بالموازاة مع محاكمة ستة طلبة بمراكش ينتمون لفصيل النهج الديمقراطي القاعدي تم اعتقال الطالبة مريم باحمو من نفس الفصيل والشاهدة الوحيدة في قضية زهرة بودكور من منزلها بزاكورة وهي تحاول بكل جهدها إعالة عائلتها في أداء فاتورة الكهرباء... وعلى غرار الحروب القديمة والطاحنة بين الفصائل الطلابية،من مواجهات يكون العنف السمة الأبرزفي تحرير المواقع من قبضة فصائل لها باع طويل في الدفاع عن حرماتها.
ما وقع مؤخرا في المركز الجامعي المتعدد التخصصات بسلوان بين القاعديين وعناصر من الحركة الأمازيغية وتبادل الضرب والجرح والركض والقفز والتنابز بالألقاب على مرآى من عين السلطات التي تجيد مراقبة الوضع حتى اللحظات الحاسمة كما في العديد من المواقع الجامعية المغربية هنا وهناك.
يطلق أعضاء الحركة الأمازيغية لقبالجنجويد على القاعديين وبدورهم يطلق القاعديون على الأمازيغيين الشوفنيون وعلى قوى الإسلام السياسي بنعثهم بالخوانجيةوالمتأسلمينوثالوث الخيبة والظلاموعلى رفاق الشوهةبدلرفاق الشهداء على طلبة حزب الطليعة والتحرفيين بين القاعديين أنفسهم.
هذه الألقاب لاتنتهي وتتجدد كل يوم وتتداول بكثرة لها طعهما ومذاقها وظرفيتها الخاصة من منظور كل فصيل وشرعيته التاريخية وسيرورته النضالية.
هذه الألقاب بفظاعتها وجروحها وصورها الغارقة في القدحية والإحتقار تعكس قدرتنا وأحكامنا القيمية المسبقة في حل الخلافات وإدارة الأزمات بالنقاش الصاخب والمتعالي والعراك وتخطي الكثير من سبل النقاش العقلاني وعدم قدرتنا على الإنصات بشكل جيد واستخدام جميع الأسلحة والوسائل المباحة وغير المباحة دون التعمق في خطابات كل فصيل ودراستها بروية وتحديد معالمها الكبرى والتأمل فيها بشكل كبير واستخلاص العبر والدروس.
فمنذ الشهور الأولى لدخول الطالب للجامعة ينضم مسرعاإلى فصيل معين ويبدأ شحنه بطريقة هسترية تؤدي في كثير من الأحيان إلى دوامة العنف اللفظي والجسدي وتهم التشكيك المسبقة في نوايا الأخرين وقناعاتهم ومحاولة حسم الصراع لصالح فصيل معين دون سواه باعتباره يملكالحقيقة المطلقة.
تنتهي حروب الكلام لتبدأ حروب السيوف والسلاسل والساطورات والسكاكين الحادة والعصي والمقاليع والجزارين والخضارين ومع انتهاء الأذان وتكبيرة الصلاة تنطلق الغزوة وراء الغزوة لتحرير الحصن المنيع.
ظلت فاس و وجدة ومراكش قلاعا منيعة لفصيل النهج الديمقراطي القاعدي وبقيت الدارالبيضاء والرباط نقاطا ارتكاز مسترجعة من لدن فصائل الإسلام السياسي. وظل كل فصيل يحمل شهداؤهوينقح بعضا من تاريخه الشفهي بينما بقي القاعدويون وطلبة العدل والإحسان استثناء في المشهد السياسي برمته بنوع من التفرد والخصوصية. بالموازاة عملت السلطة على حياكة واجثتات فصائل معينة وانباث أخرى لم تعمر طويلا بفضل الأجهزة السرية وحدة الصراع على المواقع بين أطراف مختلفة.
ومع ذلك ظل هذان الفصيلان يرددان كل بنغمته وبطريقته الخاصة شعارهم المكثفالموت لايرهبنا والقتل لايفنينا...بنضال واستماتة خلف غياهب القضبان والمحاكماتالتي توصف بنظرهم بالصورية ينضاف لها طعم مذاقالقمع الممنهج والترهيب المستملح بغية تحقيق هدف أسمىتعليم شعبي وديمقراطي لم يتحقق في يوم من الأيام انضاف له الحظرالعملي على الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ليضع القاطرة برمتها كحجة وبرهانا ساطعا على هشاشة الوضع بأكمله.
وتخرج من الحرم الجامعي صور الدم المراق بين أروقة المدرجات والساحات التي تحمل شهدائها وكذلك بيانات ناريةتدين كل شيء ولاشيء وتحمل المسؤولية لما آلت له الأوضاع الجامعية من درس وتحصيل وهزال باد للعيون الحزينة. وحمل الأنترنيث ودخوله أيضا صورالشهداء والمعتقلين وبياناتهم وتاريخهم المختصر وأطروحاتهمالمستفزة ووجهات النظر المختلفة كباحة كبرى للحرية وحرج كبير للسلطة حينما يضعون صورهم ملطخة بالعار كقبور شاهدة على مجازر الدم من قبلالأواكس(الحرس الجامعي) وقوات التدخل وما ملكت أيمانهم.
وصلت صور زهرة بودكور ورفاقها وصديقتها المعتقلة مريم باحمو وقضيتهم إلى بقاع نائية من المعمور وتعاطف شعوب وأمم في سؤال كبير ما الذي يقع في الجامعة المغربية،أهي الهجمة الشرسةوالإنزلات المضادة والمباغتة التي لاتتوقف وحروب الكر والفر بين الفصائل وصراع القوي والضعيف بينهم وبين النظام أم هي شي أخر يظل حبيس جدران وأسوار الجامعات المغربية؟
حتما ستمكننا دراسات سوسيولوجية ونفسية للألقاب والشعارات وردود الفعل بين الفصائل فيما بينها وبين النظام من معرفة تاريخ أخر،مهمش إعلاميا و حاضر جماهيريا بقوة في القلوب التواقة للحرية ،يحمل الكثير من المعاني والدلالات عن السلطة والقمع والنضال في هذا البلد.