دعا موسى لشهب رئيس الجمعية الوطنية للعشابين المخضرمين والمتجولين بالمغرب، إلى تقنين مجال التداوي بالأعشاب، وقال لشهب في حوار مع "التجديد" "هذا ما ندعو إليه دائما حتى لا تباع الأعشاب أمام المساجد وفي محلات غير مراقبة" وأضاف أن الجميع متواطيء حتى لا يتم تقنين هذا القطاع، وتوقع المتحدث أنه بمجرد ما سيتم الإعلان عن هيكلة مجال العلاج الأعشاب الطبية "ستظهر ضجة كبيرة من طرف لوبيات تستفيد من الفوضى الموجودة وتبيع للناس مواد مغشوشة". وقال الكاتب العام لنقابة شغيلة الأعشاب بالمغرب إنهم متفقون مع وزارة الصحة في وقف بث البرامج الإذاعية التي تقدم وصفات عبر الأثير ، مضيفا "لايمكن تقديم وصفة دون معاينة المريض" . * كيف تفسرون الاقبال المتزايد للمواطنين على التداوي بالأعشاب الطبية؟ ** هذا الاقبال ليس جديدا بل هو أمر حاصل منذ عصور متقدمة، فعلاقة الانسان بالأرض معروفة ومتجذرة، ومن حسن حظنا ان الله تعالى خلق في الأرض المغربية عددا مهما من النباتات التي تستعمل في التداوي من العلل والأمراض المختلفة. ولا تخفى اهمية الاعشاب على احد وهذا ما تؤكده السيرة النبوية في عدة احاديث والتي تربط بين النظام الغذائي والدواء، وقد نظم الإمام علي أبياتا شعرية جعل فيها الطب مقرونا بالنظام الغذائي والحجامة والأعشاب، قال فيها تَوَقَ مدى الأيام إدخال مطعم * على مطعم من قبل هضم المطاعم وكل طعام يعجز السن مضغه * فلا تقربنه فهو شر لطاعم ووفر على الجسم الدماء فإنها * قوة جسم المرء خير الدعائم وإياك أن تنكح طواعن سنهم * فإن لها سماً كسم الأراقم وفي كل أسبوع عليك بقيئة * تكن آمناً من شر كل البلاغم فاستعمال الاعشاب مرتبط بوجود الإنسان على وجه هذه البسيطة، لكن المشكل في أيامنا أن البعض تصدر للحديث عن الاعشاب بدون علم، بينما بدأ البعض يروج أنها سامة وتقتل ويجهلون أن الأعشاب لن تكون كذلك إلا إذا تم تناولها بكمية كبيرة أو بطريقة غير سليمة. * هناك ضجة حاليا ضد التداوي بالاعشاب وصلت الى البرلمان ووزير الصحة تحدث مؤخرا عن حصيلة التسممات سنة 2013، كيف تنظرون الى هذا الأمر وكيف تفسرون حدوث هذه التسممات؟ ** هذا موضوع كبير وضخم، والسؤال المطروح: هؤلاء الذين تسمموا أو ماتوا نتيجة تناول بعض الأعشاب كيف وقع لهم، ذلك وعلى يد من؟ هل على يد من يسمون "العرافات" أو "العطارين" الذين يبيعون الأعشاب بطريقة عشوائية. الأعشاب والنباتات مثل الإنسان لها أمد حياة وتموت بعد مدة معينة، فبعض الأعشاب عندما يتجاوز تخزينها مدة معينة تصبح سامة رغم أنها أعشاب طبية في الأصل. لذلك التوعية ضرورية سواء في صفوف المواطنين أو بائعي الأعشاب الطبية الذين عليهم مراقبة مخزونهم من الأعشاب باستمرار والتخلص من تلك التي تجاوزت عمرها الافتراضي وأصبحت سامة. فالمشكل ليس في الأعشاب وقول البعض إن شخصا تعرض للتسمم بعد تناوله الزعتر لا أساس له من الصحة لأن المشكلة ليست في