إثر الإعتداءات الهمجية والبربرية للإسبان على أفراد من الشعب المغربي ومن قبلها اعتداءات أخرى لم نعلم منها إلا القليل أمام الجبن والتملق الذي أبدته الإدارة المغربية - التي تشبه الخشبة التي تمالق الأرض تجاه دولة لا وزن لها - والذي يذكرنا بالجيلالي الزرهوني والإمتيازات التي خولها للإسبان،لايسعنا من هذا المنبر إلا أن نندد بالعنصرية المقيتة لحكومة لطالما كانت ذاكرتها التاريخية متعفنة نتنة بالدماء البريئة منذ زمن ألفونسو الحادي عشر- الذي ولد أبناءه من سفاح وأعدم أمهم كما أعدم عشيقات أخريات- حين أصلح قوانين قشتالة ذات السيادة الواهية ومحاكمها وحول منافسات النبلاء إلى حروب تشن على المسلمين ومنذ البربرية التي تجلت في محاكم التفتيش ضد بني البشر "أهل الهرطقة" المسلمين الذين أقاموا صرح العلوم والفنون وشيدوا حضارة مثالية في بلاد الأندلس تعايش فيها كل الناس واحتوت كل الإختلافات وكانت منارة حضارية لأوربا تعايش فيها المسلمون مع اليهود والمسيحيين بلا اضطهاد لتهدمها العنصرية الصليبية التاريخية باسم "العقيدة المقدسة" فلقي المسلمون واليهود ما لقوه لرفضهم التحول لدين دموي كما تشهد له نصوصه الصريحة التي ألصقت به بل حتى بعض المسيحيين المتهمين ب"الهرطقة" لا قوا الأهوال وأنفذت فيهم المحرقة جميعا،ومنذ غزو "العالم الجديد" وإعطاء الضوء الأخضر لإبادة سكانه الأصليين بما حركته أبخرة الجشع في نفوسهم، إلى ابتزاز المغرب وتكبيده الخسائر تمهيدا لاستعماره وتقتيل أهله وتقسيم ثراواته مع فرنسا الغاشمة،ومنذ تلك الرياضة القديمة corrida de toros ضد الحيوانات التي لم تؤذ الإسبان في شيء، إنها وحشية حتى ضد الحيوانات..على إسبانيا أن تتخلى عن أدران البربرية المتعطشة للدماء والوحشية المتشوفة للقتل ضد الإنسان وضد الحيوان على السواء بما يخالف ثقافة حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وللأسف لم تعلمها مسيحيتها - التي تحتوي على نصوص كثيرة منسوبة للمسيح زورا وزيفا وتحريفا- سوى السادية باسم الدين ، ولم تتعلم أيام كان المسلمون هناك أنه " في كل كبد رطبة أجر" كما جاء في الحديث الصحيح للنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن تبرز جمعيات الرفق بالحيوان التي تندد دوما بهمجية الإسبان ضد الثيران ! حقا إسبانيا تتبنى نهجا يخالف الديمقراطية ويتماشى مع ما يمكن تسميته من باب السخرية بالهمجقراطية أو الوحشقراطية أو السادقراطية والعنصرقراطية. ينبغي أن نذكر هنا أن الشعب الإسباني من الناحية العرقية لم يكن جنسا واحدا بل مزيجا غير ثابت من العرب و الأمازيغ والقرطاجيين و الفينيقيين والكلت والقوط الغربيين والرومان واليهود والوندال، إن دماءهم لتعكس صورة الأفارقة ومعادنهم ، ومن الناحية الدينية كان أجدادهم من المسيحيين والمسلمين و اليهود ،و البابا بول الرابع وصف الإسبان أنهم "بذرة لاقيمة لها من اليهود والمسلمين"،وهي قولة جاءت في سياق التوحيد القسري للعقيدة في إسبانيا فصاحب القيمة هو المسيحي وبالمسيحية تعود القيمة للإسبان بعد إرغام المسلمين واليهود منهم -باستثناء اليهود أصحاب القيمة الإقتصادية والمالية والتي قدرها فردناند - على اعتناق الدين الجديد أو كان مصيرهم المحرقة ! أما