أثارت رغبة بلجيكاوفرنسا في حظر النقاب ردود فعل غاضبة في أوساط المسلمين، في حين تتردد حكوماتهم في اتخاذ موقف من هذا النقاش الحساس بالنسبة لها. وحتى الآن كانت ايران، التي يسود التوتر علاقاتها بفرنسا، الوحيدة التي هاجمت هذا الحظر حيث انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية رامين مهمنبارست عدم احترام "حقوق المسلمين غير المسموح لهم باتباع تعاليمهم الدينية خصوصا في ما يتعلق بارتداء الحجاب". وفي اندونيسيا، أكبر بلد إسلامي في العالم، اعتبر رئيس مجلس العلماء عميد هان أن بلجيكاوفرنسا "ستفرضان قيوداً على حقوق النساء المسلمات في الالتزام بالواجبات الدينية". وفي باكستان توقع قادة سياسيون ورجال دين حصول توترات أخرى بين أتباع الأديان في أوروبا، وقال صديق الفاروق الناطق باسم أكبر حزب معارض، الرابطة الاسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف، إن على فرنساوبلجيكا "احترام شرعة الأممالمتحدة". في حين قال فريد أحمد براشا الناطق باسم الجماعة الإسلامية الباكستانية إن "تلك الدول التي تزعم أنها من أبطال حقوق الانسان تتحدث عن حرية المعتقد لكنها تلغي هذه الحرية بتلك القرارات". وأعلنت الحكومة الفرنسية أمس أنها ستطبق حظرا مقترحا على ارتداء النقاب على السائحات مثل المقيمات رغم تزايد الشكوك حول مشروعية الحظر. وقالت وزيرة الدولة لشؤون الأسرة نادين مورانو انه سيكون لزاما على القادمات لزيارة فرنسا "احترام القانون" وكشف وجوههن وهو ما دفع المنتقدين لإثارة الشكوك بشأن ما اذا كانت السعوديات الثريات سيجبرن على كشف وجوههن أثناء التسوق في شارع الشانزليزيه. وقالت مورانو في تصريحات لإذاعة فرانس انفو: "عندما تصل الى دولة ينبغي ان تحترم قوانين تلك الدولة... إذا ذهبت (انا) إلى دول معينة فإنني أضطر ايضا إلى احترم القانون". من جانبها أعربت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان عن استيائها من حظر النقاب. وقالت منظمة العفو الدولية إن هذا الحظر "ليس ضرورياً ولا متوازناً" وإنه "ينتهك الحق في حرية التعبير والمعتقد لدى النساء اللواتي اخترن التعبير عن هويتهن أو عقيدتهن بهذه الطريقة". واعتبرت جوديت سندرلند من منظمة هيومن رايتس ووتش أن حظر النقاب "ينتهك حقوق اللواتي اخترن ارتداءه ولا يساعد في شيء المرغمات على ارتدائه". من جانب آخر، انهارت الحكومة البلجيكية قبل ساعات من مناقشة مشروع قانون لفرض حظر على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، كان من المقرر أن يبحثه البرلمان البلجيكي أول أمس. جاء ذلك بعدما أعلن الحزب الفلمنكي المشارك في الائتلاف الحاكم سحب تأييده للحكومة ما دفع رئيس الحكومة البلجيكية، إيف ليتريم لتقديم استقالته إلى الملك ألبرت الثاني. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أنه أصبح من المرجح أن يرجئ البرلمان مناقشة مشروع القانون المقترح في انتظار حل الأزمة السياسية الحالية. ويحظى مشروع القانون الخاص بحظر النقاب بتأييد الأحزاب الخمسة المشاركة في الائتلاف الحكومي، ولذا يتوقع المحللون أن يتبنى البرلمان المشروع. وانتقدت منظمات إسلامية وجماعات معنية بحقوق الانسان، الخطوة التي يعتزم البرلمان البلجيكي الاقدام عليها بشأن حظر النقاب، وقالت إن الحظر يعد انتهاكًا لحق من ترغبن في ارتدائه. وطبقا لمشروع القانون المطروح يعاقب كل من يخالف القانون بغرامة قدرها من 15 إلى 25 يورو، ويمكن أن يواجه السجن لمدة سبعة أيام أو السجن والغرامة معًا، ما لم يحصل على تصريح من الشرطة بارتداء مثل هذه الملابس. وأفاد مراسل (بي بي سي) في بروكسل بأن هناك حوالي ثلاثين امرأة فقط أو نحو ذلك، ترتدين النقاب في بلجيكا، من بين مسلمي بلجيكا البالغ عددهم نحو مليون نسمة. من جهتها، انتقدت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حظر النقاب في الأماكن العامة. وبدأت الصحيفة في تحليل مشروع القانون الذي من المقرر أن تقدمه الحكومة الفرنسية للجمعية الوطنية الشهر المقبل بالقول: "يتم وضع قانون ضد قطعة من القماش لا ترتديها سوى بضع مئات من النساء"، وأوضحت أن الحظر التام يسري أيضًا على الشوارع حيث ستقوم الشرطة بتوزيع كوبونات الغرامات. ورأت الصحيفة أن القرار يحمل إشارة ضارة تدل على عدم التسامح مع الهويات المختلفة كما لا يخلو من ارتباط بحسابات انتخابية معينة.