نبتة الزعتر، ولكن في مزجها مع نبتة أخرى حارة فيصبح المزيج ساما أو كأن يمزج البعض نبتة "مرددوش" وهي عشبة نسائية بامتياز مع نبتة اخرى سامة دون علم ويقول انه تعرض لتسمم. كما أن الغش كما هو موجود في الصيدليات موجود أيضا في مجال الأعشاب، وكما أن كثير من الأدوية تسببت في أمراض وسرطانات لدى مستعمليها كما أظهرت ذلك عدد من الدراسات ما جعل مصنعيها يسحبونها من الأسواق، يوجد نفس الأمر في مجال التداوي بالأعشاب والتداوي بالطب البديل، وأنا شخصيا ضد أولئك الذي يبيعون أعشابا صحية دون أن يعرفوا استعمالاتها وفوائدها وأضرارها فالمؤهلات مسألة ضرورية، لذلك ندعو دائما إلى تقنين هذا المجال وإلى تكثيف المراقبة لحماية صحة المواطنين. * في نظرك، ما هي المؤهلات التي ينبغي أن تتوفر فيمن يقدم وصفات للتداوي بالأعشاب؟ ** أولا الاجتهاد في دراسة فوائد الأعشاب، والتكوين المستمر، وأن لا يتم وصف الأعشاب الطبية لأي شخص بل ينبغي أولا معرفة حالته الصحية العامة، هل ضغطه الدموي مرتفع أم لا؟ هل هو مريض بالسكري؟ لذلك نطلب توفير الوسائل والتنسيق مع السلطات من أجل تكوين العشابة بشكل مستمر، كما ينبغي التركيز على محاربة المتطفلين على الميدان والذين يسيئون إلى المهنة وكذلك الذين يستوردون أعشاب من الخارج في حين يتوفر المغرب على ثروة نباتية نادرة. * هل تنسقون مع وزارة الصحة ومندوبياتها في بعض هذا المجال؟ ** في الحقيقة نريد ذلك ولكنهم لا يلبون الطلب، نحن كجمعية ننسق فقط مع المشتغلين في البحث الزراعي، هؤلاء يشرفون على تأطير "العشابة" وتكوينهم في الأعشاب الطبية. * ما رأيكم في البرامج الإذاعية التي تقدم وصفات مباشرة للمواطنين لعلاجهم من أمراض معينة؟ ** نحن ضد هذه البرامج. لماذا؟ لأنه لا يمكنك أن تعطي وصفة دون معاينة المريض، فالأشخاص المتصلين يتحدثون مثلا عن وجود ألم في جنبهم، لكنهم لا يستطيعون تمييز مكان الألم بدقة، مثلا لا يفرقون بين البروستات والنبولة، وهناك من لا يفرق بين السياتيك وعرق النسا. * إذن أنتم تتفقون مع وزارة الصحة في دعوتها لوقف مثل هذه البرامج؟ * أنا ضد هذه البرامج وينبغي أن يتوقف بثها، وأنا مع وزارة الصحة في هذا الطرح، وقد قلت مرارا وقبل وزارة الصحة أنني ضد هذه البرامج وضد إشهار الأعشاب غير المغربية والوصفات عبر الأثير. * ما الحل في نظرك للحفاظ على صحة المواطنين في ظل الإقبال الملحوظ على استعمال الأعشاب؟ ** أولا نحن مع التقنين، وهذا ما ندعو له دائما حتى لا تباع الأعشاب أمام المساجد وفي محلات غير مراقبة، وأقول أن الجميع متواطئ حتى لا يكون التقنين لأنه بمجرد ما ستبدأ عملية هيكلة القطاع ستظهر ضجة كبيرة من طرف لوبيات تستفيد من الفوضى الموجودة وتبيع للناس مواد مغشوشة. ثانياا ينبغي التركيز على التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وليس بث برامج تقدم وصفات تضر بصحة الناس فهذه ليست برامج توعوية.