اليهود الذين لم تكن لهم تلك القيمة التجارية والإقتصادية فهم المنفيون المطاردون - المغوراشيم - الذين وجدوا المستقر في بلد مسلم وهو المغرب مع شعب مسلم إلى جانب اليهود الأصليين الذين قطنوا بالمغرب قبل الفتح الإسلامي ولم يضطهدهم أحد أو أرغمهم على تغيير معتقدهم إلى درجة أن تم وضع نجمة داود رمز الهوية اليهودية التي تتوسط علم إسرائيل على العلم المغربي وقامت فرنسا بتغييرها إلى النجمة الخماسية المتوسطة للعلم المغربي اليوم ! إن كل دولة حديثة لها جهازها التنفيذي الذي ينفذ قرارات الدائرة السياسية الرسمية، ومن آليات الجهاز التنفيذي الجهة المكلفة بالأمن وهي وزارة الداخلية التي تصدر تعليماتها للأمن، بمعنى أن الإعتداءات العنصرية الإسبانية المتكررة والمتعاقبة على المغاربة والأفارقة على السواء هي مرتبطة بقرار سياسي في الدائرة الرسمية ، والمندوبية الإسبانية بمليلية سبق وأن وصفت اعتداءات الشرطة ضد المغاربة بأنها شرعية وبررت ذلك بإلصاق التهم السخيفة بالمغاربة ! إنه ينبغي وضع هذه الإعتداءات في إطارها وربطها بسياقها الذي تطبعه الحساسية الأوربية والإسبانية بالخصوص - باعتبار إسبانيا بوابة المهاجرين الأفارقة إلى أوربا – من هجرة الأفارقة إليها لاعتبارات سياسية واقتصادية وعنصرية، إن هذا الأمر يذكرنا بموقف الملك فرديناند من اليهود إذ قام بالقفز على سياسة توحيد العقيدة الدينية وإبقاء اليهود الذين كان لهم دور اقتصادي هام في إسبانيا بينما نفى اليهود الآخرين وطردهم ! فإذن هذه الإعتداءات كانت جراء قرار سياسي رسمي يهدف للمحافظة على مصلحة الدولة ومكوناتها وهي تحمل رسالة إلى المغاربة وإلى كل الأفارقة الذين لا يملكون ما يفيدون به إسبانيا كما أفادها اليهود في عهد فرديناند : إسبانيا لن تستقبلكم إلا بالهراوة ! لنتصور كيف ستكون ردة فعل إسبانيا لو أن مواطنا إسبانيا تعرض لاعتداء من قبل شرطي مغربي، ستقوم القيامة على المغرب وسيطرد الشرطي المغربي من عمله ويحرم من قوت عياله وسيلاقي عذابا وبيلا سيتمنى معه لو كان ترابا ! وبالمقابل قد يترقى الشرطي الإسباني لأعلى الدرجات لأنه حصد ضحايا مغاربة عزل لا دولة لهم ولا حكومة ترعى مصالحهم إنما هي حكومة نفسها جاثية على قلب الشعب بلا شرعية وبلا وجه، وأنا متأكد من أن الحكومة تلعن أولئك المغاربة المعتدى عليهم، كما يلعن المواطنون كل اليوم في الإدارات وفروع الجهاز التنفيذي ! حقا إن الحديث الضعيف (كما تكونوا يول عليكم ) وهو ليس على إطلاقه وقوله تعالى : "وكذلك نول بعض الظالمين بعضا" لينطبق على حال المغاربة في هذه القضية ، وحين أقول المغاربة لا أقصد الأفراد الذين أعيش بينهم وأعرف منهم رجالا ونساء لا يرضون بالإنظلام ولا بالظلم بل أقصد الصورة العامة المنمطة للإنسان المغربي لدى الإسبان بوجه خاص والغرب بوجه عام وهي نفسها لدى الطبقة الحاكمة في بلدنا إلا من رحم ربي وقليل ماهم وأعتقد أن السيد حسن اليعقوبي زوج عمة الملك والذي ضرب الشرطي المغربي وهو يؤدي واجبه بالرصاص بعد أن خرق القانون - ولم يعتبر من ملك البلاد الذي يحترم الضوء الأحمر كسائر المواطنين- يعكس هذه الصورة حين قال للشرطي "نتوما غير بخوش أو دبان" وكذلك عكسها السيد خالد الناصري هو وابنه أمام قبة