المفكر المغربي الدكتور محمد سبيلا منارة بارزة في مشهدنا الثقافي ، ارتبط اسمه بالبحث العميق في سؤال الحداثة و الحاجة إلى الفلسفة ، إنه عاشق للشغب الفكري، راغب أبدا في النقد والمساءلة، لا يركن إلى الجاهز من الأفكار والطروحات، داع دائما إلى خلخلة ومداعبة المفكر واللامفكر فيه..تراه حينا «يتسكع» بوعيه الشقي بين «مدارات الحداثة» وحينا آخر بين أروقة «النحن» و «الآخر» .. والغائب والآن وغدا... يطوع المفاهيم عبر اشتغال غير عاد يهفو إلى الارتواء الفلسفي.. فهل تراه ارتوى ...؟! ها قد ترجم أستاذنا محمد سبيلا الفلسفة والسياسة لالتوسير، نظام الخطاب لفوكو، الأسس النفسية للتحليل النفسي لاسون.. وكثير من النصوص المتعلقة بالحداثة والمعرفة والطبيعة والثقافة واللغة و حقوق الإنسان باشتراك مع زميله في «النضال الفكري» الدكتور عبد السلام بنعبد العالي... وألف أيضا "مدارات الحداثة» و»الإيديولوجيا» و»الحداثة والسياسة» و»للسياسة بالسياسي» و»حقوق الإنسان والديمقراطية».. والبقية تأتي فهل تراه ارتوى؟ ففي لقاء حميمي قلما تجود به الصدف في مشهدنا الثقافي – جمعنا بالدكتور محمد سبيلا، تأكد لنا قويا بأن السؤال الفلسفي تحديدا غائر في أعماقه، و هو ما يجعله منحازا أبدا إلى البحث والاجتهاد واقتراف «جرم التساؤل».. فهنيئا له بهذا الجرم «الرائع» وإليكم قراءنا الأعزاء وقائع هذا اللقاء. الحداثة... وما بعد الحداثة إذن هناك حذر بارز في التعامل مع الحداثة، وأكيد أن سؤال الحداثة يندلق بنا نحو أسئلة أخرى أكثر غموضا ومن بينها سؤال ما بعد الحداثة الذي يعتوره إبهام كبير... هلا أوضحتم لنا دكتور سبيلا بعض تجليات هذه الحداثة المابعدية؟ نحن نعيش أحيانا صراعات فكرية وموضات قبل أوانها، مشكلة ما بعد الحداثة لم تحسم في أوروبا نفسها وفي الغرب في أمريكا، هناك تيارات تقول بأننا دخلنا عصر ما بعد الحداثة، بمعنى أن الحداثة انتهت، وهنالك تيارات تقول بأن الحداثة لم تنته وبأن الحداثة مشروع لم يكتمل كما يقول «هابرماس» وبأنها حبلى بالمفاجآت وبأنها لم تقدم كل عطاءاتها إلى حد الآن. هناك صراع قوي وبالخصوص في ألمانياوأمريكا وهناك تجاوب في النقاش بين ما يجري في العالم الجرماني وبين ما يجري في العالم الأنجلوساكسوني. فالعالم الجرماني يتجه إلى القول بأن الحداثة لم تنته وبأن ما بعد الحداثة ليس إلا مرحلة ثانية من الحداثة، إنها حداثة بصرعة ثانية أو لحظة أعمق من الحداثة، لحظة تعمق فيها الحداثة منطقها العدمي واللانمائي والقائم على فسخ الهويات وطمس الحدود. والمعلمة الأساسية في هذا النقاش هو كتاب هابرماس «الخطاب الفلسفي للحداثة» الذي شكل أحد اهم الكتابات الفلسفية في هذا الباب منذ سنة 1985. فهابرماس يهاجم اليسارية الفرنسية لسان الفكر الفرنسي المنحدر من «نتشه» و»هيدغر» ويقول أن هذا اليسار الذي يلتقي أحيانا بنوع من اليمين الفوضوي كلاهما يهاجم الحداثة، وهذا في نظره