عاد النقاش في الآونة الأخيرة حول الزواج المختلط بإيطاليا خصوصا بعد تصويت البرلمان الإيطالي على قانون تبسيط المساطر الإدارية والذي يضم من بين مقتضياته طلب إذن الزواج من المصالح الدبلوماسية الأجنبية بإيطاليا. والجدل المتداول منذ سنين في هذا البلد يخص وجوب اعتناق الإسلام من قبل الإيطالي للحصول على ترخيص بالزواج من مواطنة عربية ، فكان من أصبح مسلما عن قناعة ، إلا أن الأغلبية تبحث عن شتى الوسائل للحصول على هذا الترخيص دون تغيير لديانة أو المعتقدات، وذلك باعتناق الإسلام دون قناعة أي فقط شفويا و منهم من يشتري شهادة الإسلام من بعض الأئمة الذين يقدمون هذه الخدمة مقابل قدر من المال. وجهة نظري هي أنه لا يمكن أن نكذب على أنفسنا و نقول أن فلانة أدخلت إيطاليا للإسلام وأقنعته بهذه الديانة في ظرف وجيز وهو بضع أيام قبل الزواج، و لا يمكن أن يصبح الإسلام مجرد شهادة شفوية أو شهادة مكتوبة من قبل إمام ليس معترفا به من قبل أي سلطة حكومية أو دينية . لكن لا خيار في ذلك، فالمسلمة يجب أن تتزوج فقط المسلم، وهنا أطرح السؤال التالي: و إن كانت مغربية ، مصرية أو عربية عموما و ليست مسلمة بل ملحدة أو معتنقة لديانة أخرى، فكيف يمكنها أن تحصل على إذن الزواج من الهيئة الديبلوماسية؟ هل يجب في هذه الحالة أن يعتنق الزوج الإسلام للزواج بملحدة ؟ نحن كمسلمين نرحب بكل من دخل الإسلام و نفخر به ، لكن أيضا المسيحيون لا يرغبون فقدان عنصر واحد منهم ...! هذا يعني أن أهل الكتاب يمكنهم الزواج ببعضهم ، فالرجل المسلم يتزوج بالمسيحية ، لكن المسلمة لا يمكنها الزواج بالمسيحي ، و هذا في رأي الأجانب يعتبر "عدم المساواة بين الرجل و المرأة"، بالطبع لأنهم لا يعلمون بتفاصيل شؤون ديننا الإسلامي !. الدولة الإيطالية (وقولي سائر على كل الدول الغربية) لا يمكنها أن تتدخل أو تغير قوانين الدول العربية و الإسلامية، و لإيجاد حل لهذه القضية التي أصبحت أزمة اجتماعية بالنسبة لها خصوصا بعد تكاثر عدد المهاجرات أو المزدادات بإيطاليا دون حصولهن على الجنسية الإيطالية ، اتخذت الحكومة أساليب أخرى تتجلى في تبسيط المساطر الإدارية حتى تمكن مواطنيها من الزواج بأجنبيات، و المسطرة الجديدة التي تخصنا نحن العرب و هي إمكانية إقامة الزواج لدى البلدية الإيطالية بين إيطالي و عربية دون إذن من الهيئة الديبلوماسية إن تعذر الحصول عليه دون إجبار الزوج على اعتناق الإسلام ،أو استيفاء ثلاث أشهر على طلب الإذن وعدم الحصول عليه. هذا التبسيط سيحل مشاكل الزوج الإيطالي طبعا، لكن من جانب آخر فوطن الزوجة لن يعترف بزواجها و كذا الأبناء الناتجين عن هذه العلاقة مما سيخلق لا محالة للمرأة مشاكل عدة في وطنها الأصلي. ذهب المحللون و المفكرون للقول أنه كيف لحكومات سواء عربية أم غربية تتباهى بفصل الدين عن الدولة و القوانين الديمقراطية والحريات الشخصية و تربط شتى علاقات ثنائية فيما بينها ، لا تجد حلا لهذه الأزمة التي تجبر شخصا على الاختيار بين الزوج و الوطن؟