في ساحة عمومية، أو في حديقة يجتمعون، يجلسون القرفصاء ويقومون باستدعاء روح الفلاسفة الراحلين. يحضر أفلاطون وهيغل وسقراط وديكارت وغيرهم. هم شباب مبادرة "الفلسفة في الزنقة"، وهي مبادرة شبابية مغربية أطلقها طلاب ينتمون إلى "اتحاد طلاب من أجل تغيير النظام التعليمي"، قرروا إخراج الفلسفة من حجرات الثانويات والجامعات إلى الشارع. وبعد أن بدأت الفكرة فقط في العاصمة الرباط توسعت لتشمل مدنا مغربية أخرى كطنجة وتطوان وفاس وتزنيت والحسيمة والدار البيضاء. تصالح مع الفلسفة "تأتي هذه المبادرة كفرصة للتصالح مع الفكر الفلسفي، الذي أصبح بالنسبة إلى كثير من الشباب مادة تعليمية مرعبة"، يقول أنس حمام أحد مطلقي هاته المبادرة في لقاء خاص مع "هنا صوتك". ويضيف: "تستهدف 'الفلسفة في الزنقة‘ (الفلسفة في الشارع) رفع الوعي لدى الناس عن طريق تمكينهم من مناقشة موضوعات فلسفية متنوعة". أعجب الطلبة الذين أطلقوا الفكرة بالفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفراي وقرروا 'مغربة‘ تجربة الجامعة الشعبية. "مبادرتنا تهدف لأن تكون فضاء للحوار حيث وحدها البراهين هي من تحكم. هذا يسمح للناس الاستفادة من أفكار جديدة"، يضيف أنس حمام. تيمات متنوعة ناقشت "الفلسفة في الزنقة" في شهورها الأولى، تيمات فلسفية متنوعة من قبيل الحب والوعي والسعادة والمادية والدين. يقوم النشاط الذي يعكف الشباب على تنظيمه كلما سنحت الفرصة على أن يقوم أحد الشباب بالتطوع لإلقاء تقديم حول الموضوع الذي تم اختياره للنقاش لمدة نصف ساعة. بعدها يتم فتح الباب أمام مداخلات الحاضرين والنقاش. "كل شهرين نختار موضوعا عاما يمكن أن يكون مثلا الفلسفة اليونانية. وخلال مدة الشهرين ننظم أربع ورشات للفلسفة في الشارع من خلال اختيار موضوعات لها ارتباط بالتيمة العامة التي اخترناها. وفي نهاية مدة الشهرين ننظم ندوة كبيرة يسيرها مفكر مغربي"، يضيف حمام . عند نهاية كل نشاط يتوصل الشباب المشارك إلى استنتاجاته الخاصة، فبخصوص موضوع "السعادة" على سبيل المثال، طرح المشاركون أسئلة عديدة مثل: هل ترتبط السعادة بالرضا عن الذات؟ هل السعادة مصدرها الدين والروحانية؟ وبما أن السعادة مفهوم نسبي وغير محدد فإن كل فرد توصل إلى مفهومه الخاص بالسعادة. منع ورغم أن هاته المبادرة تبقى فكرية وثقافية خالصة، فقد منعت السلطات المغربية في أكثر من مناسبة تجمعات شباب "الفلسفة في الزنقة" وقامت بتفريقها بمبرر أنها تجمهرات غير مرخصة. "قبل خمسة أشهر حاولت القوات العمومية منع نشاط نظمناه. كان الموضوع هو الحب، لكننا صمدنا ورفضنا المنع وفي نهاية المطاف انسحبوا"، يشرح أنس حمام. * ينشر هذا التقرير بالاتفاق مع هنا صوتك