انتقدت عدة منظمات إسلامية وأحزاب يسارية فرنسية دعوة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى سن قانون يحظر الرموز الدينية -ومن ضمنها الحجاب- في المدارس والإدارات الحكومية، معتبرة أن الدعوة تعد انتهاكاً لحقوق الأقلية المسلمة في ممارسة معتقداتها، وتراجعا حقيقيا عن مكاسب العلمانية. بينما أيد الدعوة المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية الفرنسية واليمين الفرنسي. موقف اليسار الفرنسي الأحزاب اليسارية رأت أن إعطاء الضوء الأخضر لإصدار قانون يمنع الرموز الدينية أمر موجه أساسا للمواطنين الفرنسيين المسلمين؛ الأمر الذي قد يشعرهم أنهم مستهدفون أكثر من غيرهم. فقد أخذ الأمين العام لحزب الخضر جيل ليمير على خطاب شيراك كونه يشرع لإصدار قانون ظرفي وأنه يشعر أن الأمر يتعلق بقانون ضد المسلمين في فرنسا. وقال ليمير: أنا ضد اتجاه الخطاب بشكل عام فالقانون الذي يراد تمريره مهين للمسلمين وهو سيعقد الأمور أكثر من كونه سيجد لها حلاًّ. واعتبر ليمير أن مجموعة القواعد التي سنها مجلس الدولة في قراره سنة 1989 كانت كافية لحل الإشكاليات المطروحة بالنسبة للمتحجبات في المدارس، مدللاً على وجهة نظره بأن عدد المشكلات في تناقص هذا العام فيما يتعلق بقضية الحجاب. وأعربت الأمينة العامة للحزب الشيوعي الفرنسي ماري جورج بوفي عن أسفها أن الرئيس شيراك اتخذ تدابير استثنائية تعرقل اندماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي، وتحفظت على سن قانون يحظر الرموز الدينية. وبلهجة أقل حدة انتقد فرنسوا بيرو الأمين العام للاتحاد من أجل الديمقراطية بفرنسا -يمين الوسط- قرارات الرئيس شيراك، وقال: كنت أفضل معالجة هذه المشاكل دون اللجوء لقانون من الصعب تطبيقه. مسلمو أمريكا يعارضون أعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) وهو أكبر جماعات الحقوق المدنية المسلمة الأمريكية -معارضته لدعوة الرئيس الفرنسي جاك شيراك لسن قانون يحظر ارتداء الحجاب ورموز دينية مسيحية ويهودية أخرى في المدارس العامة. وقالت كير إن الحظر المقترح سوف يحد من قدرة أبناء الأديان المختلفة بفرنسا على ممارسة معتقداتهم الدينية بحرية، وإن مثل هذه الخطوة تعد انتهاكا للدستور الفرنسي ومواثيق حقوق الإنسان الأوربية، وأضافت كير أن دعوة الرئيس الفرنسي على الرغم من أنها موجهة بشكل علني ضد رموز دينية مختلفة إلا إنها تستهدف وبشكل واضح الوجود الإسلامي في فرنسا. وقال نهاد عوض المدير العام لكير إنه لا يمكن لبلد ما أن تحافظ على قواعد الحرية والمساواة بينما تحرم مواطنيها من حقوقهم الدينية ... الحظر المقترح على ارتداء الرموز الإسلامية والمسيحية واليهودية لن يؤدى إلى الدفاع عن علمانية فرنسا. ارتداء النساء المسلمات أو الرجال اليهود لملابس دينية ليس لدعم لدين ما من قبل الدولة، وأتمنى أن ينضم إلينا القادة المسيحيون واليهود من شتى أنحاء العالم في المطالبة بمعارضة القانون المقترح. وأشار عوض إلى معارضة قيادات دينية مسلمة ومسيحية ويهودية بفرنسا لحظر ارتداء الرموز بالإسلامية بالمدارس العامة الفرنسية. يذكر أن كير نجحت على مدى العقد الماضي خ من خلال استخدام