"إن وجود عالم آخر إلى جانب عالم الطبيعة،هو المصدر الأساسي لكل دين وفن. فإذا لم يكن هنالك سوى عالم واحد لكان الفن مستحيلا .و في الحقيقة سنجد في كل عمل فني إيحاء ما إلى عالم لا ننتمي إليه و لم نخرج منه.و الفن ذكريات أو توق إلى الماضي،إلى ذلك العالم الآخر" علي عزت بيكوفيتش،الإسلام بين الشرق و الغرب،ص139. إذا كانت الماهية ما يكون به الشئ هو هو،و حقيقة كل محدود في حده،و كل حد متحدد بجنسه و فصله،فإن القول الذي يرى في العقل ماهية الإنسان الذي يفصله عن باقي الموجودات الطبيعية،يحتاج إلى مراجعة،ذلك أن المعقولية قد تصدر من غير الإنسان،بل في أغلب الحالات يكون الحيوان بفطرته و طبيعته أقرب للعقلانية من الإنسان،فالحس مثلا لم يشهد يوما بتعريض الحيوان لنفسه إلى الخطر،بينما يصر الإنسان على إهلاك نفسه،لعوارض نفسانية أو نوازع دينية منحرفة،أو لقناعات فلسفية حمقاء ،و غباوة و حماقة الإنسان لا تقتصر على إهلاك نفسه،بل قد يحمله غروره و عجرفته،التي تتمثل في بسط السيطرة و الهيمنة،على إهلاك الحرث و النسل،تحت مسميات جوفاء المضمون براقة المظهر. إن ما يفصل الإنسان عن باقي الكائنات و الموجودات الطبيعية غير العقل حتما،بل الروح هي الفيصل بين الإنسان و ما سواه من الموجودات،فتلك الروح الإلهية تشكل الجزء الأسمى و الأرقى في الإنسان،و من أجلها استحق آدم سجود الملائكة.و تشابه الإنسان و الحيوان هو من اشتراكهم في النوازع الجسدية،لذلك فكلاهما في حاجة إلى إشباع نزواتهم الشهوانية من طعام و شراب و نكاح،بينما ما يرفع الإنسان عن درك البهيمية إلى شرف الآدمية تلك الروح الخالدة التي تسري فيه،لذلك تميز الإنسان بأشياء يقوم بها لا نجدها في عالم الحيوان،و هذه الأشياء هي ما يشبع حاجياته الروحية،يتعلق الأمر بالدين و الفن،فعلى مر التاريخ اقترن الدين بالجمال و الفن من أجل أنهما معا متفرعان عن حياة الروح و وجودها،و لم يخل مجتمع من معابد أو مظاهر ذات طابع ديني،يقول مؤرخ إغريقي "لقد وجدت في التاريخ مدناً بلا حصون، ومدناً بلا قصور.. ومدناً بلا مدارس.. ولكن لم توجد أبداً مدن بلا معابد"،و الدين ساهم بقوة في الإنتاج الفني،بل إن النزعات الدينية هي الحاملة للإنسان على التفنن و الإبداع و التعالي عن دنيا المحسوسات إلى المجردات الميتافيزيقة التي تشكل معينا منضبا للخيال و الإبداع.و إذا كان الأمر كذلك سهل علينا إدراك السر من وراء اتخاذ المعابد قديما مسارح للتمثيل،بل إنها المسارح الأولى على الإطلاق،و ندرك كيف فتق الحس الديني المواهب الفنية،فالدراما الإغريقية انبثقت من أغاني الكورال في تكريم الإله،و كان الهنود الحمر خلال احتفالاتهم الدينية يرسمون خطوطا ملونة في الرمال،و قد نشر حديثا "جابرييل زايدا" – كما يقول علي عزت بيكوفيتش - "مختارات من أشعار هنود المكسيك،يقول في مقدمتها،إن الصفة المشتركة العامة للشعر عند هنود المكسيك هو رمزية الحياة الخالدة و العلاقة مع الطوطم"،و الطوطامية دين اشتهر رائد علم الاجتماع "دوركهايم" بدراسته،و حتى لا نغرق في تقديم الأمثلة التي تصب