امتداد للتيارات التي ناهضت الأنوار، بمعنى أنه على الساحة الفكرية لا يزال هناك صراع بين دعاة العقلانية ودعاة الأنوار والحداثة المتحمسين لها وعلى رأسهم هابرماس، وكذا فيلسوف ألماني معاصر اسمه «لوبا». ففي كتاباته الأخيرة دفاع حر عن الحداثة، وأفكار ما بعد الحداثة تظل مجرد صرعة مبهمة تحيل إلى مفهوم المجتمع ما بعد الصناعي. ولكن الملاحظ بأسف كبير هو أن الطلائع الفكرية والثقافية للمجتمع المتمثلة في المبدعين من مختلف المجالات يتأثرون بآخر الصرعات في الغرب وينقلونها لثقافة ما زالت تحبو على عتبات الحداثة، ومن حقهم ذلك، ولكن لا يجب عدم الوقوع في الخلط بين التواريخ، فمجتمعنا ما يزال مجتمعا تقليديا يصارع من أجل الدخول إلى الحداثة أو يتصارع فيه التقليد والحداثة بدرجات متفاوتة. ولكن النخب تنفصل عن المجتمع وتعيش تجربة ثقافات أخرى وتصطنع صرعات أخرى – وهذا من حقها- ولكن يبدو أنها تجعل نفسها في منأى عن حركية المجتمع وحركية التاريخ بمسافات طويلة جدا. سؤال الحداثة: بداية وامتداد سؤال كنت أود أن أطرحه عليكم في بداية هذا اللقاء. ولكنني آثرت إرجاءه إلى هذه اللحظة التي بدأنا نكتشف فيها بعض ملامح الحداثة.. وهو كالتالي.. لماذا هذا الانشغال الواضح بالحداثة.. أكيد ما ترقد خلفه أسباب ذاتية وموضوعية، ما هي إذن؟! عندما أفكر في حدود هذا الموضوع، أجد أن طفولتي عشتها في البادية، وفي فترة معينة قبل أن ينفي الاستعمار والدي إلى الدارالبيضاء، بدأت تظهر آلات حديثة (سيارة، محراث، مضخات..) فمنذئذ وأنا أتساءل عن وصول هذه الآلات التي داهمت مجتمعنا القروي البسيط، وعلى كل فقد كان استقبالنا كمجتمع تقليدي للتقنيات الحديثة استقبالا ميتولوجيا واستقبالا لا يخلو من غرائبية. والوثائق التاريخية تبين مدى الانشداه الذي أخذ المغاربة وهم يتعرفون على الآلات الحديثة فهذا على المستوى الشخصي، وعندما التحقت بشعبة الفلسفة، فقد كانت الأشياء التي تستهويني هي الأشياء الحديثة، وبماذا يتميز الحديث عن القديم؟ فالتساؤل حول الحداثة هو تساؤل ثقافي وميتافيزيقي في آن واحد، فللحداثة سماتها الميتافيزيقية، وهذا هو ما استطعت التعرف عليه في الدراسات والفلسفة الألمانية، ميتافيزيقا الحداثة عند هيدغر، فالحداثة ليست فقط أدوات وتقنيات وأنظمة.. بل إنها ميتافيزيقا كاملة ويسميها هيدغر بالميتافيزيقا الذاتية والنزعة الإنسانية. إذن فأسئلة الحداثة، والحديث والتقليدي، كانت دائما تثيرني وتستفزني دون أن أجد الإطار الفكري لطرحه إلا بعد أن خطوت خطوات في درب الفلسفة، والآن أستطيع أن أقول فقط وجدت نفسي. الراهن الفلسفي إذن هنيئا لكم على هذا الإبحار في عوالم الحداثة، دكتور سبيلا من خلال اشتغالكم بقسم الفلسفة بكلية الآداب بالرباط ومشاركتكم الفاعلة في كثير من الإطارات الجمعوية المنشغلة/المشتغلة بالفلسفة، أكيد أن لديكم تقييما «واعيا» للوضع الفلسفي بالمغرب، خصوصا وأن سمعنا في الآونة الأخيرة عن معاول الهدم والتقويض التي تستهدف الدرس الفلسفي. فكيف تقيمون وضعية الفلسفة بالمغرب؟ وضعية الفلسفة بالمغرب هي جزء من وضعية الفلسفة بالعالم العربي الإسلامي، فالفلسفة ظل ينظر إليها دائما على أنها بضاعة غربية، على أنها نبتة إغريقية دخيلة في ثقافتنا، وبالإضافة إلى ذلك فقد اتهمت دوما بالزندقة وبالإلحاد لأن الخطاب الفلسفي هو خطاب يختلف في منطلقاته، في بنيته الاستدلالية عن الخطاب الديني، لأن هذا الأخير هو خطاب مسلماتي ومعتقداتي وبالتالي فهو خطاب راسخ في النفوس ويقدم أجوبة قصوى حول الإنسان والمصير والحياة والموت.. في حين نجد أن الخطاب الفلسفي يتموقع في خط مناقض للخطاب الديني ولأي خطاب إيديولوجي، فهو لا ينطلق من مسلمات بل هو خطاب تراجعي كما يقول أحد الفلاسفة، أي أنه خطاب إنكاري، استفهامي، تساؤلي، تشكيكي، إلى حد ما، وهذه هي التهمة الأبدية للفلسفة وكونها ليست علما للحقائق بقدر ما هي تساؤل، والفلاسفة دوما ومنذ سقراط يفتخرون بالحوار والنقاش والشك والتساؤل. فالكيان الفكري والنظري للفلسفة من حيث أنها فن جدال ونقاش يضعها في تعارض مع الخطاب الديني، ويضعها أيضا في تعارض مع خطاب الشعب لأن الخطاب الشعبي هو تبسيطي بالدرجة الأولى، فالإنسان العادي ليس لديه وقت للتفلسف أي وقت للتفكير المعمق والبحث عن النتائج القصوى، ولذلك فرجل الشارع دائما يتهكم على الفلسفة ويقول « باركا من التفلسيف «. فنمط الحياة الفلسفية يتعارض مطلقا مع نمط الحياة العادية.. فالتفكير ليس صفة طبيعية في الإنسان والتفكير مضاد للطبيعة البشرية، فالناس ميالون إلى الاستدفاء ببعضهم، إلى الأحاديث الجماعية، ولكن التفكير هو فعل جهاد شخصي، يتطلب الانعزال عن الجماعة، يتطلب التحلل من هذا الانصهار الجماعي والغوغائية الجماعية، ولهذا ستظل هناك عداوات دائمة ومستحكمة بين الفلسفة وكافة أشكال الاعتقاد سواء الايديولوجي أو الديني. وهذا شيء موجود في كافة المجتمعات البشرية إلا أنه في مجتمعاتنا العربية اتخذ صيغة حادة، فتاريخنا العربي الإسلامي مليء بأشكال الإجهاز على الفلسفة وتحقير أصحابها، وفي تاريخنا المغربي هنالك وقائع تثبت أن السلاطين في غير ما مرة حرموا تدريس الفلسفة والمنطق في جامعة القرويين، والمعلمة الكبرى محملة على الفلسفة بالمغرب كانت في الثمانينات عندما فتح السيد عز الدين العراقي – وزير التعليم آنذاك- النار على الفلسفة ومنع الكليات الجديدة من فتح شعب خاصة بالفلسفة. ومنذئذ والفلسفة تعيش حالة استثناء ثقافي، ونحن نعتقد أن التقادم الذي حصل في هذه المسألة لا يلغي حق الفلسفة في أن تكون قطاعا فكريا رسميا معترفا به: فالفلسفة ليست وحدها التي تنتج العاطلين، ولهذا فلابد من طرح مسألة الفلسفة بمنظور حضاري أي من حيث أن الفلسفة حاجة حضارية، أي الحاجة إلى تفكير شمولي يطرح القضايا الكبرى في منظور واسع، فالفلسفة ما زالت تتوفر على القدرة على الرؤية الشمولية وعلى الاستشراف والخوض في قضية الحداثة وغيرها.. الحاجة إلى الفلسفة إذن حاجتنا للفلسفة والسؤال الفلسفي ما تزال ملحة؟ نعم. فهذه المسألة طرحها « هيغل «، فالحاجة إلى الفلسفة صارت أكثر إلحاحا باعتبار أن الحداثة التقنية داهمت ألمانيا منذ ذلك الوقت وأحدثت شروخات كبيرة في المجتمع وفي الثقافة، فالحاجة إلى الفلسفة إلى حاجة شيء يجمع هذا الشتات ويفكر فيه وينظر إليه، وهي حاجة موضوعية إلى تفكير شمولي معقد. ولهذا فالفلسفة لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤها من خريطة الانشغالات الإنسانية. شروط الإبداع الفلسفي هي حاجة ملحة إذن خصوصا في ظل مجتمع يعاني من أمراض اجتماعية وثقافية كثيرة، وبعد أن اجتاحنا هذا اللامعنى السديمي، لكن ثمة سؤال يفرض نفسه أيضا بإلحاح وهو يتعلق بإنتاج الفكر الفلسفي، فهناك بعض الآراء التي تقول بأننا لا نقابل إلا استنساخا في الكليشيهات وأن مسألة الإبداع الفلسفي تعيش مرحلة النكسة.. ما رأيكم دكتور سبيلا في هذا الذي يثار آنا حول الراهن الفلسفي؟ علينا أن نعرف أولا بأن الفلسفة ليست قصيدة شعرية يمكن استظهارها في ظرف وجيز، إن الفلسفة هي تراث فكري ضخم للبشرية، وأثناء تعاطينا للفلسفة يتعين استدراك الفوات التاريخي القديم، فالعرب القدماء لم يترجموا جميع أعمال أرسطو وغيره من الفلاسفة الإغريق، ونحن في العصور الحديثة لم نترجم كانط وديكارت، فهذه جبال شامخة من الأفكار البشرية العامة، جبار وغابات من الأفكار لم تستوعبها بعد ثقافتنا فنحن لا نتوفر على متن كامل لديكارت أو هيغل أو كانط أو هيدغر أو برغسون.. ولهذا فنحن مطالبون في البدء باستدراك هذا التأخر، ويمكن أن نقضي قرونا من أجل استيعاب وترجمة ما سبقنا وما فاتنا. وبعد أن يكون هذا التراث الضخم قد تمثل في لغتنا العربية وأصبح سائدا فيها يدرسه الطالب منذ سنواته الأولى، اذاك يمكن أن نتحدث عن جيل الإبداع الفلسفي، لأننا لا يمكن أن نصل إلى مستوى الإبداعية في الفلسفة ما لم نصل إلى المستوى العالمي بالاحتواء والفهم الشامل للتراث الفلسفي العام. أما الآن فهذه الجهود الفردية التي يقوم بها فلان وعلان فهي ليست إلا لسد الفراغ بترجمة هذا النص وتدريب اللغة العربية على فكرة التعالي والالتزام والحداثة والحرية. وكثير من القضايا التي تشتغل بها اللغات الأخرى وتدربت عليها وطورت نفسها عبرها.مثلا، فأجدادنا تفاعلوا مع الفكر اليوناني وترجموا كتاب السياسة والبلاغة.. ولكن التراث اليوناني لم تستوعبه اللغة العربية بعد، وربما تعتبر لغتنا من اللغات المتخلفة في هذا الباب مقارنة مع اللغات الأخرى إننا في حاجة إلى استقبال هذا التراث الفكري الضخم كي نتحدث عن إبداع فلسفي معين، ومع ذلك فهناك اجتهادات قليلة وهذا شيء طبيعي ما دامت الفلسفة تعاني من تضييق، فهي ما زالت محصورة ومحاصرة في جامعتين، وهناك قليل من الأساتذة في الثانوي والذين يدرسونها في شروط يعرف