بإصدار مجلس الأمن للقرار 1920 يكون آخر مسمار قد دق في نعش البوليساريو ، وفي نعش مسانديهم ومريديهم . ذلك أن المجلس الذي صوت بالإجماع على هذا القرار ، رغم التناقض الذي سقط فيه حين ذكر بمجموعة من القرارات السابقة ( 1754 ) ( 1783 ) ( 1813 ) و( 1871 ) التي تتناقض فيما بينها ، فانه مع ذلك استطاع أن يضع القاطرة في سكتها الحقيقية حين ركز على الحل السياسي بدل الحلول التعجيزية التي قد ترهق العمل و دون التوصل الى حل يرضي أطراف الصراع ، وهو ما يعني ان مجلس الأمن اعتبر الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع وليس فقط ملاحظ ، او مدافع عن حق أريد به باطل . لقد رحب المغرب بالقرار الأممي ، ورحبت به الجزائر ، في حين انتقدته لبوليساريو التي اعتبرته لا يجسد حقيقة ما يختمر على الأرض . وإذا كان المغرب قد تعامل مع القرار من منطلق قراءته الصحيحة له ، فان القراءة الجزائرية المنحازة ، حاولت ان تعطي مضمونا للقرار يعكس التناقض مع الرباط وليس مع البوليساريو المعنية أكثر من غيرها بفحوى القرار . ان إشادة مجلس الأمن بالمجهود المغربي لحل النزاع ، وإصراره على ضرورة التحلي بالواقعية وبروح التوافق لإحراز تقدم في المفاوضات ، ليس له من معنى غير تبني مجلس الأمن للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي كأرضية للمفاوضات ، وليس خيار الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال الذي رفضه المجلس في القرار 1813 التي بني كل مضامينه على التقرير الحكيم للسيد بيتر فالسوم . ومن ثم تكون قراءة الجزائر لمضمون القرار 1920 قراءة خاطئة ، باعتبار ، أنها تنطلق من رؤية جزائرية شوفينية في التعاطي مع النظم السياسي المغربي والشعب المغربي ، ولا تنطلق من حقيقة النزاع الذي عمر أكثر من خمسة وثلاثين سنة خلت بفعل التدخل الجزائري المكشوف في نزاع كانت تغذيه ظروف الحرب الباردة ، التي بزوالها، كان المنطق يفرض زوال ملحقاتها مثل قضية الصحراء وقضايا أخرى كالقضية الفلسطينية . إن إصرار أعضاء مجلس الأمن على تذكير أطراف النزاع المفتعل بضرورة التقيد بجميع الاتفاقيات المبرمة ومنها اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين المغرب والبوليساريو في سنة 1991 ، هو إشارة من المجلس لرفضه أي تطور يخل بالأمن والاستقرار بالمنطقة ، وهو ما يعني أن هذا الإصرار ، هو جواب من المجلس على تهديدات البوليساريو بالرجوع إلى الحرب ، ومن ناحية تأكيد مجلس الأمن على المفاوضات السياسية لإيجاد حل سياسي في إطار لا غالب ولا مغلوب ، وهو ما يعني كذاك ، ان أطراف النزاع يجب ان يتوافقا على الحل المتفاوض عليه . وإذا لم يحصل هناك اتفاق بين طرفي الصراع ، فان أي اتفاق لا يمكن تطبيقه من جانب واحد ، وهو ما يعني كذاك ان أي حل خارج حل الحكم الذاتي يبقى عديم الجدوى لرفضه طبعا من الرباط . لقد اعتبر مجلس الأمن في قراره ، رفضه لديمومة الوضع الحالي على ما هو عليه ، داعيا الأطراف الى بدل المزيد من الجهد لتفادي الستاتيكو المخيم بالمنطقة . وإذا كان المغرب قد استجاب لقرارات مجلس الأمن خاصة القرار 1871 الذي يركز على المفاوضات السياسية للوصول إلى حلول سياسية ،من خلال تقدمه بحل الحكم الذاتي ، وهو ما يعني حصول تغيير ملموس في مواقف المغرب تدرج من الضم المباشر للإقليم الى منحه حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية ، فان المعني بمضمون هذه الجملة في قرار مجلس الأمن ، يبقى البوليساريو والجزائر اللذان ظلا حبيسي مواقف متصلبة وجامدة تطرح حلولا تعجيزية اعترفت الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن باستحالة تطبيقها ، أي الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الانفصال . الخلاصة . إذا كان أطرف النزاع باستثناء البوليساريو قد رحبا بقرار مجلس الأمن، بتقديمهم قراءات مختلفة ، فان السؤال ، الى متى يبقى مجلس الأمن يجدد في مهلة انتداب المينورسو بالمنطقة ؟ لماذا لا يتدخل المجلس ليفرض حلا سواء ، الحكم الذاتي الذي حظي بتزكية دولية وبقرارات لمجلس الأمن ،او الاستفتاء ، الحل التعجيزي المرفوض من قبل مجلس الأمن والمنتظم الدولي ، طبقا للبند السابع من الميثاق الاممي ؟ اعتقد ومن خلال تحليل جميع المعطيات المتوفرة بالساحة ، فان قضية الصحراء ليست قضية مغربية او جزائرية او تتعلق بتصفية استعمار كما تلوك ذلك الجزائر ورديفها . بل هي قضية دولية يتحكم فيها دول مجلس الأمن دائمي العضوية ، لإطالة الصراع إلى أقصى حد ممكن ، وما دام هذا الصراع يشكل مورد رزق يتغذون منه . من جهة إغراق دول المغرب العربي بالديون وبيعها الأسلحة المختلفة بدعوى مواجهة التهديد على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب المنطقة التي تعيش الفقر والتخلف ، ومن جهة إشغال دول المغرب بصراعات هامشية لخدمة أجندة لها علاقة بصراعات أخرى مثل الصراع الشرق أوسطي ( فلسطين والأراضي العربية المحتلة ) وهو ما يعني إضعاف الجبهات العربية بسبب الخلافات المصطنعة ،وتقوية دولة إسرائيل التي تستفيد من هذا الضعف الذي يجعلها رأس الحربة الضاربة بالمنطقة . واذا كان المغرب قد حسم قضية الصحراء المغربية بفعل سيطرته على الأرض ، وبفعل القرارات الأممية التي استبعدت الحلول التعجيزية ، فان المشكل رغم ذلك سيستمر خلال السنوات القادمة ، طالما ان هناك جهات دولية تغدي هذا الصراع ، وطالما ان مصلحتها في إدامته إلى أقصى حد ممكن . الآن اللعبة أضحت مكشوفة للعيان ، وما يؤسف له انخراط حكام الجزائر في هذه اللعبة المقيتة التي تضعف الجميع لصالح ترتيبات تنسج خيوطها بعيدا عن المنطقة ، وبعيدة عن حقيقة الصراع الذي تجسده الجغرافية ويجسده التاريخ كما يجسده الموقف الاممي وقرارات مجلس الأمن التي تدعوا الى التحلي بالواقعية وبروح التوافق في المفاوضات . والمغرب المدرك بحقيقة الصراع عليه الا يستكين او يفرط في الثقة العمياء ، و مادامت ان المصالح هي التي تحكم العلاقات الدولية ، فلا نستغرب ان يطل علينا إذا السيد رووس بتقرير شبيه بتقرير جيمس بيكر لإرضاء الجميع . حكم ذاتي لمدة معينة يليه استفتاء لتقرير المصير . أي خلق ظروف تيمور الشرقية بطريقة تضر بالقضية الوطنية .