في هذا المنحى،نجمل القول في كون الفن بكل أشكاله و مظاهره من غناء و رسم و مسرح له جذور دينية،و في الإسلام فرقة جمعت بين الفن و العبادة،فكان الفن عندهم مكونا من مكونات الدين،و هذا ما نجده في طقوس الصوفية،الذين عرفوا بتعبدهم و تقربهم إلى الله بالرقص و الغناء،و هذا التشابك بين ما هو ديني و فني يرجع إلى وحدة الأصل،أقصد أن الشعور بضرورة الدين و الفن يستفزه و يهيجه الروح،لذلك كان بديهيا أن يختلج الإنسان المبدع مشاعر متناقضة،هما العبث و الغائية،فالفن عبث بالنسبة للجزء الفاني في الإنسان،أقصد الجسد،فأي معنى أن يقف الرسام أمام لوحة ساعات،إن ذلك لا يجلب للجسد إلا العناء و التعب،بينما هذا الإبداع الفني يتذوقه الروح،و يستمتع به بعد إلغاء الذات و التخلص منها،فالفن غاية (= كمال) الروح،و معيار تقاس به إنسانية الإنسان،و قد يشهد الحس بهذا التناقض الشعوري،فكثيرا ما نشعر بالتعب و الوهن عند قيامنا بفعل ما،لكن ما أن نتذكر قيمة من القيم نتعالى بأنفسنا و نستعذب ما نلاقيه في سبيل غايتنا،هنا يطغى الجانب الروحي على الماديات،لذلك نجد "وستلر" يضفي الصبغة الروحية على الفن،فيرى ضرورة "أن يجرد الرسم من أي اهتمام خارجي"،إنها دعوة صريحة إلى لقاء ميتافيزيقي بين الروح و عالم آخر غير عالمنا المرئي الملموس. و الكلام عن علاقة الفن بالدين يطول كثيرا،و هو موضوع تستعذبه النفس،لأنهما معا قاسمان مشتركان بين الناس الأسوياء،و لأنهما يتفرعان عن زمن الإنسان الذي ينتهي بانتهائه،و زمن الإنسان هو الروح،لأنه الجزء الأبدي الذي يأبي الفناء.و ما يعتقده البعض بسطحية و سذاجة من تناقض الدين و الفن،إنما هو صادر عن جهل،حسبنا لتلمس الجهل المدقع لهؤلاء،أن نقرأ تشبيههم المتعسف للفن بالحرية و الدين بالمطلق،إن هذا الكلام عامي أشبه بكلام الدهماء و الغوغاء،و ينم عن قصور و خلل في النظر و فقر في المعرفة،فالفن دائما أبدا مقترن بالجمال،فهو إذن مقيد به،بل إن نسبة الفن للجمال هو تحصيل لحاصل،و الجمال كفرع من فروع الأكسيولوجيا شقيق الأخلاق كما يقول الأديب الروسي بلنسكي،و قد عبر على ذلك بقوله "إن الجمال شقيق الأخلاق،فإذا كان عمل فني ما فنيا حقيقة فهو أخلاقي بنفس المعنى..فإن الصور الفنية الإيجابية التي تعكس حياة الناس و نبلها و جمالها تفرض الاحترام و الحب و الاعجاب المخلص،و تعطى أنماط الأبطال الحقيقين في الحياة للقارئ و المتفرج متعة و بهجة جماليتين.أما الصور السلبية،فإنها تثير مشاعر الاستنكار الأخلاقي و الاحتقار التي ترتبط ارتباطا و ثيقا في طابعها بمشاعر الازدراء و الاحتقار التي نحسها عندما ندرك ما هو قبيح و دنئ." ويجدر بنا هنا أن نذكر لتأكيد الارتباط الوثيق بين الفن و الدين،و وحدة أصلهما،غياب الحس الفني و الإبداع في "الدولة الملحدة"،ففي الاتحاد السوفييتي عانى الشعب من غطرسة الحكام الاشتراكيين المستبدين،و صادروا حق المواطن السوفييتي في الإبداع و الإنتاج الفني،و يحكى في هذا الصدد أن "ستالين" تحت يافطة "الواقعية الاشتراكية" كان يشدد رقابته على ميادين الثقافة ،فيفرض عليهم