بعد "هدنة" دامت بضعة أشهر على ما سماه البعض ظاهرة انتحار رجال الشرطة بالمغرب خاصة في الربع الأول من السنة المنصرمة، عادت أخيرا حوادث متفرقة للظهور، وتهم وضع رجال يعملون في سلك الأمن حدا بأيديهم لحياتهم، لأسباب مختلفة لها علاقة بما هو اجتماعي أو عاطفي أو عائلي أو نفسي أيضا. وفي هذا السياق أقدم، زوال اليوم الخميس، شرطي يعمل بالهيئة الحضرية التابعة للمنطقة الأمنية الثانية بولاية أمس فاس، على محاولة الانتحار عن طريق شرب محلول الفئران، وذلك داخل مسكنه الكائن بحي المصلى بمنطقة بن دباب بمدينة فاس. وأوضح مصدر أمني بأن سبب إقدام رجل الأمن على محاولة وضع حد لحياته بسم الفئران يعود إلى علمه بمسطرة تنفيذ حكم قضائي يقضي بأدائه مبلغ 63 ألف درهم كواجبات مالية تهم النفقة الواجبة في حقه لفائدة مطلقته وأبنائه، حيث تم تبليغه بأمر السلطات القضائية المختصة بالأداء تحت طائلة الاعتقال. ويبدو أن الشرطي لم يستسغ حكم محكمة فاس بأداء مبلغ مالي قد لا يكون متوفرا لديه، لسداد واجبات النفقة لصالح مطلقته وأبنائه، فلجأ أمام رفضه للحكم القضائي وتبعاته المالية إلى تناول جرعات من المحلول المستعمل في قتل الفئران، دون أن ينهي حياته، حيث لا يزال يتابع علاجه بالمستشفى. وأفاد مصدر طبي مطلع على حالة الشرطي المنتحر، أنه جرى إخضاع المعني بالأمر لعملية غسيل المعدة بالمستشفى الجامعي بفاس، وأن حالته الصحية ما زالت قيد المراقبة الطبية، في انتظار تفاعل جسمه مع العلاجات المقدمة، فيما فتحت مصالح الأمن بالمدينة تحقيقا في الموضوع بتنسيق مع النيابة العامة. وقبل شرطي فاس كان شرطي برتبة ملازم من مدينة الدارالبيضاء، 52 عاما، قد نفذ الانتحار في حق نفسه بأن قام بتعليق جسده بحبل بلاستيكي موصول بشجرة في منطقة الهراويين، حيث رجحت التحقيقات الأمنية حينها بأن سبب الانتحار يعود أساسا إلى مشاكل عائلية كان يتخبط فيها الشرطي المنتحر. وجدير بالذكر أن المغرب شهد "موجة" انتحارات في صفوف رجال الشرطة خلال الربع الأول من السنة الماضية، منها شرطي من مدينة سطات انتحر باستعمال مسدسه الوظيفي داخل مقر عمله، تاركا رسالة يلتمس فيها الاهتمام بزوجته وبناته، وقبله أقدم شرطي آخر على الانتحار لأسباب عائلية، بينما انتحر آخر مشاكل عاطفية". وإذا كان البعض يتحدث عن ظاهرة تهم انتحار رجال الشرطة بالمغرب قد طفت حينا وخبت حينا آخر، فإن البعض الآخر يجد في الأمر تهويلا عن قصد أو عن غير قصد، باعتبار أن عدد حالات الانتحار داخل الشرطة ما بين سنتي 2000 و 2012 لم يتجاوز 46 حالة فقط، فيما تشير إحصائيات إلى أنه انتحر 14 شرطيا بين 2010 و2013، منهم 6 حالات في الدارالبيضاء.