خرج علينا منذ أيام وزير الصحة بصرخة اعلامية وهو يقول بكلمة مختصرة سنقوم بسن قانون لمحاربة التداوي العشوائي بالأعشاب وستطلق عمليات تحسيس بخطورة هذه الظاهرة، مؤكدا على ضرورة محاربتها بعد تسببها في حدوث حالات تسمم نجمت عنها وفيات. كنت ممن ردو على التقرير الوطني لمحاربة التسمم في مقال نشر على عدة مواقع منها موقع هسبريس وهنا أردت سؤال السيد الوزير هل تعلم سيدي الوزير بأن بلدنا الحبيب يتواجد فيه أكثر من ثلثي ساكنته لا يتعالجون إلى بالنباتات الطبية ؟ أم أنك لا تعلم بأن التقرير الذي تكلم عنه سيادتكم لا يعتمد على أي أدلة موجهة لشخص العشاب بصفة خاصة ؟ أم تجهل سيدي بأن الميدان يحتاج لتقنين أكثر من الهدم ؟ أم أنك لا تعلم بأن العلاج بالنباتات والأعشاب ظاهرة من الظواهر العريقة التي استخدم في عهد الفنقيون والبابريون والصين وقدماء العرب ؟ إن العلاج بنباتات الطبية أو حتى الطب التكميلي بصفة عامة يعتمد على أسس وضوابط طبية قد يجهلها العديد من الناس بل الأكثر من ذلك قد يجهلون أن العلاج بنباتات الطبية هو موروث طبي منذ عصورنا البالية فقد مارس هذا العلاج عدد من الحضارات القديمة منها الفنقيون والبابريون والإغريق والصينيون وعرف هذا العلاج بالبديل. في تعريف بسيط نعرف السيد وزير الصحة الوردي بماهو العلاج النباتي وماهو هذا الموروث الطبي ؟ النباتات هي مجموعة رئيسية من الكائنات الحية، من أمثلتها الأشجاروالأزهار والأعشاب والشجيرات والحشائش وأيضا السراخس. النباتات هي مجموعة رئيسية من الكائنات الحية، تشتمل على نحو 300,000 نوع، من أمثلتها الأشجار والأزهار والأعشاب والشجيرات والحشائش وأيضا السراخس. النباتات. كان للأعشاب علاقة بالحضارات القديمة مثل حضارة قدماء المصريين التي تعود إلى أكثرمن 4000 سنة ق.م. حيث أن قدماء المصريين اعتمدوا في تحنيط جثث الموتى وحفظها من التلف على بعض النباتات مثل: الحنة والبصل والصمغ وخيار شمبر والمر واللبان ونشارة الخشب والكتان ونبيذ البلح. كما اكتشفت العديد من البرديات مثل بردية " هيرست" و " ايبرس" و" برليت" التي تدون وصفات لعلاج أمراض العيون والحروق وأمراض النساء والولادة وبعض حالات الجراحة والأورام وبعض الأمراض الخفيفة مثل علاج الإمساك والإسهال والديدان والقروح. وقد وجد العلماء أيضاً أسماء النباتات الطبيعية على النقوش التي وجدت على جدران المعابد مثل البلح والدوم والرمان والعنب والشعير والكتان وحبة البركة والداشورة وحب الفريز والعرقسوس وغيرها. وقد أحضروا نبات المر من السعودية والصومال ليزرعوه بمصر، وقد عثر على الفجل في بعض مقابر الأسرة الثانية عشرة حيث عرف أنهم كانوا يستعملونه كقطرة للأذن. كذلك الصينيون القدماء الذين تفردوا في تجريب التداوي بالأعشاب على أنفسهم أولاً قبل تجريبها على الحيوانات، وظهر ذلك في منهج " شن تونغ " حوالي 2200 ق.م. الذي ألف كتابه المعروف بإسم " بن تساو" وقد كشف فيه أن نبات الأفدار هو نبات منشط ومدر للعرق. استخلص منه العلماء ماء الأفدارين في الطب الحديث، وأدخلت في ما بعد في العديد من المستحضرات. فلما لا نحارب سيدي الوزير تلك الأدوية الكميائية التي إن عالجت مرضا سببت أمراضا وخيمة وأخطار جسيمة. لما لا نحارب سيدي الوزير تلك الأدوية الكميائية التي تستعمل كمقويات جنسية وتباع في الصيدليات المغربية وهي التي تسبب أمراض لا يحمد عقباها مثل القلب وتصلب الشرايين فهل يخفيكم علما سيدي الوزير أن ثلثي الأدوية الموجودة بالصيدليات ضمن تركيباتها أعشاب طبية . اليس من المنصف أن نعامل الإنسان كأنه انسان وليس مجرد ألة. لعلك سيدي الوزير تجهل أن ثلثي المغاربة يستعملون الأعشاب في وجباتهم الرئيسية , فهل سوف نمنع عنهم هذه الاستعمالات ؟ أقول لسيدي الوزير هل يمكننا ضرب هذه الظاهرة العريقة بعرض الحائط ؟ سؤال أجيب عنه ببساطة إن العلاج بالنباتات الطبية والموروث النباتي لا يحتاج منا إلى محاربة بأكثر من أنه يحتاج إلى تقنين يشمل العشابين واللقاطون والمجففون وصانعو الأدوية العشبية , نقفة وقفتا شامختا اليوم أمام العلم كدولة مغربية يعتبرها العالم من أهم الدول تصديرا للنباتات الطبية والأعشاب ويشهد التاريخ منذ العصور على تربت أرضنا التي تجعل من أعشابنا الأحسن تركيبا وحتى تطبيبة فلما العجلة ؟ وهنا يجب تنبيه السيد الوردي على أن المغرب يتواجد فيه عدد مهم من العشابين والمعالجين الأكفاء والذي يحملون خبرة ميدانية تزيد عن 30 سنة ضحوا فيها بالغالي والنفيس وقدمو فيها بحوثا ولعدم توفر بلادنا على مراكز متخصصة لدراسة مثل هذه التخصصات لا تزال إلى اليوم بحوثهم مطوية ومصفوفتا على مكاتبهم. إن ميدان الأعشاب لا يحتاج لحرب منسقة في طياتها الكثير من التساؤلات بل يحتاج لتقنين يشمل كل التخصصات وقد حان الموعد للاعتراف بهذا المجال البحثي والعلمي لما نراه من تقدم ملموس لدى المتخصصين في هذا المجال ولا يمكننا إنكار الدور الذي تلعبه المدارس التكوينية والتدريبية في هذا المجال وما يعلبه الدكاترة المغاربة المتخصصين في علوم النباتات فماهو الحل في نظر السيد الوزير ...هل المحاربة أم التقنين ؟ • أخصائي الطب التكميلي