مقاربة عجيبة يلفها اللبس والغموض حينما يحتكم البعض إلى المبادئ الكونية و القوانين الإنسانية لتبرير مواقفه والدفاع عن شرعية أفكاره. حقوق الإنسان جزء من هذه القيم الإنسانية السامية التي نتوحد جميعا للدفاع عنها حينما نستحضر وحدة وجودنا الإنساني وقدرتنا على تجاوز الفوارق المانعة لاستمرار هذا الوجود. ما يجمعنا هنا هو نبل الأخلاق وإصرارنا على رفض أي خرق أو انتهاك لحقنا في أن نعيش أحرارا متساوون؛ أملنا في الحياة العيش الكريم والكرامة لكل البشر؛ ولكن ما يحز في النفس؛ أن أناسا حملوا أمانة الحفاظ على الحقوق ونفاجأ بأنهم هم من ينتهكها لا لشيء سوى أنهم يعتنقون أفكارا قد تختفي إن هم دافعوا عن حقوق الآخرين. إننا أمام نوع من البركماتية المقيتة التي لا يجب أن يبقى لها وجودا في زمن أبينا إلا أن يكون زمن الأمل والخير لكل الإنسانية. ولعل نزاع الصحراء مليء بنماذج تجسد كل أشكال الغرابة و التناقضات لأشخاص ينصبون أنفسهم على قمة هرم المدافعين عن حقوق الإنسان بينما يسعون في الوقت ذاته لوئد ما تحقق منها. لقد رأيت أناسا يسمون أنفسهم نشطاء حقوقيون في الوقت الذي لا يخفون فيه أنهم رعاة لخلفية سياسية؛ ويتشدقون في كل مناسبة بأنهم حماة لشعب لم يأذن لنفسه بأن يتحمل مسؤولية وجسامة هذه الكلمة؛ وهم أناس تعوزهم جرأة الحديث عن الحقيقة بأن هذا الشعب الذي يحاولون التحدث باسمه لا يحمل نفس الرؤى والطموحات التي يزايدون باسمها. إن من حق هدا الشعب الذي تعطون لأنفسكم أحقية التكلم باسمه أن يسائلكم في جرأتكم على مصادرة حقه في أن يختار أين يعيش وكيف يعيش ومع من يعيش، وعن أي شعب تتحدثون مادامت الرؤى تختلف والطموحات تتعارض، إنكم أمام مواطنين بعيدين كل البعد عن السياسة ما يهمم في وجودهم هو العزة والكرامة والسلم لهم ولكل البشر؛ مواطنين أفكارهم ترقى بنبلها عما يطبل له من يطلقون على أنفسهم نشطاء حقوقيون تحدوهم رغبة خفية في تحقيق مدارك سياسية لا تمت بصلة للحقوق في شيء ؛ إنكم بسلوككم هذا تمنعون جزءا عظيما من هؤلاء المواطنين الصحراويين من التعبير عن حقوقهم وتستفزون مشاعرهم لمجرد أن أيادي خفية تحميهم بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان وهدا هو ما يدينهم وينزع عنهم شرف المدافعين عن الحقوق. إن من لا ينصاع لقوانين الأمم ويسعى لاستفزاز مشاعرها ويمس معتقداتها ومقدساتها لا يستحق شرف لقب المدافع عن حقوق الإنسان؛ ومن ثم فان من حقنا كصحراويين لنا قناعتنا وآمالنا سواء اختلفت أو تقاطعت مع أبناء جبلتنا أن نساءل من يصر على التكلم باسمنا جميعا دون اعتبار لآرائنا واعتبار لانشغالاتنا ورغباتنا، وان يجيبنا على سؤال طالما ارق جفوننا : ما صفة هؤلاء الذين يتحدثون باسمنا ؟..