اهتمت الصحف العربية الصادرة اليوم الثلاثاء بعدد من القضايا العربية الآنية، في مقدمتها تطورات الملف الفلسطيني وانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، فضلا عن أحكام الإعدام التي صدرت أمس من طرف محكمة مصرية في حق عدد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين. فقد واصلت الصحف الأردنية اهتمامها بملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، متوقفة عند ردود الفعل الإقليمية والدولية إزاءها، والتي قد تؤدي إلى فشلها. وهكذا كتبت صحيفة (الغد)، أن ردود الفعل الدولية والإقليمية والعربية على اتفاق المصالحة الفلسطيني لم تكن لتغيب عن ذهن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي كان يدرك قبل توقيع الاتفاقية في غزة أن أمريكا ستعترض، وإسرائيل ستعاقب "السلطة"، وأن دولا عربية رئيسة فاعلة لا تروق لها عودة حركة حماس إلى المشهد الفلسطيني. واعتبرت، في مقال بعنوان "المصالحة الفلسطينية.. هروب إلى الأمام"، أن "عوامل فشل المصالحة ليست داخلية، فلسطينية فحسب، بل دولية وعربية"، مشيرة إلى أن "أمريكا تلوح بعقوبات اقتصادية، وإسرائيل قررت وقف تحويل حقوق السلطة من أموال الضرائب والرسوم. والمؤكد أن دولا عربية أبلغت "السلطة" أنها لن تتعامل مع وزراء حركة حماس في الحكومة". من جهتها، كتبت صحيفة (السبيل)، تحت عنوان "إعادة الوحدة الفلسطينية الرد على نتنياهو"، أن ردود فعل الإسرائيليين، وعلى رأسهم نتنياهو، والمتمثلة في تصعيد التهديدات ضد رئيس السلطة وضد حركة فتح، وتخييرهم بين السلام مع إسرائيل وبين المصالحة مع حماس، فهذا يتطلب ردا حازما وحاسما، كما يتطلب رص الصفوف لمواجهة كافة أشكال الضغوط والسياسات تجاه الشعب الفلسطيني. وقالت إنه "يجب على الإدارة الأمريكية بوجه الخصوص أن تتراجع عن تصريحاتها بأن المصالحة مع حماس لا تفيد عملية السلام. من جانبها، اعتبرت صحيفة (الدستور) أن "السلطة الوطنية الفلسطينية تبدو هي الرابح من المصالحة، باعتبار أنها لن تخسر كثيرا، سوى الغضب الإسرائيلي، والعتب الأمريكي من التقارب الظاهري مع حماس، والذي تم التعبير عنه صراحة". وتناولت الصحف القطرية بدورها التحديات التي تنتظر الفلسطينيين عقب تحقيق المصالحة الوطنية حيث دعت صحيفة (الراية ) الدول العربية إلى أن تحول دعمها المعنوي للشعب الفلسطيني إلى دعم مادي وعيني، مؤكدة أن التحرك العربي الجماعي، ومن خلال مجلس وزراء الخارجية العرب لدعم المصالحة الوطنية الفلسطينية، "أصبح ضرورة ملحة خاصة في ظل الضغوط الإسرائيلية التي شملت فرض عقوبات اقتصادية ووقف مفاوضات السلام". وشددت الصحيفة على أن المطلوب هو تحويل دعم الجامعة العربية الذي أعلنه مجلس المندوبين الدائمين أمس للمصالحة الوطنية الفلسطينية، والذي جاء تنفيذا لاتفاق القاهرة في الرابع من ماي من سنة2011، وإعلان الدوحة 2012 إلى "قرارات عربية تكون غطاء سياسيا ودعما ماليا للفلسطينيين، ليس للسلطة الوطنية فقط وإنما لجميع الفلسطينيين خاصة أهل غزة المحاصرين، باعتبار أن تسريع الدعم يشجع الأطراف الفلسطينية على الالتزام ببنود المصالحة، ومن ثم الشروع في تشكيل حكومة التوافق الوطني وتفويت فرصة الضغوط الإسرائيلية". واهتمت الصحف القطرية، من جهة أخرى، بالتطورات التي يشهدها الوضع في مصر خاصة بعد صدور أحكام بإعدام عدد من أنصار جماعة الاخوان المسلمين، حيث اعتبرت صحيفة (الشرق)، من خلال افتتاحيتها، أن "الحكمة تقتضي العودة الى روح مصر وحضارتها وتاريخها وإرثها، وإلى الحوار لأن منطق القوة يجر إلى دوامة لا نهائية من الفوضى الشاملة، وهذا ما يخشاه الجميع". وفي قراءة استباقية للمشهد السياسي في العراق عقب الانتخابات البرلمانية التي تشهدها البلاد حاليا، رأت صحيفة (الوطن) أن على رئيس وزراء العراق، نوري المالكي، في حال فوزه بهذه الانتخابات، "تغيير سياساته التي أثبتت على مر تاريخ العراق أنها تتعارض كليا مع تركيبة ذلك البلد متعدد الطوائف والمذاهب والأعراق". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها "إن القادة الكبار في أي دولة متعددة الطوائف والأعراق يعملون جاهدين على لملمة كل المكونات المتباينة على أسس من الفهم العميق والانحياز المطلق لدولة المواطنة التي هي أعظم ما اكتشفه العقل الإنساني للمحافظة على الكيانات المتعددة". وتركز اهتمام الصحف اللبنانية على موضوع الانتخابات الرئاسية، وذلك من خلال الدورة الثانية لجلسة مجلس النواب التي ستنعقد غدا الأربعاء لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في ال25 ماي المقبل. وهكذا، كتبت (الأخبار) قائلة "جلسة مجلس النواب غدا لانتخاب الرئيس الجديد، بنتائجها المتوقعة، ليست سوى مكملة لجلسة الأربعاء المنصرم. وستكون هذه حال الجلسات التالية أيضا إلى أن يحدث أمر ما، أو يصل الاستحقاق إلى ما يتوقعه له رئيس المجلس نبيه بري، وهو أن ينهك المرشحون المعلنون وغير المعلنين بعضهم بعضا، ويتعبون من الاستحقاق ومن أنفسهم فيتهاوون". أما (المستقبل) فأشارت الى المؤتمر الصحافي الذي عقده مرشح قوى الرابع عشر من آذار رئيس حزب (القوات اللبنانية)، سمير جعجع، موضحة أن هذا الأخير "انتقد (عشوائية) استخدام فريق 8 آذار لحق الاقتراع بÜ (ورقة بيضاء)" في الدورة الأولى من جلسة مجلس النواب الأربعاء الماضي، مشددا على كون هذا الفريق استخدم هذا الحق في الدورة الأولى "لتعطيل الانتخابات وصولا إلى المقاطعة في الدورة الثانية". وذكرت بمطالبة جعجع قوى 8 آذار "باختيار مرشح لها إلى رئاسة الجمهورية وطرح برنامجه" تمهيدا لحصول عملية الانتخاب"، محذرا في المقابل من أن "الاستحقاق الرئاسي في خطر...قد نصل إلى الفراغ". وسلطت الصحف المصرية الأضواء على أحكام الإعدام والسجن المؤبد التي أصدرتها أمس محكمة الجنايات بمحافظة المنيا (صعيد مصر) في حق عدد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين من ضمنهم مرشد الجماعة محمد بديع. فتحت عنوان "أوراق بديع و682 إخوانيا أمام المفتي"، أوردت يومية (الأهرام) الأحكام الصادرة عن جنايات محافظة المنيا في القضية المعروفة باسم "أحداث مطاي" والتي قضت بإعدام 37 متهما، والحكم بالمؤبد على 492 آخرين، مشيرة إلى أن هناك "ترحيبا شعبيا بردع الإرهاب والجماعة تهدد بحرق مصر". وخصصت صحيفة (المصري اليوم) المقال الرئيسي في صفحتها الأولى، والذي حمل عنوان "إحالة أوراق بديع و682 إخوانيا للمفتي"، لهذه القضية ،حيث أفادت بأن القاضي استجاب في هذه النازلة لرأي المفتي وخفف أحكام الإعدام على 491 متهما، كما أوردت اليومية أن النائب العام المصري طعن في الحكم. وخصصت صحف (الشروق) و(الأخبار) و(اليوم السابع) و(الوطن) و(الجمهورية) مقالاتها الرئيسية لذات الموضوع معززة بصور لأهالي المتهمين المدانين وهم يرفعون عقيرتهم بالبكاء والصراخ بعد أن بلغ إلى علمهم خبر الإدانة بالإعدام والمؤبد. وتناولت صحيفة (الرأي العام) السودانية بدورها هذه القضية، مشيرة إلى قرار محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب باقي المدانين بالإعدام، إلى مفتي الديار المصرية. واعتبرت الصحيفة أن "هذه القرارات مهدت الطريق أوعبدته لخطوات الإسلاميين في اتجاه المقصلة، خطوات هي الأثقل مقارنة بثقل خطواتهم يوم دعاهم جمال عبد الناصر لتسليم السلاح إقرارا بحق الدولة في احتكار العنف والسلاح، يومها تباطأت خطوات الإخوان ظنا بأن تسليم سلاح الجماعة يعني توقيع شيك على بياض للناصرية وإلقاء تاريخ الجماعة ومشاركتها في حرب فلسطين داخل صناديق الجيش ومخازنه، ما فجر الصراع مبكرا مع الثورة الوليدة". وانصب اهتمام الصحف السودانية من جهة ثانية حول بعض مظاهر الفساد المالي والإداري التي تم الكشف عنها مؤخرا، حيث كتبت صحيفة (المجهر السياسي) في هذا الصدد أنه "إذا كان من شأن مواجهة كل القضايا التي أثيرت الآن بشأن الفساد المالي والإداري بقانون الثراء الحرام والمشبوه بعد أن تم كشفها بواسطة الحكومة وأجهزتها، وفي ذلك فضيلة ينبغي تسجيلها، أن يقود إلى عودة مليارات الجنيهات إلى الخزينة العامة، فإن تطبيق القانون الجنائي واجب لردع الفاسدين". واعتبرت صحيفة ( الانتباهة ) أن " عدم مثول مرتكبي حالات الفساد التي نشرتها الصحف، أمام القضاء لا يعني غياب القضاء أو عدم قدرته على محاكمة من يقدمه أمامه الجهاز التنفيذي، ولكن يعني عدم الحاجة إليه في بعض القضايا المرتبطة بحقوق المواطنين، ويعني أيضا عدم فراسة كبار المسؤولين الدستوريين في اختيار الموظفين المناسبين. خمسة وعشرون عاما لم تنجح الحكومة فيها في أن تقنع المواطن بأنها جديرة بحماية حقوقه". وتطرقت صحيفة (التغيير) من جديد لموضوع المفاوضات المتواصلة بأديس أبابا حول النزاع الخاص بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مبرزة أن استمرار تباعد مواقف حكومة الخرطوم والحركة الشعبية (قطاع الشمال) دفع بالمجتمع الدولي إلى التحرك في محاولة للضغط على الطرفين لتسريع الخطى من أجل الوصول إلى اتفاق، وأن قطاع الشمال سيستفيد من هذا التدخل لأن الحكومة هي من أعطت الذرائع القانونية على طبق من ذهب بعد تنصلها من عدد من الاتفاقيات في هذا الصدد.