مشاهدة الأفلام قبل نشرها للجميع،فكانت النتيجة الهبوط و الانحدار الفني و تجهم الإبداع،و الغياب شبه المطلق –إلا ما كان خلف الستائر- للقدرة التعبيرية على ما يختلج الإنسان من مكنونات داخلية بطرق إبداعية من نغمة و لوحة و مسرح... وكما يغيب الفن تحت أديم الدولة الملحدة،فإن الشئ نفسه نجده عند الحداثيين رغم تبجحهم بالفن،و ادعائهم خدمته،فهم من حيث لا يشعرون يسيؤون إلى قيمة الفن. إن الحداثي عندما يعرض صورة امرأة عارية أو مشهدا مخلا بالحياء تحت يافطة الفن،و يجبر الآخر على تقبلها تحت يافطة الفن دائما،فإنه بذلك يشنق الفن و يعلن انتهاء زمانه،ذلك أن الفن مخاطب للروح،فهو منها و لها،بينما يروج الحداثيون لما يحرك شهوات الجسد،و غرائزهم الحيوانية،و هذا حتما ليس بفن،و في إطلاقهم للفن على ما ينتجونه و يروجونه تعسف و شطط،لذا فليبحثوا عن اسم آخر لما يروجونه باسم الفن. لننتقل الآن لنتساءل عن موقع الفن في الدين الإسلامي،هل الإسلام يحرم البسمة على الشفاه و يجرم إدخال السرور على المسلم بوساطة نغمات الموسيقى أو غيرها من الفنون الجميلة التي يجد فيها راحته و ضالته،هل الغناء في الإسلام من اللهو الباطل؟ أم أنه من الزينة و الفسحة التي أباحها الشارع و لم يحظرها على المسلم؟ الدين الإسلامي دين الفطرة،يبيح ما يوافق الفطرة السوية،و يحظر ما قد يشوه الصورة الأولى التي خلق الله الناس عليها.و الإنسان في الإسلام مطالب بالتشبه ما أمكن بصفات الله تعالى،فكما أن الله خلق آدم على صورته،فهو مطالب كذلك أن يكون جميلا كما أن الله تعالى جميل، قال رسول الله (ص) : "إن الله جميل يحب الجمال"،و امتلاك الحس الجمالي و تذوق الجمال يتطلب تربية،لهذا كان القرآن الكريم في حد ذاته معجزة جمالية،لما فيه من جمال العبارة و حسن البيان و روعة النظم،حتى سماه أعداؤه ب "السحر"، لتأثيره على المسامع و استحواذه عليها،طبعا لمن كان عارفا بلغة الضاد،لا لمن يدأب على شرحه بالدارجة،هذا فضلا على أن القرآن دعا إلى تلمس جمال الكون و اعتبر ذلك آية من آياته، هكذا يصير الجمال و تذوقه و استشعاره في الطبيعة آية من آيات الله التي تدل على وجوده سبحانه و تعالى،يقول جل شأنه " انظرواُ إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثُمَرَ"، و يقول عز و جل " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ " و الآيات التي توقظ الحس للنظر إلى ما أودعه الله في الوجود من آيات جمالية كثيرة جدا. إن النبي صلى الله عليه و سلم كان تطبيقا عمليا و نموذجا أمثل في رهافة الحس و حب الجمال،و السنة النبوية مليئة بما يثبت الذوق الرفيع لنبينا صلى الله عليه و سلم،و قد اعترض مرارا و تكرارا على الصحابة الذين تجهموا الفن،و نفروا المسلمين منه،و قد كان هذا موقف أئمة المسلمين.