حملات التوعية والضغط الجماهيري والإعلامي والسياسي والقانوني - في حماية حق النساء المسلمات في ارتداء الحجاب بمختلف القطاعات العامة والخاصة بالمجتمع الأمريكي، وهو حق يكفله الدستور والقوانين الأمريكية. ويخشى مسلمو أمريكا من أن تنتقل حمى العداء للحجاب إلى الولاياتالمتحدة في ظل تصاعد خطاب الكراهية وممارسات التمييز ضد الإسلام والمسلمين في أمريكا خصوصا من قبل الجماعات اليمينية المتشددة منذ أحداث الحادي عشر من شتنبر. موقف بريطاني مختلف وفي أول ردة فعل بريطاني رسمي، قالت وزيرة الداخلية المكلفة بالشؤون العرقية فيونا ماك تارغت إن بلادها لن تحذو حذو فرنسا في منع المسلمات من ارتداء الحجاب. وأضافت في تصريح للجزيرة إن المجتمع البريطاني يعالج الأمور بشكل مختلف عن فرنسا. كما أعربت الولاياتالمتحدة عن قلقها إزاء التدابير التي ستتخذها فرنسا لحظر الرموز الدينية مثل الحجاب في المدارس الحكومية. وقال المسؤول عن ملف الحرية الدينية في العالم بوزارة الخارجية جون هانفورد إن واشنطن تتابع بقلق هذه التدابير. أسقف كانتربري: تشريع استفزازي ومدمر وصف الدكتور روان ويليامز رئيس أساقفة كانتربري التشريع الفرنسي المقترح بحظر الحجاب في المدارس الحكومية بأنه استفزازي جدا ومدمر جدا. ومن المتوقع أن يستغل الدكتور ويليامز أولى خطبه كرئيس لأساقفة كانتربري بمناسبة أعياد الميلاد المسيحية لتناول قضايا اعتقال المسلمين وحظر الحجاب ولمد يد الصداقة إلى المسلمين. يذكر أن الدكتور ويليامز الذي تم تنصيبه رئيسا لأساقفة كانتربري في فبراير 2003 كان صريحا في معارضة غزو العراق وحذر رئيسَ الوزراء البريطاني توني بلير والرئيسَ الأمريكي جورج بوش من استخدام اللغة ذات الطابع الديني في تبرير غزوهما للعراق في مارس .2003 وقال ويليامز: ليست هناك حرب مقدسة وخيرة في حد ذاتها، وأن تحشد المدفعية الثقيلة وتضفي عليها مسحة دينية ثم تقول إن هذه هي الطريقة الوحيدة لمكافحة الشر! إن هذا شيء يجب مراقبته بحذر. وأضاف: إن حوارا لمدة 3 أيام شارك فيه 30 مفكرا مسيحيا ومسلما في قطر خلال الحرب على العراق أظهر أنه يمكنك أن تحتفظ بخلافات عامة، وفي الوقت نفسه تحتفظ بالاحترام المتبادل. إيران: قرار فرنسي متطرف انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي في تصريحات صحفية الأحد 2003-12-21 قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك تقديم مشروع قانون لحظر الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية الظاهرة في المدارس، معتبرا إياه قرارا متطرفا. وقال آصفي: نعتبر أن هذا القرار متطرف يهدف إلى منع تطور القيم الإسلامية في فرنسا، موضحا أنه يعارض حقوق المواطنين، ويلطخ صورة فرنسا لدى الرأي العام في العالم الإسلامي. وطالب الحكومة الفرنسية بالعدول عن هذا المشروع آخذة في الاعتبار تقاليد وثقافة المسلمين في فرنسا. رسالة مفتوحة من المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله إلى الرئيس الفرنسي وجّه المرجع اللبناني الشيعي السيد محمد حسين فضل الله السبت 20-12-2003 خطابا مفتوحاً إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أكد فيه أن