اقر البرلمان البلجيكي بالإجماع عقوبات صارمة لمن تغطي وجهها بعد إقرار قانون منع الحجاب في بلجيكا حيث توحدت الأصوات ضده النقاب ووجدت الأحزاب السياسية ضالتها في إعداد مشروع قانون يحظر ارتداء غطاء يعتبر دخيلا على مجتمع قلّ أن توحد أهله حول المسائل الثقافية والقيمية. وينتظر أن يصوت البرلمان الفيدرالي على مشروع القانون في يوم 22 أبريل الجاري ويقتضي فرض غرامة تتراوح بين 82.5 و137.5 يورو بحق «كل من يدخل مكاناً عاماً وقد غطى وجهه كلياً أو جزئياً أو حبسه خلال فترة تتراوح بين يوم وسبعة أيام. ولا يستبعد أن يتم تعديل مشروع القانون من أجل أن تعهد صلاحيات تنفيذه إلى شرطة البلدية. وتسجل بلجيكا سبق الحظر التام حيث تنفرد ضمن دول الاتحاد الأوروبي بحسم الجدل حول ارتداء النقاب في الأماكن والساحات العامة، من دون مشاورة مجلس الدولة أعلى هيئة دستورية في البلاد وفي وقت يتواصل فيه النقاش في العديد من الدول الأوروبية حيث تثير مسألة التشريع في قضايا اللباس بعداً قانونياً يتصل بحرية الفرد، فيما تضغط رابطة الشمال في إيطاليا على الائتلاف الحكومي من أجل تعديل قانون مكافحة الإرهاب لعام 1975 وتضمينه مقتضيات حظر ارتداء الحجاب. وكان القانون صدر في حينه على خلفية العمليات التي ووصفت بالإرهابية ضد السلطات الإيطالية ويحظر إخفاء الوجه في الأماكن العامة. وأثارت رغبة بلجيكا وباريس في حظر النقاب والبرقع ردودا منتقدة في الأوساط المتشددة في العالم الإسلامي في حين أن الحكومات المنقسمة حول العلمانية، تتردد في اتخاذ موقف من هذا النقاش الحساس بالنسبة لها. وحتى الآن كانت إيران، التي يسود التوتر علاقاتها بفرنسا، الوحيدة التي هاجمت هذا الحظر حيث انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية رامين مهمنبارست عدم احترام «حقوق المسلمين غير المسموح لهم بإتباع تعاليمهم الدينية خصوصا في ما يتعلق بارتداء الحجاب». وفي اندونيسيا، اكبر بلد اسلامي في العالم، حيث لا يلقى النقاب ولا البرقع رواجا، اعتبر رئيس مجلس العلماء عميد هان أن بلجيكاوفرنسا «ستفرضان قيودا على حقوق النساء المسلمات في الالتزام بالواجبات الدينية». وفي باكستان توقع قادة سياسيون ورجال دين توترات أخرى بين الأديان في أوروبا وقال صديق الفاروق الناطق باسم اكبر حزب معارض، الرابطة الإسلامية الباكستانية-نواز، إن على فرنساوبلجيكا «احترام شرعة الاممالمتحدة». وقال فريد احمد براشا الناطق باسم حزب الجماعة الإسلامية المتطرف إن «تلك الدول التي تزعم أنها من أبطال حقوق الإنسان تتحدث عن حرية المعتقد لكنها تلغي هذه الحرية بتلك القرارات». وفي حين أعلنت الوزيرة الفرنسية المنتدبة لشؤون الأسرة نادين مورانو أن قرار الحظر سيطبق على النساء المسلمات القادمات إلى فرنسا، حرصت وزارة الخارجية على إيضاح أن النقاب أو البرقع ليس مشكلة دينية. وجوابا على سؤال عن نوع الرد على الاحتجاجات المحتملة من الدول الاسلامية قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن النقاش «لا يخص فرنسا وحدها» وإن الوضع القانوني للنقاب «يثير أيضا نقاشا في الدول الإسلامية». ومن جانبه ميز انطوان بصبوص الخبير في مرصد الدول العربية بين الحكومات، التي يتمسك بعضها بنوع من العلمانية والآخر بالتعصب الشديد. وقال إن «الحكومات تتفهم مليا لكن لا يمكنها بالضرورة ان تبدي موافقتها». وأضاف بصبوص «هناك بعض رجال الدين المتعصبين الذين سيصرخون عبر القنوات الفضائية ضد البلدان التي تزعم أنها موطن الحريات وتنتهك الحريات لكسب تأييد الرأي العام»، وتابع إن «القرآن لا ينص على النقاب» لكن أولئك المتعصبين سيقولون «إن ديننا ينتهك» في حين سيقول مسلمون آخرون معتدلون إن «الفرنسيين في بلادهم فلنحترم خصوصياتهم». وتوقع بصبوص انه في كل الحالات سيثير حظر النقاب في هذين البلدين الأوروبيين «نقاشا سياسيا» داخل البلدان الإسلامية. من جانبها أعربت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان عن استيائها، وقالت منظمة العفو الدولية إن هذا الحظر «ليس ضروريا ولا متوازنا» وإنه «ينتهك الحق في حرية التعبير والمعتقد لدى النساء اللواتي اخترن التعبير عن هويتهن او عقيدتهن بهذه الطريقة». واعتبرت جوديت سندرلند من منظمة هيومن رايتس ووتش أن حظر النقاب «ينتهك حقوق اللواتي اخترن ارتداءه ولا يساعد في شيء المرغمات على ارتدائه».