و سنعرض الآن لمسألة في منتهى الأهمية،لها ارتباط بموضوعنا "الدين و الفن"،و هي حكم الغناء و الموسيقى في الإسلام،و سنرجئ الحديث عن باقي الفنون الجميلة كالتصوير و التمثيل.. الغناء و الموسيقى في الإسلام إن الاختلاف حول حكم الغناء و الموسيقى في الإسلام،مسألة شائكة قديمة حديثة،و هو في حقيقته اختلاف موهوم،ذلك أن حكم المعازف في الإسلام واضح كما سنرى بالأدلة الصريحة من السنة النبوية قولا و تقريرا. إن الغناء مثله مثل الشعر،حسنه حسن و قبيحه قبيح،و عمر بين الخطاب رضي الله عنه،لما جاءه من يشتكي مِن رجل يتغنى بعد الصلاة،لم يتخذ منه حكما،بل سار عنده و سأله عن "غنائه"،فقال مخاطبا له " إن كان حسنا قلناه معك،و إن كان قبيحا نهيتك عنه"،من هنا يتبين أن الغناء المروج في زماننا محرم لا خلاف فيه،لما فيه من فسق و مجون و إغراء للوقوع في الفواحش،ما يعني كذلك أن حضور المهرجانات التي يستضاف فيها هؤلاء المغنيون محرم لا خلاف فيه،و الواجب على المرء حفظا لمروءته أن يجتنبها و يحظر أهله من حضورها. لكن قد يتساءل المسلم عن سر حظر البعض للموسيقى،هل لمجرد جفاء نفوسهم ،أي لعوامل نفسية بحتة،أم لورود أدلة تحظر الغناء و الموسيقى؟ القاعدة الفقهية المشهورة تقول أن "الأصل في الأشياء الإباحة"،أي إذا لم يرد نص في تحريم شئ ما فإنه مباح،بدليل قوله صلى الله عليه و سلم "وما سكت عنه عفو"،و النصوص التي وردت في تحريم المعازف لا يصح منها شئ كما حقق ذلك كبار المحققين العارفين بصناعة الحديث،و منهم المفكر الظاهري الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله،فهذا الأخير فقيه ظاهري بضاعته النص من غير توظيف لقياس و لا استحسان،ثم إنه بارع في تحقيق نصوص الحديث،و عارف بأحوال الرجال من الجرح و التعديل،و هو ما جعل الكثير من المحدثين الموضوعيين يتبعونه في تضعيفه للأحاديث الواردة في تحريم المعازف كابن حجر و الذهبي،يقول ابن حزم بعد قراءته النقدية للرواية الواردة في تحريم الغناء و تمحيصها "و كل هذا –أي الأحاديث- لا يصح منه شئ،و هي موضوعة"،و انتقد أبو الفضل ابن طاهر من يرى حرمة الغناء استنادا على أي حديث دون التثبت من صحته،حيث يقول : " هذه الأحاديث و أمثالها احتج بها من أنكر السماع جهلا منهم بصناعة علم الحديث و معرفته،فترى الواحد منهم إذا رأى حديثا مكتوبا في كتاب جعله لنفسه مذهبا،و احتج به على مخالفيه،و هذا غلط عظيم،بل جهل جسيم".أما الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه "ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف" فصحيح غير صريح،و هو شاذ بهذا اللفظ،مشهور بصيغ أخرى منها قوله (ص) : " يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها(= تسمى في عصرنا بالمشروبات الروحية)،تضرب على رؤوسهم المعازف و القينات يخسف الله بهم الأرض"،و قوله (ص) "يمسخ قوم من أمتي في آخر الزمان قردة و خنازير،قالوا يا رسول الله يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله،قال نعم و يصلون و يصومون و يحجون! قالوا فما با لهم يا رسول الله؟ قال : اتخذوا المعازف و الدفوف و يشربون هذه الأشربة.."