الحجاب في الإسلام هو التزام ديني كما هو فريضة دينية، مشيراً إلى أن منعه يمثل اضطهاداً لحرية الإنسان المسلم. وجاء في خطاب فضل الله لشيراك: حول اعتبار الحجاب رمزاً وشعاراً إسلامياً دينياً، فإننا نؤكد أن عدم الالتزام به يمثل خطيئة ككل الخطايا الدينية، الأمر الذي يجعل تدخّل أيّ جهة في الضغط على الفتيات تدخلاً في الحريات الدينية للفرد واضطهاداً إنسانياً له، وهذا يختلف عن شعار الصليب عند المسيحيين والقلنسوة عند اليهود، الذي لم يصل -حسب علمنا- إلى الالتزام الديني، مع التأكيد منا على أن المنع يمثل مصادرة للحرية. وأضاف فضل الله: وحول اعتبار الحجاب حالة عدوانية، فإننا لا نفهم ماذا تعني العدوانية في بعدها الذاتي الخاضع للالتزام الإنساني بما يرغبه أو بما يعتقده الإنسان. وهل اختلاف الأزياء في المجتمع يمثل أمراً عدوانياً ضد الذين يختلفون مع الإنسان في الزيّ الذي يلتزمونه؟. وتابع قائلا: أما اتهام الحجاب بإثارة الطائفية فهو طرح غير واقعي، وهو أمر غريب لا يخضع لأيّ منطق معقول، لأن هذه الإثارة تنشأ من الجدل الطائفي في داخل المدرسة لا من الزيّ الديني. رئيس المحاكم السنية الشيخ محمد كنعان: حرية الأزياء واضطهاد الحجاب اعتبر رئيس المحاكم الشرعية السنّية العليا في لبنان الشيخ محمد كنعان في خطبة الجمعة 19-2003-12 أن موقف الرئيس الفرنسي ناشئ عن عدم معرفة بحقيقة هذا الأمر، إذ اعتبر الحجاب رمزاً إسلامياً وهو ليس كذلك، بل هو أمر تعبّدي للمرأة المسلمة. وأشار الشيخ كنعان إلى أن فرنسا مشهورة بمعارض الأزياء المختلفة، ومشهورة بحرية السماح للمرأة بأن ترتدي ما تشاء، فلماذا الوقوف عند لباس المرأة المسلمة؟. وأعرب الشيخ كنعان عن أن يراجع المسؤولون الفرنسيون أنفسهم في هذا الموضوع، وأن يظلوا على نهج الحرية التي عرفت بها فرنسا عبر تاريخها الحديث. الرابطة الإسلامية للمرأة الفلسطينية تحذر وفي فلسطين حذرت الرابطة الإسلامية للمرأة الفلسطينية بنابلس في الضفة الغربية من أن تلك التصريحات التي أدلى بها شيراك وما قد ينبني عليها من سياسات سوف تؤكد لدى الكثير من المسلمين أن معاداة الإسلام والمسلمين واستهدافهم هي السياسة الحقيقية للغرب، وأن الإنصاف والاعتدال والحوار والتفاهم شعارات فارغة جوفاء، تستخدم فقط كأسلوب من أساليب المعركة ضد الإسلام كدين والمسلمين كأمة. واعتبرت الرابطة في رسالة إلى الرئيس الفرنسي أن البشرية الآن أشد حاجة إلى التفاهم واحترام خصوصية الآخرين والإيمان بالمساواة وإخماد الفتن والنزاعات من حاجتها لإضرام العداوات وزرع النزاعات واضطهاد الآخرين الذي أصبح هواية وسياسة لدى الكثيرين. وتابعت الرابطة: إننا نرسل هذه الرسالة من الأرض التي يعاني شعبها الفلسطيني من سياسات الظلم والاضطهاد ومصادرة الحرية وتكميم الأفواه والاعتداء على المقدسات وحرية العبادة والتدين، من أرض فلسطين التي ينظر شعبها بإيجابية للمواقف الفرنسية المبتعدة عن العدوان والظلم الذي تميزت به سياسات دول غربية أخرى، وللمواقف الشخصية لحضرتكم التي تبقى الأمل لدى كثير من المظلومين بأنه ما زال هناك من يسعى إلى الحق والعدل والحرية في هذا العالم. ونوهت الرابطة إلى أنها فوجئت