أحمد سلوم يعتبر القرار مسألة انتخابية تستغلها الأحزاب اليمينية والكاتبة البلجيكية من أصول مغربية "كريمة" تعتبر الحجاب خطرا على الفتيات ويجب محاربته من إنجاز : فكري الأزراق عضو هيئة تحرير اريفيين.كوم [email protected] تتابع الأوساط السياسية والحقوقية والجمعوية والإعلامية في بلجيكا باهتمام بالغ النقاش الحالي الدائر بين مختلف هذه الأوساط حول قرار منع الحجاب في المدارس الذي تطالب بتطبيقه بعض الأحزاب اليمينية وكذا بعض الفعاليات الجمعوية بهدف "الحفاظ على الهوية الوطنية البلجيكية" –حسب رأي المطالبين بمنع الحجاب-، وهو القرار الذي يمس 450 ألف مسلم في بلجيكا من مجموع السكان البالغ عددهم 10 ملايين، والذين يعتبرون من أنشط الأقليات المسلمة على مستوى أوروبا كلها، وأكثرها فعالية ومشاركة في الحياة العامة، ويرجع أصل نصف هؤلاء المسلمين إلى جذور مغربية، وأغلبية النصف الآخر من أصول تركية . وفي هذا الإطار أشارت مصادر "النادي الديمقراطي الإنساني" أحد أكبر الأحزاب في البلاد، في تصريح لوكالة "أكي" الإيطالية للأنباء إلى "أن هناك وثيقة يجري إعدادها حالياً تنص على منع ارتداء الحجاب في المدارس العامة والخاصة إلا ابتداء من الصف الثالث الثانوي بشرط موافقة إدارة المدرسة على ذلك" وأن " البلاد تتجه إلى تعميم منع ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة، مشيرة إلى موقف الحركة الإصلاحية، المعلن سابقاً، والذي يؤيد منع ارتداء الحجاب أو أي رمز ديني آخر دون تحديد سن الفتاة". وفي هذا الصدد، تنوه رئيسة النادي الديمقراطي الإنساني "جويل ميلكيه" التي تشغل منصب وزيرة تكافؤ الفرص في الحكومة الفيدرالية البلجيكية، إلى أن حزبها يعمل على تدعيم التيار القائل بمنع الحجاب في المدارس وحشد الدعم لهذا الرأي قبل صدور القرار الموحد خلال بداية العام 2010. ومن جانب آخر تشير مصادر متطابقة من داخل الحزب الإشتراكي إلى أن مسؤوليه لم يحسموا بعد في مواقفهم، وأن الإتجاه السائد يؤكد على منع الحجاب إلى غاية سن السادسة عشر. الحجاب قضية انتخابية هذا وأرجع "أحمد سلوم" الكاتب والمحلل السياسي المقيم في بروكسيل مسألة منع الحجاب الذي شمل لحد الآن مدارس شمال بلجيكا إلى "تقاسم السلطة السياسية التي تتسم بها البلاد" ، وأكد سلوم في تصريح أدلى به لقناة "العالم الإخبارية" في وقت سابق خلال إحدى حلقات برنامج "تحت الضوء" "أن هذا القرار أصدرته حكومة اقليمية (حكومة المنطقة الشمالية) التي تسيطر عليها الاحزاب اليمينية والتي تتسم بضعف تمثيل الأقلية الإسلامية". وأضاف: "أعتقد ان المسألة هي التركيز على ابعاد هامشية في القضايا المطروحة في الوسط الاوروبي للتغطية على المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الاوروبيون بطرح قضايا شكلية كما تحاول ذلك الاحزاب اليمينية". وتابع سلوم قائلا: "تعتبر مسألة الحجاب قضية انتخابية فالدولة تحاول ان تصور للسكان الأصليين بأن هذه المسائل تمس هويتهم الحقيقية وتهدد وجودهم ولذلك فهي تحاول تزييف الموقف وتصوره على أنه القضية الأكبر وتصور لهم أنهم سيصبحون ضحايا التكنولوجيا والتقنية الاقتصادية، وهي مسألة انتقائية بحتة، فالمهم هو التغطية على مشاكل البلد الاساسية". الحجاب خطر على الفتيات ويجب محاربته وكانت جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" التي يتواجد مقرها الرئيسي في فرنسا قد طالبت في وقت سابق بمنع ارتداء الحجاب أو إبراز أي شعار ديني آخر في المدارس الفرنسية ببلجيكا خلال تظاهرة نظمت أمام المجلس الإقليمي للولاية الفرنسية "ملبين" الذي هو المؤسسة التى تمثل الناطقين بالفرنسية فى بروكسلوإقليم والونيا،( 40% من سكان البلاد.) وصرحت الكاتبة البلجيكية من أصول مغربية "كريمة" وهي الممثلة لجمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" ببلجيكا " إنه من غير المقبول رؤية فتيات فى الرابعة والخامسة من عمرهن يذهبن إلى المدرسة محجبات ويبقين الحجاب فى الصف.. ويترك قرار منع الحجاب بين يدى مدراء المدارس، وهذا غير طبيعى.. نطلب قانونًا يمنع ارتداء الحجاب كما فعل المجلس الإقليمى الفلاماندي"، وأضافت : "أن الفتيات الصغيرات يجبروهن آبائهن على ارتداء الحجاب ضدا على إرادتهن مما يولد لهن مشاكل وضغوطات نفسية (...) إنهن يشعرن بالخوف" وتؤكد جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" والجمعيات المتعاطفة معها والداعمة لمواقفها أنهن " لا يناضلن من أجل منع الحجاب فى بلجيكا، هذه ليست قضيتنا فحرية المعتقد موجودة فى بلجيكا ويجب المحافظة عليها. نحن نناضل ضد ارتداء الحجاب فى المدارس وإلزام الفتيات المسلمات بارتدائه". وينقسم البلجيكيون الناطقون بالفرنسية حول موضوع منع الحجاب فى المدارس واحتجت عدد من الناشطات فى المنظمات النسائية والعلمانية على منع الحجاب باسم الحرية والخيار الحر، بحسب ما أوضحت النائبة الفدرالية المدافعة عن البيئة لصحيفة "لوسوار" زوى جينو، وهى من أبرز الشخصيات المنظمة لحملة التوقيع على عريضة ضد منع الحجاب، وقع عليها عدد من النواب. بدائل إسلامية من جانب آخر أكد مسلمو بلجيكا على عزمهم تأسيس مدارس إسلامية؛ ردًا على قرار حظر الحجاب في المدارس، مشددين على أن المسألة باتت مسألة وقت ليس إلا. وأعلن إبراهيم الطويل، أحد مسؤولي الجالية الإسلامية في مدينة "انتويرين" أن الجالية الإسلامية في المدينة ستستخلص الدروس من الحصار الذي باتت تتعرض له بشكل منهجي ومنظم تحت تبرير الدفاع عن قيم المجتمع البلجيكي. وكانت السلطات البلجيكية في مقاطعة "الفلاندر" قد اتخذت قرارًا مفاجئًا بفرض حظر على ارتداء الزي الإسلامي على جميع الطالبات في المدينة وفي كافة المدارس، وذلك بالتزامن مع دعاية إعلامية واسعة لإحياء الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر مما دفع البعض للربط بين توقيت القرار والحضور الإسلامي في أوروبا، فيما أشار بعض المسؤولين في المؤسسات الإسلامية في بلجيكا إلى أن بعض الأطراف السياسية والإعلامية يسعون إلى ممارسة ضغوط متصاعدة على الجالية الإسلامية في هذه المرحلة. وأوضح الطويل لصحيفة "ديستندار" أن رد الجالية الإسلامية سيكون مشابهًا لرد الطوائف الدينية الأخرى في العمل على بناء مؤسسات تعليمة ومدارس خاصة بها، لافتًا إلى أن هذا الحل يمثل الخيار الوحيد الذي يتركه "المتطرفون في المؤسسات التعليمية" أمام أبناء الجالية الإسلامية. وأشار إلى أن المدارس الإسلامية ستعتمد نفس أنظمة المؤسسات التعليمية العامة في البلاد وستراعي الالتزام بنفس المناهج والبرامج وستكون مفتوحة لكافة أبناء الطوائف الأخرى دون تمييز ومع احترام الخصوصيات الروحية لكافة الطلاب وعائلاتهم. نقاش على صفيح ساخن يذكر أن الجالية الإسلامية في بلجيكا قد دخلت في نقاشات مستفيضة حول مسألة منع الحجاب في المدارس البلجيكية بعد أن أعلنت آخر ثانوية في مدينة "إنتويرب" كانت تسمح بالحجاب، أنها ستفرض حظرا على ارتدائه ابتداء من الموسم الدراسي الجديد 2009-2010. وكان الإمام المغربي "نور الدين الطويل" مدير الجامع العام للهيئة التنفيذية للمسلمين، التي ترعى شؤون الجاليات المسلمة في بلجيكا، قال: "إن مديرة مدرسة إتونيوم الثانوية قررت منع الحجاب على الطالبات المسلمات في مدرستها، ابتداء من السنة الدراسية المقبلة، وهذا القرار يعني أن أكثر من 50% من الطالبات سيحرمن من ارتداء الحجاب. وأضاف الطويل، في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" عدد السبت 27-6-2009، أن هذه المدرسة هي الأخيرة التي كان يسمح فيها بارتداء الحجاب، وألمح إلى أن مجموعة من الطالبات شاركن في