بعد 10 سنوات مرت على إقرار مدونة الأسرة، التي أخمدت توترا سياسيا غير مسبوق بين القوى الإسلامية والعلمانية على إثر طرح مشروع "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، تحدّث وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، عن المدونة ك"مشروع مجتمعي" استطاع التوفيق بين ثوابت الإسلام ومتغيرات المجتمع، مشددا على أن الموروث الثقافي للمغاربة حدّ من تنزيل عدد من مقتضيات القانون المنظم للأسرة. وأوضح الرميد، الذي كان يتحدث اليوم في موعد دراسي يحتفي في الرباط بعُشرية مدونة الأسرة، أنه ثمة معوقات مادية وبشرية وتنظيمية اعترضت تنزيل مقتضيات المدونة والقوانين المتصلة بها، على طول 10 سنوات من إعلان تنزيلها، ينضاف إليها الواقع الاجتماعي والاقتصادي والموروث الثقافي للمغاربة، "الذي حد من فعالية عدد كثير من المقتضيات والمستجدات التي أحدثتها نصوص مدونة الأسرة". وأقرّ الوزير بأنه، ورغم مرور 10 سنوات من صدور المدونة، التي أخمدت نيران الصراع السياسي والايدويولجي حينذاك قبل المصادقة على مشروعها أمام البرلمان بالإجماع وتسليمه للملك يوم 3 فبراير 2004، "إلا أنها لا زالت تشكل موضوعا خصبا للنقاش والتداول الحقوقي الذي لم تهدأ أبدا فورته"، مضيفا أن المرحلة الراهنة تقتضي "حوار هادف حول واقع القضاء الأسري، والوقوف على أهم المكاسب والتراكمات الإيجابية، ورصد مكامن الخلل في أدائه، وتبادل وجهات النظر من أجل تشخيص وتحديد الإشكالات المطروحة". الرميد الذي قدم حصيلة "إيجابية" للمدونة، قال إن القانون كان له الوقع "الإيجابي الكبير" على تطوير النظام القانوني للأسرة والمساهمة في إدماج المرأة، "وتكريس قيم العدل والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات وضمان استقرار الأسرة المغربية"، مشيرا أن المشروع المجتمعي جاء ل"يؤسس ثقافة أسرية جديدة استطاعت من خلاله التوفيق المرن بين ثوابت الشريعة الإسلامية والمتغيرات الاجتماعية التي عرفها المغرب، في انسجام مع مبادئ الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب". وقدم وزير العدل والحريات مؤشرات قال إنها تثبت "نجاح" المشروع، من قبيل "استقرار" زواج الشباب دون سن الأهلية في رسوم الزواج، (7,75% سنة 2004 و 11,47% سنة 2013)، واستقرار أيضا في نسبة التعدد (أكبر نسبة سنة 2004 و2011 بما قدره 0,34% من مجموع عقود الزواج وأدنى نسبة بلغت 0,26% خلال سنة 2012 و2013). وسجل "الصلح" نسبة مرتفعة داخل الأسر، حسب إحصاءات قدمها الرميد، إذ تجاوزت الحالات 18 ألف و300 حالة صلح، في المحاكم خلال 2013، في مقابل أن حالة انحلال ميثاق الزوجية بالطلاق، عرفت "نوعا من الاستقرار"، وفق تعبير الوزير، "تراوحت حالاته بين أدنى معدل سجل خلال سنة 2010 بمجموع بلغ 22.452 رسما وأعلى معدل سجل خلال سنة 2005 بمجموع بلغ 29.668 رسم طلاق"، مع تسجيل ارتفاع في حالات "التطليق" اليت بلغت 40 ألف و850 حالة العام الماضي مقابل 7213 حكما سجل عام 2004.