احتفت أخيرا جامعة "الأخوين" الشهيرة بمرور 15 عاما من التأطير والابتكار. ويقول مسؤولو هذه المؤسسة المغربية إن "الأخوين" أصبحت الآن تنافس كبرى الجامعات العالمية وتساهم في إمداد المغرب بكفاءات مهنية عالية في مختلف المجالات. واستطاعت جامعة "الأخوين"، التي حددت التميز كهدف رئيسي لها، أن تطور خبرتها وعرضها الجامعي وفق تغيرات السوق. وتعد هذه إحدى نقاط القوة في الجامعة، مع كونها فضاء للتعلم والحياة معا. فطلاب الجامعة (1500 طالب هذه العام) يطلب منهم أيضا الاندماج في محيطهم والاستثمار في مكان عيشهم. وقد أثمر هذا تكوين الطلبة لعدد من الجمعيات التنموية التي انخرطت في العديد من المشاريع والأنشطة الاجتماعية في مناطق مختلفة من المغرب. الجامعة تكسوها ثلوج الشتاء وقليلون يعرفون أن جامعة "الأخوين" التي تعد من أهم المراكز العلمية بل هي تنافس كبرى الجامعات العالمية، هي نتاج لأخوة سعودية مغربية صادقة عميقة. وأصل التسمية في الواقع يعكس عمق هذه العلاقة والتي كانت السبب المباشر في تأسيس جامعة "الأخوين". ف"الأخوين" أو "هارفارد العربية" كما تسميها وسائل الإعلام الأجنبية تأسست بمبادرة من العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني وبدعم من الملك الراحل فهد بن عبد العزيز في 25 يوليو سنة 1992. أما قصة تأسيس هذه الجامعة المتميزة بموقعها الجغرافي وهندستها المعمارية الفريدة وتجهيزاتها الحديثة فتدل لوحدها على قوة الأخوة التي تربط المملكتين المغربية والسعودية. ففي بداية التسعينيات، أدى انفجار ناقلة نفط إيرانية قرب السواحل المغربية إلى تسرب كميات هائلة من النفط، وقد كاد ذلك أن يتسبب في كارثة بيئية كبيرة، دفعت الملك فهد بن عبد العزيز إلى التعجيل بمنح المغرب 50 مليون دولار لاتخاذ الإجراءات اللازمة لأجل تفادي هذه الكارثة. لكن شاءت الألطاف الإلهية أن تتحرك رياح قوية وتدفع ببقع الزيت النفطية نحو أعالي البحار بعيدا عن السواحل المغربية. مسجد الجامعة وبرغم زوال الخطر، ونظرا أيضا للعلاقة الأخوية المتينة التي كانت تربط الملكين فهد بن عبد العزيز والحسن الثاني، فإن خادم الحرمين الشريفين لم يقم باسترجاع ذلك المبلغ. وقد ذكر مؤرخ المملكة المغربية الأستاذ محمد عبد الوهاب بن منصور أن الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله حينما اطلع على نية ملك المغرب الحسن الثاني بإنشاء جامعة عالمية تكون رأس الرمح السلمي والثقافي والتثقيفي لجميع اللغات وجميع الأجناس، قرر أن يساهم بذلك المبلغ في هذا المشروع الثقافي. ومن هنا جاءت التسمية، "الأخوين"، التي أطلقت على الجامعة نسبة إلى المملكتين السعودية والمغربية اللتين تربطهما علاقة أخوية متينة. يتلقى بجامعة الأخوين حوالي 1500 طالب ينحدرون من 17 دولة ويعتنقون مختلف الديانات، وتعد الإنجليزية هي لغة التدريس بالجامعة. أما الاختصاصات فمتنوعة، وجودة التعليم بلغت درجات عالية بشهادة اختصاصيين عالميين، وخريجو الجامعة في الغالب ما يحصلون على أماكن عمل ذات طابع دولي. وتقع "الأخوين" عند السلسلة الأطلسية بمدينة إفران المعروفة بنقاء هوائها وهدوئها المتميز وطبيعتها الخلابة حتى باتت تعرف لدى السياح الأجانب باسم "سويسرا المغرب". وهواء هذه المدينة الصحي وبعدها عن كل أسباب التلوث، بحيث لا يكاد يوجد بها مصنع واحد، ثم وجودها أيضا على مرتفع جبلي، كل ذلك يساعد الوافد عليها في العثور على صفاء ذهنه وراحة نفسه وصحة بدنه. ولعله لهذه الأسباب، يلجأ إليها العداؤون ولاعبو الكرة والرياضيون عموما لإقامة معسكراتهم الرياضية. فلا عجب إذن أن يتم اختيارها لتأسيس جامعة عالمية من طراز "الأخوين" هدفها تخريج الأطر والكوادر العالمية. *الرياض السعودية