الجميع مدى رداءتها. فمسألة تحقيق تقدم فكري في مجال الفلسفة هو وليد إرادة مجتمعية، فلو أراد المجتمع في شخص إرادته السياسية أن يطور هذا المجال، لفتح الباب على مصراعيه أمام الدراسات الفلسفية وأوفد بعثات إلى الغرب للتعرف على آخر المنتجات في هذا الميدان. ولكن هذه أمور لم تحدث بل الذي حدث هو تنامي درجة معاناة الفلسفة بالمغرب من تهمة سياسية خطيرة، فقد اتهمت دائما بأنها مفرخ للحركات الماركسية واليسارية... هذا يعني ان شروط الإبداع الفلسفي لدينا مازالت غير متوفرة؟ هي فعلا صعبة، ولكن بالرغم من ذلك فهناك اجتهادات، لدينا أناس يترجمون ترجمات جيدة، عندما يتطرقون لمفهوم معين عند مفكر معين نجدهم يتقنون عملهم، فهؤلاء يجتهدون ويكدون في ظروف مناهضة للتفكير الفلسفي.. إذن يمكننا أن نتحدث عن الإبداع الفلسفي عندما يكون لدينا آلاف المشتغلين في هذا الحقل، وعندما يكون مجتمعنا قد وفر حرية التفكير والتعبير والاعتقاد والتي تعتبر شروطا أساسية لا يمكن للفلسفة أن تزدهر بدونها، ولكن في ظروف الرقابة المجتمعية والسياسية والإيديولوجية فمن الصعب الحديث عن إبداع فلسفي. نحو السيطرة التقنية.. سؤال يتخذ بعدا مستقبليا آثرت أن أتركه للنهاية.. وهو كالتالي: ما الذي تتوقعونه دكتور سبيلا للفلسفة في القادم من الأيام؟ هل الأمر يدعو إلى التفاؤل أم إلى الإغراق في التشاؤم؟ حركة التاريخ الفكري تتجه نحو العلم في العصر الحديث بمعنى التخصص، وتحليل هذه المسألة من زاوية الحداثة، يفضي بنا إلى القول بأن مظاهر الحداثة هو استقلال العلوم، وتفرع العلم الواحد إلى عدة علوم. فاليوم كل علم هو مجموعة علوم صغيرة، وبالنسبة للفلسفة فالعلوم هي أشكال التفكير التقني (ضبط الظاهرة، رصدها، تقطيعها، وضع فرضيات واختيارها، استنتاجات..) فمن الزاوية الفلسفية يمكن أن نقول بأن هناك تحويلا للفكر إلى تقنيات، وبذلك يحصل تحول في مجال الفكر من فكر تأملي انتقادي تساؤلي تشكيكي تقييمي إلى فكر مقنن ذي قواعد ومناهج.. فالاتجاه إذن هو نحو سيطرة التقنية على مجال التفكير فمسألة التخصص التي ترفعها العلوم هي طغيان التقنية على أشكال المعرفة والتفكير، لأن المعرفة في إطار الحداثة لم تعد معرفة تأملية حرة خالصة وغريبة النتائج بل هي معرفة مسخرة للسيطرة على الموضوع الذي يراد معرفته، إنها سيطرة وقدرة وليست تفكيرا وتأملا حرا. فالصراع في العمق هو بين نمط التفكير التقني، الذي غزا العالم وأشكال تفكير غير كمية وغير تقنية، وليس هدفها هو السيطرة والتحكم في العقول..فشكل المعرفة الحديث هو السيطرة التقنية حسب معرفة كمية ميكانيكية أو آلية لا غائية لا تستهدف تحرير الإنسان بل تستهدف أساسا السيطرة عليه. ففي العمق الفلسفة هي هذا البديل، والتفكير الفلسفي مازال يطرح البديل ويشخص أيضا ويقول بأن التفكير الذي ينتصر هو تفكير تقني باسم العلوم الإنسانية والدقيقة في كافة المجالات. عن «موقع حرية السودان»