البرلمان كما عكسها أبناء مسؤولين آخرين حين يدهسون أبناء هذا الشعب المسترخص المبتذل ! هذا كلام موجه لشرطي يؤدي عمله الذي به يحافظ على أمن الدولة ومصلحة النظام السياسي، وتوقح على طبيب ذو مهنة نبيلة شريفة أنبل حتى من مهنة وزارة تكميم الإعلام باسم الإتصال فما بالك بالمغربي المسكين الذي ليس له إلا الله ! إنها تعكس ذلك الإنسان التافه البسيط والمتملق ذو الثقافة العتيقة في أحسن الأحوال ، لأن الغالب لا اعتبار له ولا حسبان للمغلوب . هذا الشعب ينتظر حكومته بأن تتصرف تجاه همجية الإسبان ، ومتى كانت الحكومة تصغي لنبض الشعب ؟ ومتى كان الشعب راغبا في الحكومة وهو الذي لم يمنح من أصواته إلا 32 بالمائة من قبل الأميين والبائعين المستضعفين من النساء والشيوخ في الغالب وهو ما يعني ديمقراطيا أن هذه الحكومة فاقدة للشرعية ! لا شك أن الحكومة لا تنظر إلى الشعب أفرادا مختلفين بل تنظر إليهم كيانا موحدا له صورة غالبة ، ونقرأ في هذه الصورة الغالبة أن الشعب المغربي شعب متملق - ولن تقول الحكومة هذا الأمر لاعتبارات انتخابية طبعا – مستلب ومنبهر أما الغالب ، هذا الشعب خرج في الرباط ليحتفل بفوز إسبانيا بكأس العالم والمقاهي المغربية كلها كانت ملأى غاصة بالمشجعين لمنتخب المعتدين ، كم من مغربي يرتدي أقمصة برشلونة وريال مدريد ، كم من مغربي يعتز بلوك مفردات إسباينة في فمه مفضلا عليها لغة بلاده، لنتحدث عن صحفيين إسبان جاءوا بكاميراتهم إلى قرية نائية ، توجهت إليهم لأتقصى أمرهم فخاطبني أحدهم بإسبانيته وخاطبته بالإنجليزية أني لا أتحدث الإسبانية فقال لي ألا يتحدث مسؤولوكم بالإسبانية مع مسؤولينا ؟ وهو يقصد أنه ينبغي أن أتعلم لغة "الأسياد الإسبان" كما تعلمها من يحكموننا، فأجبته أني لا أريد أن أكون خارج العصر وخارج التاريخ ! ضاحكون مستهزئون بالفقراء والبسطاء مقهقهين وسط القفار جالبين لملابس نتنة وألعابا انهال عليها أولئك المغاربة البدويون وكادوا يختصمون فيما بينهم ويتعاركون وهم الذين كانوا يلعنون "النصارى" كل وقت وحين، ورغم أنهم اكتشفوا أن هذه الأزبال التي أراد الصحفيون أن يتخلصوا منها إنما كانت ثمنا للتصوير تغاضى أحد السكان عن هذا "الإحسان"المغرض بالخبيث ونسي كل ما فعله الإسبان في هذا البلد بل نسي ذلك الهزء والضحك على حاله البدوية ورغبهم في شرب الشاي لكنهم أبوا شايه "النتن"، ليس هذا الخلق خاصا بهؤلاء القرويين بل هو خلق عام لدى المغاربة يضحك لك حين يراك وسرعانما يلعنك ويسبك حين تتوارى عنه حتى قيل "المغاربة تيخافو أمتايحشموش هذا فيما بين أولاد البلاد فما بالك عمن استغلها بالأمس ونهب خيراتها! لايحسبن أحد أن الإسبان وغيرهم في غفلة عن الحيثيات التي أفرزت هذا الكائن المغربي الهجين الشبيه بالحمار الذي تضربه ولا يغضب والكلب الذي تجوعه فيتبعك، هذه الحمارية التي لا تعرف الغضب والكلبية الجائعة تتجلى بوضوح في الإستلاب الحضاري الذي يعيشه المغاربة من أثقفهم إلى أجهلهم، إنسان ينقلب على الذات وينفصل عن ذاكرته ليرتمي في الأحضان الشائكة للآخر، إنسان مغربي رخو لا قدرة له على المقاومة والعض على الخصوصية الثقافية والإرث القيمي والأخلاقي، المثقف المغربي المستلب بوجه عام قبل أنصاف المتعلمين والأميين