فيما يشبه قرص الأذن بهدف اللوم والعتاب، خاطب الروائي ذو الأصول المغربية الطاهر بنجلون، الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في رسالة مفتوحة نشرتها مجلة "لوبوان" الفرنسية، مطالبا إياه بالإسراع في القيام بزيارة مجاملة وعمل للملك محمد السادس. وتأتي مبادرة بنجلون في سياق علاقات دبوماسية تتسم بنوع من التوتر البارد بين الرباط وباريس، عقب حادثة استدعاء السلطات الأمنية الفرنسية لمدير مراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي الذي كان في زيارة لفرنسا، قبل أسابيع مضت، أججتها تصريحات منسوبة لسفير فرنسي وصف المغرب "بالعشيقة التي نكرهها ونُجبر على معاشرتها". وقال الفائز بجائزة غونكور سنة 1987 في رسالته الموجهة إلى الرئيس الفرنسي "أعلم السيد الرئيس بأنك غير سعيد مما يحدث حاليا، هزيمة في الانتخابات البلدية، وفوز ساحق للجبهة الوطنية، ومعدلا للبطالة في ارتفاع مستمر، فهذا لي وقتا مناسبا للومك، ولكنه وقت موات لدفعك لتغيير بعض مواقفك للخروج من المأزق الذي توجد فيه". وتابع صاحب "تلك العتمة الباهرة" بأن المغرب ليس البلد الذي يُتعامل معه بأسفل الساق كما يقال، فالمغاربة حساسون إزاء الطريقة التي يُتعاملون بها"، مخاطبا هولاند بالقول "اتركوا موظفيكم يعيدون النظر في الاتفاقيات القضائية، لكن بالمقابل عليك أن تأخذ طائرة وتزور الملك، زيارة مجاملة وعمل أيضا. واستطرد بنجلون في رسالته الموجهة للرئيس الفرنسي "لا تترك التوتر يزداد، فلا أحد من مصلحته هذا الوضع، خذ لك يومين راحة بعيدا عن المحن والضوضاء والأخبار السيئة"، قبل أن يؤكد بأن "المغرب أيضا مهتم بمستقبل أوروبا". ويشرح الروائي الفرانكوفوني "أعرف أنك غارق إلى أذنيك، وأوربا لا تنتظر، نعم.. ولكن المغرب بدوره معني بمستقبل أوروبا التي يحتكرها حاليا متطرفون شعبويون ومعادون للأجانب"، مردفا أن "المغرب بحاجة إلى الدفاع عن صادراته، ومن يحترم هويته". وزاد بنجلون من جرعة عتابه للرئيس الفرنسي "ليكن لديك الخيال، وقم بشيء يدهشنا جميعا فرنسيين ومغاربة، قم بحركة قوية ورمزية، واطلع أكثر على تاريخ المغرب، ولتكن لديك رؤية واسعة وأكثر طموحا، فأنا متأكد أن ذلك سيجلب لك السعادة" وفق تعبير المقال. ولفت الكاتب إلى أن السياسيين الفرنسيين يحبون أكثر الدول التي تسيء معاملة فرنسا، في إشارة إلى الجزائر، وقال بنجلون "انظروا كيف وكم يخشى سياسيو فرنساالجزائر"، مبرزا أن لا زعيما فرنسيا تجرأ على وصف الجزائر بالعشيقة التي نكرهها ونضطر لمعاشرتها، كما لم يستطع أي قاض فرنسي استدعاء إلى إقامة السفير الجزائري. وذهب بنجلون إلى أن "المغرب يعتبر صديقا لفرنسا، سواء في عهد فرانسوا ميتران، أو جاك شيراك، وكان دائما يُعامل باحترام وتقدير، ليس من باب المجاملة، بل لأن هذا البلد زبون جديد، ولأن الحماية لم تنته بحرب رهيبة مثل حالة الجزائر"، مضيفا أن "الذاكرة المغربية الفرنسية أكثر سلاما وهدوء وعاطفية أحيانا".