*** مظاهر منفرة : سائق يشرب جعته تحت وقع مسيقى غربية صاخبة ، ثم يرمي بالنفاية من نافذة السيارة ولا يبالي ! امرأة تجمع نفايات مطبخها في إناء بلاستيكي وترمي به على المارة من نافذة الطابق الرابع ! انتهى مدخن من نفث سيجارته ورمى بما تبقى على عشب فأحرق الأخضر واليابس ! نهر من القاذورات يخرج من مصنع يتأذى منه الجار والمار !.... واللائحة تطول ! ويتساءلون : أين الخلل ؟؟؟ إنها أزمة ! لكن أزمة ماذا ؟؟؟ ليست الأزمة أزمة بيئية إنما هي أزمة إنسانية ! [ إذا صلح الإنسان ، صلح ما حوله[ (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) *** إن نعمة الإسلام لا تماثلها نعمة إن على مستوى المحافظة على الأبدان أو الأموال أو العقول أو الأعراض أو الأمن النفسي والخلقي (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون). و إذا تصفحنا أسفار تاريخ أمتنا، وجدنا أن حال العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان سيئا: قبائل متحاربة ومجتمعات متناحرة وديانات باطلة وتقاليد وأعراف مستمدة من الأهواء، كانوا يؤدون البنات ويقتلون الأولاد خوفا من الفقر، ويأكلون الربا أضعافا مضاعفة، يحكمون الكهان في مصائرهم، ويتفاخرون بالأنساب، يتعاطون الفواحش، ويشربون الخمور،و كانت الغلبة للأقوى – عبر عن ذلك أحدهم بقوله : " ومن لم يذذ عن حوضه بسلاحه يهدم + ومن لا يظلم الناس يظلم " كانوا بين العالمين لا وزن لهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل). وبمجيء خاتم النبيئين صلى الله عليه وسلم. حل نور الهداية محل ظلام الجهالة؛ وبدأ رسول الله عليه الصلاة والسلام بمعية من اتبعه بجهاد متواصل آمرا وناهيا حاثا على التآلف بدل التدابر، والمحبة بدل الكراهية والاجتماع على الحق بدل التمزق على الباطل: _فإما ياتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى) (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ... فاجتمع الناس على لا إله إلا اله محمد رسول الله بعد أن كانت الحرب تشتعل بينهم لأتفه الأسباب(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ). ** وإذا تأملنا حال أمة الإسلام حين ذكرت ربها.واستغفرته، وحكمت كتابه، وتمسكت بسنة نبيه يجد أنها أمة عظيمة بين الأمم ،علا شأنها وصارت أمة السادة والسيدات لا أمة الإمعات؛ ملكت قلوب العباد قبل البلاد فاتسعت أرضهم، وأرزاقهم وصلحت بيئاتهم ... ولما نسوا الله أنساهم أنفسهم؛ فحكموا أهواءهم، وسلطت عليهم الأمم من كل جانب. وأغلقت عليهم بركات السماء: وتفرقوا شيعا( كل حزب بما لديهم فرحون) و أصبحوا قبلة للطامعين بدءا بفتنة التتارثم الصليبيين وسقوط الخلافة الإسلامية، واستعمر جزء كبير من بلاد الإسلام ... وجاءت الفتنة الأمَّر عندما تسلط بعض أبناء الأمة على بعضهم، وكانوا أقسى من الأعداء حتى صارت الأمة مع اتساع رقعة أرضها وكثرة أبناءها غثاء كغثاء السيل عاجزة يقيدها قيد نسيان الله وعِقال المعاصي والذنوب (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون). فاعتبروا يا أولي الألباب ، فإن للذنوب أخطارا وهي من أسباب الهلاك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر المهاجرين! خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان؛ إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله؛ إلا سُلِّط عليهم عدو من غيرهم، فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، إلا جُعل بأسهم بينهم = فكيف لأمة ألهاها الأمل أن تحظى بنصر الله؟ - وكيف لشعوب همها إشباع البطون، ;والإفساد في الأرض و اتباع الأهواء والشهوات أن تفتح عليها البركات...؟ - كيف لأمة أن يستجاب لدعاء صالحيها وفيها من يسخر بدين الله ويستهزئ قولا وفعلا؟ . فالله الله في أنفسكم. الله الله في أهليكم... الله الله في أولادكم.الله الله في أرزاقكم. الله الله في أمتكم .. (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) ولقد فتح الله على الناس في زماننا من أسباب الدنيا الشيء الكثير. ولكنه منزوع البركة. أكثروا أيها المسلمون من الأعمال الصالحة وذكروا بعضكم بعضا بالله، وبالتوبة إليه، وأكثروا من الاستغفار واعلموا أن الاستغفار سبب من أسباب نزول الرحمة ورفع النقمة، فما من بلاء وقع بنا إلا بذنب أذنبناه وما من بلاء رُفع عنا إلا بثوبة جماعية صادقة ... توبة تعيد الثقة إلى النفوس ، وتتآلف بها القلوب ، وينسى الناس أحقادهم وسلبياتهم أفرادا وجماعات ودولا، بدل نسيان ربهم ......وحتى تكون الأيام أيام الله يفرح بعضنا بتذكير بعضنا بها { وذكرهم بأيام الله } وحتى لا تكون تلك الأيام والذكريات سرورا عند غيرنا وسوءا عندنا / وكل ذكرى يوم الأرض وأنتم بخير.