تنظيم احتجاج على هذا القرار. وطلب الطويل في ذات التصريحات من "الجالية المسلمة تنظيم وقفة احتجاج في أول يوم دراسي وعدم إرسال أولادهم للمدارس". كما دعا لتظاهرة في بداية سبتمبر احتجاجا على القرار، وقال "نشعر بأن المرأة المسلمة مستهدفة في هويتها.. وهي المربية للأجيال، فإذا ضاعت ضاع المسلمون معها". وكانت ردود الأفعال قد تباينت من جانب المسلمين والبلجيكيين، إذ أعلن محمد بوزياني رئيس مبادرة الشبكات المغربية، أن الإمام نور الدين الطويل ذهب بعيدا بتوجيه نداء لأولياء الأمور بمنع إرسال أطفالهم إلى المدارس، احتجاجا على حظر الحجاب. ولكن أضاف "في الوقت نفسه نعارض أي حظر للحجاب". وترى "نعيمة لانجري" المغربية الأصل والمسؤولة في الحزب الديمقراطي الفلاماني، أن كلام الطويل "غير مناسب وخاصة في الوقت الحالي"، بينما ذهب عدد من المسؤولين في الحكومة البلجيكية إلى أن نور الدين قد "تجاوز الخطوط الحمراء". وقال وزير التعليم الفلاماني "فرانك فاندنبروك" من الحزب الاشتراكي، إن "النداء الذي وجهه الإمام الطويل غير مقبول". ويرى الحزب اليميني المتشدد "فلامز بلانغ" أن الطويل يريد من وراء ذلك، "التمهيد لإنشاء مدرسة إسلامية، وهذا الشيء لا يمكن أن نقبل به". ولكن الطويل نفى ذلك في تصريحات لوسائل الإعلام المختلفة، وقال إنه من مؤيدي الحوار. كما طالب بفتح حوار مع المدرسة المعنية، "على الرغم من أن المسؤولين فيها لم يفتحوا حوارا مع الطالبات أو أولياء الأمور، قبل اتخاذ قرار حظر الحجاب". وأشار إلى "أن 80% من الطالبات في المدرسة من الجالية المسلمة، ويوجد 23 مدرسة فقط من بين 148 مدرسة في المستويات الأقل من الثانوي تسمح بالحجاب، بينما هناك مدرسة واحدة فقط ثانوية هي التي كانت تسمح به، وهي التي اتخذت قرارها أخيرا بحظر الحجاب". وقال مدير تلك المدرسة "مارك واوتر"، إن "عدد الطالبات المحجبات كان خمسا فقط في المدرسة، ولهذا قررت حظر الحجاب، ولكن إذا وجدنا أن عدد الطالبات أكثر من ذلك، كنا سنعيد النظر في الأمر لأننا من مؤيدي حرية التعبير". ويعمل نور الدين الطويل كإمام وداعية بالمركز الإسلامي ببروكسل، وسبق له أن عمل إماما في أحد مساجد مركسيم القريبة والتابعة لإنتويرب في عام 2005، ثم انتخب في المجلس العام للهيئة التنفيذية، وجرى استبعاده، بناء على تقرير للأجهزة الأمنية، وذلك حسب ما ذكرته وسائل إعلام بلجيكية "أن نور الدين يظهر أمام الناس بشكل معتدل ولكن خلف الأبواب وداخل الغرف له آراء متشددة دينيا"، وأشارت إلى أن عددا قليلا من المسلمين في بلجيكا الذي تجاوب وأيد دعوة الطويل لمقاطعة المدارس بسبب حظر الحجاب. منع الحجاب في دائرة الضوء الجدير بالذكر أن السنوات الأخيرة عرفت عدة قرارات منع الحجاب في أوروبا وخارجها وذلك منذ أن دخلت القضية في دائرة الضوء عام 2004، بعد أن قررت الحكومة الفرنسية منع الحجاب في مؤسسات التعليم الحكومية. ففي غشت الماضي أيدت محكمة ألمانية حظرًا يقضي بعدم ارتداء المدرسات الحجاب في المدارس في ولاية "نورث راين فستفاليا" حيث يعيش حوالي ثلث مسلمي ألمانيا البالغ عددهم 3.5 ملايين نسمة. ويحتدم النقاش في إسبانيا حول الحق في ارتداء الحجاب بالمدارس منذ قررت حكومة إقليم كاتالونيا عودة طالبة مسلمة من أصول مغربية إلى مدرسة "جوان بويجفيرت" بعد طردها؛ بسبب حجابها في سبتمبر، بدعوى أن ارتداءها الحجاب يتنافى مع مبادئ العلمانية التي تقوم عليها المدرسة. وفي كندا امتدت أزمة حظر الحجاب إلى ميادين أخرى غير ميادين العمل والدراسة، وهو ميدان الرياضة بعد سلسلة قرارات أصدرتها هذا العام اتحادات رياضية وطنية، وخاصة في ألعاب التايكوندو والجودو وكرة القدم، بمنع لاعبات مسلمات من اللعب في البطولات الوطنية بزعم أن الحجاب يعوّقهن عن الأداء السليم خلال الممارسة الرياضية.