وأهل فلسطين بتصريحات شيراك المتعلقة بموضوع حجاب المسلمات في فرنسا، وقالت في بيانها: لم يخطر في بالنا للحظة أن تنطلق هذه التصريحات من شخصية محنكة وخبيرة، ومن دولة رفعت لواء الحرية والإخاء والمساواة في الغرب منذ أكثر من 200 سنة، فإذا بها ترفع أول راية رسمية لمحاربة الحرية والعدل والمساواة (فيما يتعلق بالحجاب) وترسخ اضطهاد الحريات الشخصية والدينية بطريقة غريبة بعيدة عن تقاليد فرنسا وثورتها ومفكريها وعظمائها الذين بذلوا حياتهم من أجل ترسيخ هذه المعاني. وقالت الرابطة: إن رسالتنا هذه إليكم لا تنطلق من منطلق الخوف على الإسلام والمسلمين، وإنما تنطلق من منطلق الرحمة بالإنسانية التي عانت وما زالت تعاني من فقدانها للعدل والحرية والأمن الذي تمتعت به يوم كان الإسلام هو الذي يحكم العالم. طلاب لبنان يتضامنون وقد نظمت رابطة الطلاب المسلمين اعتصاما طلابيا ظهر السبت 20-21-2003 أمام السفارة الفرنسية في بيروت تضامناً مع الطالبات في المدارس الفرنسية، واستنكاراً لتصريحات الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ودعماً لمبدأ حرية المعتقد الذي كفلته جميع الشرائع والقوانين، وفقاً لما جاء في بيان صادر عن الرابطة. وتجمعت حوالي 150 طالبة محجبة أمام مبنى السفارة الفرنسية في بيروت، وتلت إحدى الطالبات مذكرة طلابية باللغتين العربية والفرنسية موجّهة إلى الرئيس شيراك، جرى تسليم نسخة منها إلى ممثل السفير الفرنسي. ورفعت الطالبات لافتات وشعارات باللغتين العربية والفرنسية منددة بتصريحات شيراك، منها: أيتها الحرية انتفضي.. باسمك منع الحجاب، من طالبات لبنان إلى نساء فرنسا: اثبتن فعين الله ترعاكنّ، علمنة = قمع الحجاب، إن نزعوا الحجاب عن رءوسكن فلن يقدروا على نزعه من قلوبكن. وبحسب رابطة الطلاب المسلمين فإن تحركات طلابية أخرى يجري التحضير لها ستقام الأسبوع القادم تضامناً مع الطالبات الفرنسيات. مظاهرة تركية تظاهر أعضاء من جمعية التفكير الحر وحقوق التعليم التركية أمام القنصلية الفرنسية بوسط اسطنبول يوم الخميس (19 دجنبر 2003) احتجاجا على القرار الفرنسي حظر ارتداء الحجاب والرموز الدينية الأخرى في المدارس الحكومية . وقالت هوليا شكرجي رئيسة الجمعية في كلمة ألقتها باسم المتظاهرين إن الهدف الأساسي من حظر جميع الرموز الدينية فى الدارس الفرنسية هو حظر ارتداء الحجاب واستهداف الاسلام بصفة رئيسية مؤكدة أن تصرف باريس هو اخلال بالحرية الدينية والعقائدية. وقامت شكرجي بتسليم رسالة احتجاج إلى المسئولين في القنصلية الفرنسية ليحملوها إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك. حزب الوسط الإسلامي في الأردن في الأردن وجه حزب الوسط الإسلامي رسالة إلى السفير الفرنسي في عمان جان ميشال كازا، اعتبر فيها أن قرار شيراك يسمح بإلغاء حقوق الأقليات والاعتداء عليها. وقال الحزب في رسالته التي أوردت وكالة الأنباء الفرنسية مقتطفات منها: إننا نسلم بحق كل الأمم بتصريف شؤونها الداخلية بما يتناسب مع قيمها إلا أننا نعتقد أن حرية الاعتقاد مكفولة في كل الشرائع، وأن الديمقراطية لا يمكن أن تلغي حقوق الأقليات ولا أن تسمح بالاعتداء على هذه الحقوق.