاز الهضمي و يخفض نسب الدهون الضارة كالكوليستيرول في الدم كما يقوم الكبد، خلال الصيام، بالتخلص من سموم الجسم فضلا عن التأثير الإيجابي على الذهن و النفس لمدمني التبغ بعد إقلاعهم عنه. يتعرض الجسم خلال الامتناع عن الأكل و الشرب لنقص في السوائل و احتمال التعرض للجفاف خصوصا الشيوخ و الأطفال الصغار الذين يقومون بالصيام لأول مرة لذلك وجب الانتباه لهذه الفئات العمرية و التعويض بأن نشرب كميات وافية أثناء الإفطار من الماء و الحليب و كذلك العصائر المحتوية على الألياف النباتية مع الابتعاد عن المشروبات الغازية و مشروبات الطاقة لثبوت ضررهما على الصحة. ومع انتشار ظاهرة الإسراف وأنماط التغذية العشوائية ينصح بالاعتدال في استهلاك المواد الغذائية الغنية بالدهنيات و السكريات لتفادي الزيادة في الوزن. كذلك لا يجب الأكل بشراهة و بصورة متواصلة خلال الإفطار للخطورة على المعدة أولا و لأن ذلك يسبب في امتلاء سريع للمعدة مما يحفز الجسم لضخ كميات مهمة من الدم نحو الجهاز الهضمي على حساب أعضاء أخرى من الجسم مما يسبب الشعور بالارتخاء و العياء الثقيل. ينصح كذلك بعدم الاقتصاد في الحركة و ببدء ممارسة المشي ساعتين بعد الإفطار لإعطاء بعض الوقت الكافي لعملية الهضم. لا يجب إهمال وجبة السحور لما لها من فوائد كثيرة في شهر رمضان المبارك لأنه مصدر طاقة الصائم خلال النهار و بالتالي يتوجب بأن يكون السحور غني بالنشويات البطيئة الامتصاص كخبز القمح الكامل، فهذه تساهم في المحافظة على مستوى السكر في الدم. و فيما يتعلق بذوي الأمراض المزمنة، كالقلب و السكري وقرحة المعدة، أو في حالة الحمل أو الرضاعة يجب استشارة الطبيب المعالج قبل الإقدام على الصيام و الالتزام بتعليماته حرفيا، في حالة الترخيص بالامساك، و التقيد بأوقات تعديل أخذ الدواء مع تعزيز المراقبة الصحية من طرف المحيطين بالمريض. أما الملاحظة الأساسية التي وجب بها اختتام هذا المقال فهو ضرورة تنظيم الملف الطبي لأصحاب الامراض المزمنة و جعله جاهزا لتقديمه تحسبا لوقوع أي طارئ ينقل على إثره هذا الاخير للمستشفى على وجه السرعة، لأن هذا التفصيل حاسم في إنقاذ حياة عدد من المرضى و يساهم في فعالية التدخل الطبي الاستعجالي. - طبيب مقيم بالجراحة العامة بمستشفى إبن سينا بالرباط.