لا قيمة له عند الآخر لأنه مستتبع سجين رهين وفي أحسن أحواله وسيلة لتبرير الغزو الثقافي والإستتباع الحضاري وأداة استعمالية لهدم العوائق وروح المقاومة الذاتية ضد هذا الغزو ! إن قيمة الشعب تستمد من ارتباطه بالذات ومقاومته لكل أشكال الغزو والإستتباع ولا ينتظرن المنهزم التابع أن يسمع له ركز. أيريد المغاربة أن يحظوا بمعزة عند الإسبان وهم العاجزون حتى عن التمتمة أمام الحكومة التي تترك هؤلاء البربر يتنعمون بخيرات هذا البلد دون أن يطالنا منهم طائل، وهم يتماهون مع الغرب في كل شيء منسلخين عن الذات متبرئين من الأصل، قابلين لكل سفاسف الإعلام ومنكراته مقبلين على نتانات وسائل الإتصال، وهم الذين ساءت صورتهم في أوربا بما يرتكبونه من خروقات وجرائم ليست من قبيل الإلصاق الظالم حتى بات المغربي يخجل من جنسيته ! إن الإنسان الذي يخون ذاكرته التاريخية الجماعية ويضرب بثقافته عرض الحائط ويتنكر لأصله لن يستقبله الغالب إلا بالتحقير والنظرة الدونية، وهذه الصورة العامة كما قلت هي التي انطبعت لدى الإسبان وغيرهم وشكلتها الحكومات المتعاقبة في المغرب من خلال المناخ العام الذي أفرزته بعلمانيتها الطليقة وحداثتها المكذوبة المعطوبة وغياب مخطط تنموي بنائي مبدع وهي التي يكرسها تيار الفجور السياسي في هذا البلد الذي يصنع ثروته بفضل الكائنات المتعهرة التي شاعت فيها الفاحشة. هل صورة المغربي الذي يظهر في وسائل الإعلام تستحق الإحترام ؟ فهو تارة تافه شغوف بالإسفاف وتارة مقدم رديء للبرامج أو مثقف يتلعثم ولا يحسن التخاطب هذا ناهيك عن النموذج الذي يقدمه الإعلام الطليق على الأنترنت المتشوف للإباحية والتمرد على الذات ! إن الإنسان المغربي ليس مميزا ولا فريدا بل هو مثال رديء للإنسان في واقع مابعد الحداثة – من الناحية الأخلاقية فقط – هو إنسان كالإنسان الحديث عموما متحرر من المعايير المطلقة للمجتمع التقليدي بتعبير "هوركهايمر" أي إنسان تمت تنقيته من كل المبادئ - بما فيها المبادئ الإسلامية - باسثناء مبدأ السعادة واللذة وتم تفريغه من كل المقاصد إلا مقصد حفظ النفس،ولم تعد له أية مقدرة على تجاوز الظروف المحيطة به. هذه صورة يدركها الآخر عنا ، وأعتقد أنها لا تستوجب الإحترام..أعتقد أن الإسبان يحترمون الثيران على المغاربة لأن الثيران تواجه إلى آخر رمق بمجرد أن يدخل الهمجي البربري الإسباني إلى ما تعتبره مكانا لها ، بينما المغاربة كلهم على السواء لا قدرة على التجاوز والمواجهة واسترداد أرض كانت لهم حقيقة لا على وجه الإعتبار كما عند الثيران ! لا ينتظرن أحد من الحكومة حركة واحدة أو همسة تتعدى الشجب والتنديد حتى من الفراش الموطأ الوثير، لأن الحكومة التي تخلت عن أراضيها لصالح المحتل وتتعامل معه بما لا تتعامل به مع الأشقاء لن يكون تخليها عن أفراد من الشعب يضطهدون ويضربون كما لو كانوا في فلسطين أمرا عجبا ! كما لا ينتظرن المغاربة أن تعطى لهم قيمة من حكومة غريبة كالحكومة الإسبانية وهم الذين احتقروا من حكوماتهم كما تجليه جل الفروع التنفيذية والمرافق العمومية والإجراءات البيروقراطية التي أخضعت الإنسان وبذرت فيه الخنوع والخضوع. [email protected] http://elmeskaouy.maktoobblog.com face book: hafid elmeskaouy