اتسعت رقعة المواجهات أمس بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية وآلاف الفلسطينيين الذين خرجوا إلى شوارع وأحياء القدس ومدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة، ولاحت في افق هذه المواجهات معالم انتفاضة ثالثة، واندلعت مواجهات بين مئات الشبان الفلسطينيين وقوات جيش وشرطة الاحتلال الاسرائيلي التي انتشرت بأعداد كثيفة في القدسالشرقية. ووفق مصادر طبية مقدسية فإن 100 جريح اصيبوا برصاص الاحتلال وقنابل الغاز و67 اعتقلوا خلال المواجهات القدس، أكثر من نصفها في بلدة العيسوية لوحدها، تم علاجها في مستشفيات القدس، كما تم اعتقال أكثر من عشرين شابا وفتى خلال المواجهات في العديد من أحياء المدينة المقدسة. وكانت قوات الاحتلال اعتدت على المصلين في منطقتي باب العامود والأسباط. وقال شهود عيان إن قوة من جنود الاحتلال اقتحمت منزلاً في البلدة القديمة واعتدت على أفراد العائلة وأصابت ستة من أفرادها بجروح مختلفة. وتعرض ثلاثة مصورين صحفيين أجانب لإصابات، جراء قنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع. وانتشرت المواجهات في حي الطور أو جبل الزيتون المُطل على القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك. وامتدت المواجهات إلى حي الصوانة القريب من حي الطور ومن أسوار القدس القديمة. كما دارت مواجهات عنيفة في بابي الأقصى "الناظر" و"الحديد" حيث اصيب شاب بالرصاص. أما في منطقة العيسوية ووادي الجوز، فقد وقعت مواجهات عنيفة اطلقت خلالها الشرطة وحرس الحدود الاسرائيلي النار في الهواء لتفريق المتظاهرين. وقالت جمعية المسعفين العرب وجمعية الهلال الأحمر إن إصابات كانت بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وإن جنود الاحتلال رفضوا في العديد من الحالات للمسعفين تقديم العلاج والتدخل لإسعاف المُصابين، بل أكثر من ذلك فقد اعتدى جنود الاحتلال على عدد من المسعفين. ونشرت الشرطة الاسرائيلية منذ ساعات صباح الأمس 3000 عنصر في القدسالشرقيةالمحتلة تحسبا لوقوع مواجهات، بعدما أعلن الفلسطينيون عزمهم التظاهر احتجاجا على تدشين "كنيس الخراب" الذي أعيد ترميمه في البلدة القديمة ودفاعا عن القدس بعدما أعطت الحكومة موافقتها لبناء 1600 وحدة سكنية استيطانية في الحي اليهودي من المدينة. وأصيب عنصر أمن إسرائيلي بالرصاص مساء امس في حي رأس العامود، فيما أصيب 14 آخرون من جراء الرشق بالحجارة خلال المواجهات على ما قالت الإذاعة الإسرائيلية، في حين اطلق مجهولون قنبلتين حارقتين في حي سلوان العربي في القدسالشرقية، بحسب الشرطة الاسرائيلية. وتصعيدا للإستفزازات، نشرت جماعة "نادي جبل الهيكل" اليهودية المتطرفة، على موقعها الإلكتروني، صورة لحجرين قالت: إنهما حجرَي أساس للهيكل المزعوم سيتم نقلهما اليوم (امس) إلى حيث سيبنى الهيكل" على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، مكتوب عليهما عبارة: "نصعد إلى الهيكل بدولة إسرائيل، ونبني البيت المقدس الثلاثاء". كما كتبت نفس العبارة في الدعوات التي وزعت لحضور افتتاح "كنيس الخراب" اول من امس قرب الأقصى، وأرفقت الدعوات بعبارات توراتية تؤكد أن الصعود إلى جبل الهيكل واجب ديني على الجميع المشاركة فيه، لما للمكان من "قدسية عند الرب". كما دعت جماعات يهودية متطرفة في القدس، السكان غير اليهود بمغادرة ما أسمته "أرض إسرائيل". وقالت الجماعات المتطرفة، في بيان وزعته في شوارع القدس: "مكتوب في التوراة أيضًا بأن أرض إسرائيل هي الأرض الصغيرة هي ملك للشعب اليهودي فقط، ومن الممنوع سكن غيرهم فيها بصورة دائمة" و"مكتوب أيضًا في أسفار الأنبياء أنه بسبب عدم قيامنا بهذا الأمر الإلهي، الشعب اليهودي طرد وبقي خارج بلاده 2000 سنة. الآن بعد عودة الشعب اليهودي إلى إسرائيل حان الوقت أن يقوم شعبها بتنفيذ هذا الأمر الإلهي، وبذلك نطلب منكم مغادرة أرض إسرائيل، لنضمن السلام في هذه الأرض نحن نشرح لكم المقولات التوراتية والقرآنية لهذا..". واستشهد البيان بآيات قرآنية، كما استشهد بنصوص من التوراة. وقال البيان :"بعدما رأيتم الأقوال السماوية، ولأن الدين الإسلامي هو دين أخلاقي، فلديكم بلدان واسعة يمكن السكن فيها، وتفهمون بأن علينا القيام بالأمر المكتوب في التوراة، ونقترح أن تتفاوضوا مع إسرائيل لتعوضكم ماليًا". وفي السياق ذاته، قال قائد الشرطة الإسرائيلية في منطقة القدس أهرون فرانكو إنه سيتم السماح لجماعات اليمين المتطرف بتسيير مسيرة في حي سلوان الفلسطيني المحاذي للبلدة القديمة، مشيرا إلى أنه قبل المسيرة التي ستجري يوم الأحد المقبل سيتم التداول مرة أخرى في الموضوع. وقال كوهين إن "جبل الهيكل يشكل تحديا وطنيا ودوليا ولكل حدث انعكاسات هامة على الأحداث ومهمتنا هي الحفاظ على الهدوء النسبي". وأضاف أنه "في هذه الأثناء وفي الفترة الأخيرة ثمة مؤشرات تدل على أنه كانت هناك وستكون محاولات للإخلال بالنظام في منطقة جبل الهيكل ولذلك تأهبنا بشكل مكثف وبما في ذلك اليوم من أجل إتاحة حرية العبادة".