راجت في الصحافة في أواسط شهر ماي 2014 أخبار تتلخص في ثلاثة مستجدات خطيرة جدا، أولها فضيحة تصنيف المغرب من طرف منظمة Sunlight foundation (هي منظمة أمريكية غير حكومية متخصصة في مراقبة تأثير المال على السياسات التي يقررها الكونكريس الأمريكي وغيره من مؤسسات الدولة) في الدرجة العاشرة عالميا من حيث الإنفاق على اللوبيات الأمريكية التي تزين صورة المخزن المغربي في الولاياتالمتحدة، تحت غطاء الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي بالصحراء، وحصر مهمة المينورسو في مراقبة وقف إطلاق النار، علما بأن صرف الأموال على اللوبيات الخارجية لايخضع لمحاسبة المجلس الأعلى للحسابات الذي لم يسبق له أن افتحص أموال وزارة الخارجية ولا سفارات المغرب بالخارج، ولا تخضع لقوانين الصفقات العمومية الجاري بها العمل داخل المغرب، وهي فضيحة مالية جديدة تتطلب تعيين لجنة لتقصي الحقائق لوكان الشعب يتوفر على مؤسسات تقدر على تقصي الحقائق.. والثاني صدور مقال عن جريدة نيويورك تايمز نشرت جل الصحف المغربية مقتطفات منه، يفيد بأن الولاياتالمتحدة ستشرع في إنجاز دراسات عن المغرب تشمل جوانب اللغة والثقافة والحياة السياسية والأحزاب والثروات الطبيعية، وتشمل أجهزة الحكم، وبصفة عامة تجديد معلومات الجغرافية البشرية الأمريكية حول المغرب، وهي دراسة تشبه الدراسات الميدانية التي قام بها الفرنسيون تمهيدا لاستعمار المغرب سنة1912، ولمعرفة أهمية هذه المستجدات، نتساءل: هل ستؤثر لوبيات الدعاية التي يؤدي المغرب ثمنها الذي وصل حسب الأخبار الرائجة أربعة ملايين دولار أمريكي سنة2013 على الشعب الأمريكي ومؤسسات الدولة بعد أن تنجز الولاياتالمتحدة دراساتها الخاصة عن المغرب بواسطة التكنولوجيا الحديثة من أقمار صناعية ووسائل البحث الميداني التي لم تكن تتوفر عليها فرنسا واسبانيا أثناء استعمار المغرب؟ ولاشك أن تلك الدولة الأمريكية كانت تتلقى المعلومات السياسية والاقتصادية من شركات الدعاية التي يشتري المغرب خدماتها الدعائية، كما تتلقاها من مختلف الأوساط المخزنية التي تتعامل معها، وأيضا من دراسات الخبراء الفرنسيين الذين يتوفرون على جميع المعلومات عن المغرب بسبب مساهمة فرنسا بحظ وافر في بناء الدولة المخزنية الحالية، وثالثها إعلان المندوبية السامية للإحصاء عن عزمها على إنجاز الإحصاء العام للسكان بالمغرب خلال سنة2014، ومشكلة الإحصاء العام للسكان كما ثبت من التجربة الماضية سنة2004 هي أن نتائج الإحصاء لاتنشر تلقائيا وإنما تعرض أولا على الملك، ثم تنشر بظهير، وبعض النتائج تبقى سرا لا يتم نشرها مثل التنوع السكاني(عرب- امازيغ)، وعدد المتدينين بالديانة المسيحية، واللائكيين .. والإحصاءات المتعلقة باستغلال الثروات الطبيعية مثل المعادن والشواطئ والمياه والغابات، وانتزاع الأراضي، وثروات ذوي النفوذ والسلطة..ولاشك أيضا أن البانتاكون Pentagone يتوفر على معلومات يجمعها الخبراء العسكريون من المغرب تحت غطاء العمل الدبلوماسي والتعاون بين البلدين، ولكن تلك المعلومات تبقى ضمن الأسرار الدبلوماسية والعسكرية، ولا تصل الى الجمهور ولا إلى السياسيين، ويدل على ذلك ما نشره موقع ويكيليكس من وثائق وأسرار عن المغرب، ولكن المعلومات هذه المرة ستنجزها الدولة الأمريكية علانية، وستخضع للنشر، وعندئذ سوف تبخس أية معلومات دعائية كاذبة عن الحياة السياسية والاقتصادية والنظام الحزبي ونتائج الانتخابات المفبركة بالمغرب...ومن المنتظر أن تسفر نتائج الدراسات الأمريكية عن تناقضات بين ما تقوله الجغرافية البشرية التي يدرسها المغاربة وهي في الغالب تعتمد على الثقافة الفرنسية، وما ستعلنه الولاياتالمتحدة.. وكانت الولاياتالمتحدة والأجانب بصفة عامة يسمعون ويقرأون التقرير السنوي المعتاد الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية كل سنة، والتقارير التي تصدرها بعض الجمعيات العالمية مثل HUMAN RIGHT WACHومنظمة العفو الدولية، ولكن المستجد هو أن الولاياتالمتحدة ستتجاوز مجرد التقارير الدورية السنوية الى مستوى الدراسات الميدانية بطرق علمية تستخدم الأقمار الصناعية، وهو تغيير منهجي سوف يؤثر على المعرفة العلمية عن المغرب في جميع أنحاء العالم. وكيف ستكون عواقب فضح صرف هذا المبلغ من المال المغربي على اللوبيات في فترة وجود سعد الدين العثماني كوزير للخارجية المغربية في حكومة تدعي انها تحارب الفساد؟ أو أن هناك جهات أخرى غير وزارة الخارجية قامت بهذه المهمة خارج نطاق الحكومة؟ وكيف اختار صاحب "الشكارة" المغربي اللوبيات التي تعامل معها من بين حوالي 3000آلاف لوبي تتوفر عليها الولاياتالمتحدة؟ وما هو المبلغ الذي ستنشره المنظمة الأمريكية عن سنة2014 وما سيأتي بعدها؟ وإذا كانت منظمة Sunlight قد فضحت اللوبيات المؤثرة على السياسة في دولة الولاياتالمتحدة فما هو الشأن مع اللوبيات الفرنسية والروسية والصينية وغيرها ما دام أن فقراء المغرب كتب عليهم أن تصرف أموالهم على "اللوبيات" الأجنبية،كما كتب عليهم أن يسمعوا مفسري السياسة المخزنية ومراكز الدراسات المأجورين يجعلون تمويل اللوبيات الأجنبية مبررا بالمنافسة مع الجزائر في سوق شراء العملاء الأجانب، ويسمون شراء اللوبيات من طرف الجزائر "رشوة" وفي المغرب "دفاعا عن الوحدة الترابية" هذه اسئلة تهدف الى لفت أنظار الناس الى موضوع صرف الأموال العامة المغربية بالخارج بطرق يجب أن تخضع للرقابة الشعبية.