الباحث في الحركات الإسلامية في حديث خاص مع إيلاف محمد ظريف: "العدالة والتنمية" ضحية تضخيم إعلامي يقدم الباحث في الحركات الإسلامية محمد ظريف قراءة في نتائج الأحزاب المغربية ذات التوجه الإسلامي، ويعتبرها عادية ويصف حزب "العدالة والتنمية" بالعادي. كما يتحدث عن التراجع الكبير للأحزاب اليسارية وخاصة حزب "الاتحاد الاشتراكي"، ويتطرق إلى مدى تأثير مشاركة جماعة "العدل والإحسان" الأصولية في الانتخابات التشريعية. "" كيف وجدتنتائج الأحزاب ذات التوجه الإسلامي "العدالة والتنمية" و"الفضيلة" و"البديل الحضاري"؟ يجب الإشارة في البداية إلى أن التركيز كان على حزب "العدالة والتنمية" في هذه العينة من الأحزاب، أما حزب "الفضيلة" فقد قيل إنه قد يستقطب أسماء من "العدالة والتنمية"، ورغم مرجعيته الإسلامية، إلا أن زعيمه الخليدي لم يكن وافدا من حركة التوحيد والإصلاح. هناك حزبان شاركا في الانتخابات التشريعية انبثقا من الحركة الإسلامية "العدالة والتنمية" و"الحضاري". حزب "العدالة والتنمية" راكم تجربة منذ أول مشاركة له في انتخابات 14 نوفمبر 1997 باسم الحركة الشعبية الديمقراطية لعبد الكريم الخطيبو في 27 سبتمبر 2002 دخل الانتخابات باسم "العدالة والتنمية" وحل ثالثا في انتخابات 2002 ب38 مقعدا. هل يمكن اعتباره خاسرا في هذه الانتخابات؟ لقد فاز بمقعدين إضافيين في هذه الانتخابات. لكنه شارك في غالبية الدوائر عكس مشاركته في 2002 التي اقتصرت على 56 دائرة؟ لا يمكن أن نعتبر الحزب خاسرا، فالخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو حزب "الاتحاد الاشتراكي". ما يمكن أن نقوله هو أن "العدالة والتنمية" أخفقت في تحقيق التوقعات التي كانت تراهن عليها في احتلال الرتبة الأولى والفوز ب70 مقعدا. إذن الحزب لم يكن بإمكانه أن يفوز أكثر من المقاعد التي حصل عليها؟ لقد كان الحزب ضحية التضخيم الإعلامي، وقدم بأنه حزب قادر على اكتساح مقاعد كثيرة، في حين أن تلك التوقعات لا تعكس قوة آلته الانتخابية، هذه النتيجة تؤكد أنه حزب عادي. لقد قدمت قراءات خاطئة عن حجم الحزب. إذا ما حللنا نتائج الحزب في 2002 سيتضح أنه فاز في 38 دائرة من أصل 56 دائرة. إن الربط الميكانيكي (إذا ترشح في كل الدوائر سيضاعف عدد مقاعده) الذي تحدث عنه البعض خاطئ. الحزب كان ضحية التضخيم الإعلامي وعدم الإدراك الحقيقي للآلة الانتخابية للأحزاب الأخرى من قبل قياديي الحزب. لا تكفي الشعبية للحصول على مقاعد في البرلمان، بل التجربة أساسية، تجربة راكمتها أحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الحركة الشعبية" و"حزب الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي". كما أن الحزب كان ضحية استطلاعات الرأي وضحية القراءة الخاطئة لنتائج 2002. هل استفاد "العدالة والتنمية" من ارتفاع نسبة المقاطعين للانتخابات؟ نسبة مرتفعة من الامتناع لا يمكن أن تستفيد منه إلا الأحزاب ذات القواعد المنضبطة، فأكثر ضحية للامتناع هو "الاتحاد الاشتراكي"، أما "العدالة والتنمية" فله قواعده المنضبطة. لو شاركت جماعة "العدل والإحسان" هل كانت ستغير شيئا في انتخابات 2007؟ لقد أفرغت هذه الانتخابات من مضمونها. كيف؟ تنظيم انتخابات من أجل اختيار نخب جديدة، كان استفتاء يهدف إلى تسجيل نسبة كبيرة من المشاركة. التصويت المكثف كان يعني أن الدولة نجحت في خلق مصالحة بين المواطن وبين العمل السياسي، وكان يعني كذلك، مباركة لمسلسل سياسي بدأ منذ سنوات. موقف المقاطعة كان سيخلق ضررا لو أن نسبة المشاركة كانت مرتفعة. نسبة الامتناع بلغت 67 في المئة. لو شاركت جماعة "العدل والإحسان" لاستطاعت تعبئة نسبة كبيرة من المصوتين، اليازغي قال في حوار مع "أوجوردوي لوماروك" إنها قوة وازنة. قدرة الجماعة التعبيئية تفوق قدرة العدالة والتنمية، لديها مجموعة من البنيات تسهل تحريكها عند الحاجة. لو سمح للدائرة السياسية للجماعة أن تشارك في الانتخابات لاستطاع أن ينبي آلة انتخابية في وقت وجيز. هل هذه النسبة الضعيفة من المشاركة في التصويت موقف سياسي، فرغم دعوة الملك لم يصوت المغاربة بكثافة؟ لا أعتقد أن نداء موجها إلى الشعب للمشاركة في الانتخابات من أعلى سلطة في البلاد سيغير المواقف بسرعة. تراكمات سنوات من المشاركة شكلت ثقافة سياسية لا تثق بما يقال في خطاب رسمي. كنا نترقب مشاركة مكثفة في الانتخابات، فإذا بنا نصدم بالحضور المكثف للمال، فلماذا لم يستجب مستعملو المال الحرام للنداء الملكي؟. إن نسبة كبيرة من المقاطعين، في نظري، فعلوا ذلك، لأنهم لا يرون فائدة في البرلمان، فالكل يبحث عن النجاعة والفعالية، ويرون هذا في الملك، هناك نخبة تقول "الملك يشتغل والبرلمان لا فائدة منه". المقاطعة موجهة ضد الأحزاب وضد الحكومة، هذه الفئات تنتقد الأحزاب وتشيد بالملك. "الاكتساح الإسلامي" لن يحدث إذن في المغرب؟ من تحدث عن الاكتساح لا يدرك طبيعة المغاربة ولا يفقه في الثقافة السياسية، لنتأمل ما حدث في دائرة الرحامنة، كان التصويت مكثفا، ولأول مرة تفوز لائحة بكل المقاعد، رغم أن هناك مؤشرات تقول إن الهمة أبعد، الناس هناك اعتبروه مرشح الملك، فالامتناع إذن لم يكن ضد الملك. كما أننا لسنا تركيا البلد العلماني حتى يحدث الاكتساح، فالإسلام دين الدولة والملك أمير المؤمنين، ثم إن المغرب معروف تاريخيا بغناه الثقافي والإثني وتنوعه الديني، وهذا الأمر ينعكس سياسيا من خلال العدد الكبير من الأحزاب. الكثير ينتقد التضخم في الأحزاب ويتناسى حقيقة أساسية هو أن التنوع السياسي يستجيب لحاجيات كثيرة. الآن يتوفر 23 حزبا على مقاعد في البرلمان.