،فالظاهر من هذه الروايات أن المعازف تصير حراما عند اقترانها بشرب الخمر و الزنا،أما إذا كانت أداة للترفيه و الترويح المباح فلا شئ في ذلك،و الواقع يشهد بصحة ما قال (ص)،فالمشهد الذي صوره عليه الصلاة و السلام هو عين ما يحدث الآن في المراقص الليلية و الملاهي و "الديسكو"،و هذه المحلات لا شك في حرمة ولوجها،لما فيها من منكرات و فواحش،كالاختلاط بين الجنسين و شرب الخمور المذهبة للعقل و لبس الرجال للحرير.. أما استشهادهم بما رواه نافع " أن ابن عمر سمع مزمارا فوضع أصبعيه في أذنيه و نأى عن الطريق،و قال : يا نافع تسمع شيئا؟ قال : لا،فرفع أصبعيه و قال : كنت مع رسول الله (ص) فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا". فالحديث حجة عليهم،فالنبي (ص) بُعِث آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر،و لو كان سماع صوت المزمار محرما لما أقر ابن عمر عليه،فحاشاه عليه السلام أن يقر صحابيا على معصية،و عدم سماعه للمزمار هنا من زهده في الكثير من المباحات.و ثمة روايات أخرى يعترض فيها النبي على إنكار بعض الصحابة على من يستمع للدفوف و المعازف،فعن عائشة رضي الله عنها قالت " دخل رسول الله و عندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث،فاضطجع على الفراش و حول الوجه،فدخل أبو بكر فانتهرني و قال : مزمار الشيطان عند رسول الله،فأقبل عليه فقال : دعهما". ففي هذا الحديث دلالة على جواز الغناء،و استشهادهم بقول عائشة "فحول وجهه" لا حجة لهم فيها،إذ أن السماع يكون بالأذن لا بالوجه،و هذا من التكلف المبالغ فيه الذي يخرج به صاحبه عن الموضوعية و طلب الحق.و عن عائشة أيضا "كان يوم عيد،يلعب السودان –الحبشة- بالدرق و الحراب في المسجد،فإما سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم و إما قال : تشتهين تنظرين؟ فقلت : نعم.فأقامني وراءه،خدي على خده،يسترني بثوبه،و أنا أنظر إلى الحبشة يلعبون.فزجرهم عمر فقال النبي : " أمنا بني أرفدة...دونكم بني أرفدة(أرفدة : أشهر أجداد الحبشة) " حتى إذا مللت،قال : "حسبك؟". قلت نعم،قال "فاذهبي"،فهذا الحديث فيه جواز اللعب المصحوب بالغناء و التمثيل كما كان يفعل الحبشة،و اجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه خاطئ كما هو بين من اعتراض النبي صلى الله عليه وصلم "دونكم بني أرفدة" و في هذه العبارة إغراء على متابعة أنشطتهم الفنية. فهذه أمثلة من السنة العملية على إباحة المعازف و الغناء "الملتزم"،الذي فيه تسلية للإنسان و ترويح للنفس،أما الغناء الذي يهيج الشهوات و يشجع على الوقوع في المحرمات فمحظور مرفوض. من هنا يتبين عمق الرؤية الإسلامية للفن كغذاء للروح،لا كمحرك لنزوات الجسد،فالدين و الفن نابعان من مشكاة واحدة،غايتهما السمو بالروح الإنسانية لتحقيق كمالها،فيصير الجسد تبعا لها في الاستقامة و الالتزام،و يحدث التوازن بين الروحي و الجسدي.و لنختم بهذه الكلمة الرائعة لحجة الإسلام أبو حامد الغزالي صاحب الذوق الرفيع و الفكر المتنور،يقول "و من لم يحركه الربيع و أزهاره و العود و أوتاره،فهو فاسد المزاج،ليس له علاج،و من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال،بعيد عن الروحانية،زائد في غلظ الطبع" www.adiltahiri.maktoobblog.com