توقع المتتبعون المغاربة على هامش اختتام أشغال المؤتمر الوطني السادس لحزب "العدالة والتنمية" "يمين معارض"، كل شيء إلا أن يكون المؤتمر حمالا للائحة من الخلاصات المقلقة تجاه الأحزاب السياسية ذات التوجه اليساري، وفي مقدمتها "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، بدءا بطبيعة أشغال المؤتمر، ونهاية بتقييم مراقبين وإعلاميين معروف عنهم شن حملات سياسية وإعلامية ضد الحزب الإسلامي، لكنهم لم يترددوا اليوم، للإعلان عن دروس ميدانية في الممارسة الديمقراطية، وجهها حزب "العدالة والتنمية"، لباقي الأحزاب السياسية. نبدأ مثلا بتزامن انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الإسلامي "نهاية الأسبوع الماضي" مع انعقاد المؤتمر الوطني ل"حزب النهج الديمقراطي"، فقبيل انعقاد مؤتمر "النهج"، صرح عبد الله الحريف الرجل الأول في الحزب بأن جديد المؤتمر هذه المرة، هو اختيار قيادة جديدة للحزب، وبعد يومين من التداول والتناوب في المؤتمرين، الإسلامي واليساري، خسر سعد الدين العثماني في سباق الحفاظ على منصب الأمين العام "للعدالة والتنمية"، مقابل صعود عبد الإله بنكيران، وبقى عبد الله الحريف أمينا عاما قديما جديدا للحزب اليساري. من جهة ثانية، وحتى تاريخ تحرير هذه الكلمات، لم يرسل ملك البلاد برقية تهنئة بعد انتهاء أشغال الجولة الأولى من المؤتمر الوطني السابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولكنه أرسلها مطلع هذا الأسبوع للقيادي عبد الإله بنكيران. وتبرز هذه المفارقة أزمة الأحزاب السياسية ذات التوجه اليساري، مقارنة مع أداء الأحزاب السياسية الإسلامية، وتزداد الصورة قتامة عندما نعلم أن "الاتحاد الاشتراكي" تأسس في يناير 1975، ولم يعقد حتى الآن سوى سبعة مؤتمرات وطنية، إضافة إلى المؤتمر الوطني الثامن، المُعلق، في حين، تأسس حزب "العدالة والتنمية" رسميا "بعد إدماجه من طرف السلطة في حزب الخطيب، "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية""سنة 1996"، وعقد حتى الآن مؤتمره الوطني السادس. وأخيرا، ورغم التوجه المصيري نحو "نهاية الدعوة وبداية السياسة" الذي يتجه إليه أداء الحزب الإسلامي الأبرز، وأحد أهم الأحزاب السياسية في مغرب "العهد الجديد"، فإن أهم دروس المؤتمر الأخير تصب في اعتبار نتائج المؤتمر مكسبا سياسيا للجميع: الحزب والدولة والمغرب. مكسب سياسي للحزب باعتبار أنه قدم دروسا ميدانية علنية في حدود أدنى من الممارسة الديمقراطية، دون مزايدة على أحد، كما هو قائم مع العديد من الأحزاب الأخرى، ومكسب للدولة، لأنه أصبح أكثر اطمئنانا على مصير ومآل حزب يقوده إسلامي متشبث بشكل رسمي بمقدسات الوطن، ويرفض العنف، دون الحديث عن التطور النوعي الأهم، الذي أعلن عمليا منذ 1966، حيث الانتقال من "معارضة الدولة إلى معارضة العمل الحكومي"، ومكسب للمغرب، لأنه أصبح منذ سنين يقدم بعض "الدروس الميدانية" في طبيعة التعامل مع مختلف الفصائل الإسلامية الحركية. ""